في إطار ما سمي بمؤتمر الإنقاذ الوطني السوري عقد في إسطنبول اجتماع لمجموعات معارضة سورية حاولت جمع أكبر طيف من المعارضة بهدف توحيد صفوفها وكلمتها والخروج بتشكيل نهائي وحيد يمثل المعارضة السورية في الداخل والخارج. وترأس الاجتماع الدكتور هيثم المالح وشكل شباب الإخوان المسلمين جزءاً من لجانه التحضيرية، وعلى رغم منع السلطات السورية عقد الجزء الخاص من المؤتمر في دمشق، تم التواصل مع عدد من المعارضين في الداخل عبر الهاتف والإنترنت بينهم مشعل تمو وغسان النجار. وعبر هؤلاء عن دعمهم للمؤتمر وتوكيله باتخاذ ما يراه مناسبا من قرارات باسم معارضة الداخل، وهي سابقة ميزت الاجتماع عن سابقيه اللذين عقدا في بروكسيل وانطاليا. وعلى رغم بداية الاجتماع بداية قوية حيث أكد منظموه على أن الاتفاق مسبقاً على أجندته وخطواته بل وحتى على أسماء أعضاء المجلس التأسيسي الذي ينبثق منه، إلا أن الخلاف ما لبث أن دب بين صفوف المجتمعين بعد أن نبه الدكتور برهان غليون الذي يحضر للمرة الأولى مؤتمراً من هذا النوع لكن بصفة مراقب من مغبة السعي الى تشكيل مجلس تأسيسي يتحدث باسم جميع المعارضة السورية أو تشكيل حكومة ظل تسعى لاعتراف دولي، مشيراً الى أن لا أحد يستطيع أن يمثل جميع المعارضة السورية واقترح تشكيل لجنة تنسيقية عن المشاركين في المؤتمر تعمل مع اللجان الأخرى التي انبثقت من ما سبق من مؤتمرات. وبدا الخلاف واضحاً بين تيارين طغيا على المؤتمر، حيث سعى التيار المنظم الى حسم أي احتمال للحوار مع النظام السوري وقطع الطريق عليه، من خلال الشروع في تشكيل مجلس تأسيسي وحكومة بديلة والبدء في الاتصال مع الدول الأجنبية للحصول على اعتراف دولي. وبين تيار يرى أن الوقت ما زال مبكراً لذلك وأن النظام ما زال قوياً وأن المعارضة السورية لم تنضج بالمستوى الكافي لكي توحد كلمتها ومشاريعها. وقال أنس العبده ممثل إعلان دمشق في الخارج والذي حضر بصفة مراقب إن الأهم الآن هو التركيز على دعم الثورة على الأرض وإذكائها ومن المبكر الحديث عن حكومات بديلة، وأن طرح مشروع المجلس التأسيسي دفع عدداً من المعارضين للحضور بصفة مراقب من دون المشاركة رسمياً في المؤتمر. وشهد المؤتمر انسحاب عدد من المشاركين الأكراد البارزين بحجة تهميشهم وعدم إعطائهم الوقت الكافي للحديث وعدم إشراكهم بما يكفي في صياغة البيان الختامي ووثيقة إعلان المبادئ الوطنية التي جرى العمل عليها. وعلى رغم أن المفاوضات والاستعدادات استمرت ثلاثة أيام للتحضير سياسياً للمؤتمر إلا أن بعض الحضور اتهم الجهة المنظمة بالانفراد في الإعداد والتحضير وعدم إعطاء الفرصة الكافية لبقية المدعوين لمناقشة أجندة المؤتمر. في المقابل أشار جزء من المشاركين والمعدين للمؤتمر الى أن هناك جزءاً من المعارضة السورية ما زال يراهن على الوصول الى حل وسط مع النظام السوري من خلال الضغط عليه دولياً وداخلياً، وأن ذلك خطأ كبير يجب تصحيحه بأسرع وقت والانتهاء من هذه القضية وحسمها خصوصاً مع رفض الشارع المنتفض لفكرة الحوار. وقال الناشط الكردي مشعل التمو في مداخلة هاتفية من دمشق مع «فرانس برس» إن «النظام فقد شرعيته. لا يمكنه أن يبقى في الحكم بعد الدماء التي سالت، عليه أن يلبي مطالب المعارضين ويتنحى عن الحكم بطريقة سلمية». فيما قال المعارض هيثم المالح لفرانس برس إن قوات الأمن السورية «قتلت (الجمعة) 19 كما سقط مئات الجرحى واعتقل مئات آخرون والسلطات ما كانت لتسمح بعقد أي اجتماع» في دمشق لمعارضين يعيشون في الداخل. وأضاف المالح إن النظام السوري «يواصل خداع المواطنين والعالم... لقد ألغى حال الطوارئ لكن القانون (الجديد) الذي فرضه أسوأ. لا يحق له منع اجتماع سلمي». وتحدث المالح عن «2000 قتيل و1500 مفقود واعتقال 15 ألف شخص» منذ انطلاق الاحتجاجات. وقال المالح: «لدينا خطة تعبر عن وجهات نظرنا للمستقبل وللتغييرات في سورية من أجل نظام حر وديموقراطي. سنرى ما إذا كان لدى أحد ما اعتراضات وسنقوم بالتصحيحات المعقولة». وأضاف: «ثم سنصوت (لتشكيل) مجموعة من 15 شخصاً تقريبا سيواصلون التحرك خارج سورية... سنتصل بمن هم في داخل وخارج سورية». وبحسب بيان للمنظمين، فان هذه «الهيئة للإنقاذ الوطني» ستتألف من «ممثلين للمعارضة» ومن «شباب الثورة». وتراجع المشاركون عن الجزء الثاني من مشروعهم الذي يتناول تشكيل «حكومة ظل» بعد انتقادات طاولتهم في شأن الصفة التمثيلية للمؤتمر. وقال برهان غليون لفرانس برس: «هنا، من يعقد الاجتماع هو التيار الإسلامي، الكثير من التشكيلات الإسلامية - الإخوان المسلمون وآخرون أيضاً - يحاولون الالتقاء والانتظام والتموضع في عملية تتغير باستمرار». واضاف «البعض كانوا ينوون تشكيل حكومة موقتة إلا أن هذا الأمر لا معنى له اليوم، انه سابق لأوانه، الجميع يعارض ذلك. لقد خففوا كثيراً سقف مطالبهم: الخروج بلجنة متابعة لإكمال المحادثات مع التشكيلات الأخرى في المعارضة». وشدد المعارض السوري علي صدر البينوني في مداخلة له على أنه على المجتمع العربي والدولي وقف استباحة الدماء السورية، لافتاً الى أنه «نريد ثورة لإقرار المساواة والعدالة والأخاء وليس الانتقام». فيما أكد غليون خلال كلمة له على وحدة صف المعارضة وعدم وجود انقسام في ما بينها، معتبراً أنه لا يمكن العمل في إطار النظام الحالي بأي شكل من الأشكال. وأشار غليون الى أنه «لا يمكن لمن شن الحرب على شعبه أن يكون رجل السلام». في المقابل شهدت الحدود السورية التركية تظاهرة غريبة، حيث خرج عدد من الأتراك للتظاهر ضد نظام بشار الأسد بالقرب من بوابة باب الهوا الحدودية مع حلب، إلا أن عشرات من سائقي الشاحنات التركية والقوميين الأتراك خرجوا ضد تلك التظاهرة واشتبكوا معها قائلين إن انتقاد النظام السوري يعود سلباً على تجارتهم بسبب تضييق السلطات السورية الخناق على التجارة مع تركيا وسائقي الشاحنات. وقال أحد سائقي الشاحنات التركية إن «جنودنا يقتلون يومياً بيد المسلحين الأكراد فيما نتظاهر نحن ضد نظام دولة جارة فأين المنطق في ذلك وأين المصلحة».