ناقش القاضي في محكمة تيماء الشيخ إبراهيم الصايع مفهوم الخصومة شرعاً، إذ عرفها بأنها الموقف الذي ينشأ بين طرفين أو أكثر عند حصول خلاف على أمر حقوقي أو جنائي او غير ذلك ويتم رفعه للحاكم (القاضي) للفصل فيه. ثم بين أن الخصومة لها العديد من الآداب التي يجب على المتخاصمين أن يتمثلوا بها أو يتمسكوا بشأنها، بين أهمها ترك الفجور، الذي يعني جعل الباطل حقاً والحق باطلاً. تلا ذلك استعراض العنصر الثاني الذي يتمثل في احترام مجلس الحكم والذي يعني احترام وتقدير القاضي واعانة له على حسن الاستماع للخصمين وتوفير للجو المناسب للنظر في الدعوى وتمحيص البيانات. كما استعرض الصايغ الصدق في القول وتجنب الكذب والذي اعتبره من صفات المؤمنين والعمل بعكسه من صفات المنافقين. بعد ذلك تطرق الى العنصر الرابع الذي يتمثل في تجنب الغضب وأسبابه حيث أشار إلى أن الغضب يُخرج الانسان عن حالته الطبيعية وعن طوره ويتكلم بالسوء وربما اعتدى باليد والسلاح. عقب ذلك أشار المؤلف الى احترام المواعيد لأنه عنصر من أهم عناصر آداب المخاصمة وهي الاهتمام بمواعيد الجلسات المحددة من المحكمة وعدم التخلف عنها إلا بعذر مقبول، وأشار إلى أن على كلا الخصمين احترام الوقت والمواعيد والحضور المبكر وعدم قصد الاضرار بالآخر. بعد ذلك استعرض الكاتب العنصر السادس الذي تمثل في التحذير من اليمين الغموس والذي عبر عنها باليمين الكاذبة التي تغمس صاحبها في النار متطرقاً إلى أن أداء اليمين يتطلب أموراً عدة، هي: 1 – أن اليمين لا تؤدّى إلا بعد طلبها من أحد الخصمين. 2 – ترك اللجاج في اليمين ويقصد به التمادي في أداء اليمين والاكثار منه ولو تبين خطأه. 3 – اليمين على نية المستحلف وليس الحالف. 4 – ينبغي للمحلوف له أن يصدق الحالف ويرضى بحلفه. 5 – ترك الجدال والمراء. وأضاف المؤلف العنصر السابع من آداب الخصوم والذي عنونه بالحذر من المماطلة حيث فسرها إلى المماطلة والتطويل في الاجراءات لتأخير البت في القضية فيستغل ما يعتبره ثغرات في الأنظمة والتعليمات للإضرار بخصمه وتأجيل البت في القضية من دون وجه حق. وأكمل فضيلته آداب الخصومة في العنصر الثامن الذي وصفه بحسن اللباس والمظهر للمتحاكمين حيث أكد على حسن اللباس والمظهر والتنظف. ثم استعرض المؤلف العنصر التاسع الذي عبر عنه بحسن الكلام والمنطق والذي اعتبره دلالة على رجاحة العقل وقوة في الحق مستدلاً بقوله تعالى: (وقولوا للناس حسناً). وأشار إلى ترك السخرية والاستهزاء عنصراً من عناصر آداب الخصومة واصفاً هذا العنصر بأن الخصم يلجأ إلى السخرية والاستهزاء بخصمه ووصفه بصفات قبيحة أو يعيره بالفقر وبالجهل أو لشيء في خلقته. وتطرق إلى جملة من الآداب الأخرى وهي السماحة واللين وحسن الاستماع والستر وعدم إبداء السوءات إضافة إلى الدعاء والحذر من شهادة الزور وسلامة الصدر وترك اللدد في الخصومة. تنمية الثقافة القضائية وفي شأن متصل نشرت الدورة الصادرة عن وزارة العدل أخيراً كتاب «جهود وزارة العدل في تنمية الثقافة القضائية» للقاضي في تيماء أيضاً الشيخ محمد بن إبراهيم الصائغ، الذي بين أن مضمون مفهوم الثقافة القضائية تتكون من عنصرين أساسين يتمثل الأول في معرفة صحيحة يكتسبها الفرد من خلال الإطلاع الشامل على الأنظمة والتعليمات والأحكام القضائية أو من خلال تخصص الفرد في الجانب القضائي والبحث في أحكامه وأنظمته. كما ذكر الكتيب العنصر الأساسي الثاني والذي تمثل في التربية على السلوك الصحيح الذي ينسجم مع تعاليم الإسلام وأحكامه. واعتبر الصائغ أن الثقافة القضائية سلاح وعتاد يستخدمه الفرد الواعي في مواجهته للكثير من تغيرات الواقع ومتطلبات الحياة المتجددة والمختلفة وما للثقافة القضائية من شأن في علاج الكثير من المشكلات أهمها التقليل من الجرائم وهو عامل يوضح أن الثقافة القضائية تسهم في تقليل معدلات ارتفاع الجريمة سواء كانت حقوقية أم جنائية وأن الثقافة القضائية تمكن الفرد من وعي كامل لمعرفة حقوقه وواجباته وأن الشخص من خلال الثقافة القضائية يدرك العقوبات المترتبة على فعلته وبالتالي سيفكر أي شخص لديه ثقافة قضائية في عواقب الأمور التي لا تحمد عقباها في معظم الأحيان. كما أوضح أن العامل الثاني من عوامل أهمية الثقافة القضائية تمثل في اختصار الوقت والجهد وان من يمتلك ثقافة قضائية يكون على دراية ومعرفة بالجهة القضائية التي يمكن أن يحتكم إليها. واعتبر أن حفظ الحقوق هو أحد العناصر المهمة التي تنتج من الثقافة القضائية حيث يعود ذلك إلى دور كبير في مساعدة رجال الأعمال والتجار وغيرهم في حفظ حقوقهم حيث أفاد بأن من لديه معرفة بصياغة العقود وكتابة الإفراغات ووضع الشروط يكون قد حفظ حقه من الضياع. كما جاء أن التنمية والتطوير من العوامل التي تبرزها أهمية الثقافة القضائية وذلك من خلال ما تستعرضه الثقافة القضائية من جذب للمستثمرين وسهولة التحاكم والعمل على راحة القاضي والمحكمة حيث الحكم بسهولة تامة بين المتحاكمين وأكمل بأن الثقافة القضائية لدى أي من الأفراد تبعث الطمأنينة والراحة. ثم بين أحد العوامل التي تنتج من الثقافة القضائية والذي يتمثل في علاج الظواهر الاجتماعية السلبية، وذلك من خلال علاج الظواهر التي تنتشر في المجتمع والعمل على تسريع عجلة الإصلاح. وأشار إلى أهم الوسائل التي اتخذتها وزارة العدل لتنمية الثقافة القضائية ومنها: - إصدارات الوزارة والتي شملت (مجلة العدل - مدونة الأحكام القضائية - التصنيف الموضوعي لتعاميم الوزارة في أربعة مجلدات – والأنظمة واللوائح والتي احتوت على مجلد يحتوي على الأنظمة واللوائح المهمة في القضاء وكتابات العدل. كتاب كشاف القناع- طباعة الأنظمة القضائية والتي احتوت على الكثير من الأنظمة منها المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية والمحاماة ). - موقع الوزارة على الإنترنت وهو موقع الكتروني على الشبكة العنكبوتية يتحدث عن كثير من الأمور التي تخص الشأن العدلي ويحتوي على كثير من الروابط للبحث فيها والاستفادة منها. - البرنامج المرئي في رحاب العدل والذي يأتي تكاملاً مع الوسائل الإعلامية والذي سبق عرضه في فترة سابقة. - الهاتف التفاعلي الذي خصصته الوزارة للرد الآلي الذي أعدته وطورته الإدارة العامة للحاسب الآلي. - المؤتمرات والندوات التي تقوم بها الوزارة والتي تعنى بمواضيع مختلفة ومتعددة في الجانب العدلي والقضائي. - البيانات والردود الصحافية التوضيحية التي تصدر في الإعلام من اجل الرد على جميع الاستفسارات التي تهم الجمهور. - النشرة العدلية والتي تصدر عن إدارة الإعلام والنشر بالوزارة وتضم الأخبار والتحقيقات والتقارير التي تختار بعناية من متخصصين في هذا الشأن. - هاتف المعلومات والذي قدمت من خلاله الوزارة الكثير من المعلومات التي تهم المراجعين للدوائر الشرعية وهو هاتف مجاني. ثم ذكر الجهود المشكورة التي تقوم بها وزارة العدل ممثلة في وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى والتي تعمل دائماً على رفع معدل الثقافة القضائية في المجتمع بأكمله. يذكر أن مجلة العدل ستصدر ضمن هذه السلسلة عدداً من الكتيبات المعنية بنشر الثقافة العدلية عبر إهدائها مرفقة بأعداد المجلة الدورية.