زراعة البن .. إرث أصيل ومحصول واعد    الأمطار .. الثروة المهدرة    زمن السيارات الصينية    بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب وهافانا ترحب    الاحتلال يواصل رفض وصول المساعدات إلى غزة    "سلمان للإغاثة" يحلق عالمياً    ولي العهد ورئيس البرازيل يبحثان تطوير العلاقات    برينتفورد يفرض التعادل على مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي    يا رجال الفتح: كونوا في الموعد    في انطلاق الجولة ال 15 من دوري روشن.. ديربي يجمع الشباب والرياض.. والأهلي ضيفًا على الخلود    من أعلام جازان.. الشيخ الجليل ناصر بن خلوقة طياش مباركي    مجلس الوزراء: تشكيل لجنة مركزية دائمة للجهات الأمنية في المنافذ الجمركية    مجلس الوزراء يشيد بالمشاركة الدولية في الاجتماعات الوزارية بشأن سوريا    صراع «الفاشنيستا» تديره فَيّ فؤاد    الدبلوماسي الهولندي ما رسيل يصف بعض جوانب الحياة في قنا حائل    ابو قلبٍ مريح    أمريكا والتربية    م ق ج خطوة على الطريق    احتفاء ب"الحرف اليدوية"    مفوض الإفتاء في جازان يحذر من خطر الجماعات المنحرفة خلال كلمته بالكلية التقنية بالعيدابي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح» مؤتمر ومعرض الحج 2025»    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    «الغذاء والدواء»: الجنسنغ بجرعات عالية مضر بالصحة    الدكتور علي مرزوق إلى رتبة أستاذ مشارك بجامعة الملك خالد    المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    إشعار بزيادة الإيجار!    "البارقي" نائبًا لمجلس إدارة رانج    أنسنة متنزه رغدان    شعب طموح + دولة مبدعة = لا مستحيل    هل انتهت كرة السلة في المدينة المنورة ؟!    النهاشي يواجه أسطورة تايلاند على حزام «الكيك بوكسينغ» العالمي    أفكار قبل يوم التأسيس!    انطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين" غدًا في جازان    نادر عبدالجليل.. يُتوج ببطولتَي المملكة في «الملاكمة التايلندية» و«كونغ فو ساندا»    إشادة برلمانية بالمبادرات السعودية في التعامل مع الأزمات    مفوض الإفتاء في جازان: التحذير من الجماعات المنحرفة كالإخوان والسرورية والتبليغ حماية للمجتمع    ألمانيا.. بين دعم السلام والأسلحة الفتاكة!    المملكة جسر الأمل لسوريا الجديدة    الرياح العاتية تهدد لوس أنجلوس بإشعال حرائق مدمرة جديدة    اتفاق مرتقب لوقف إطلاق النار في غزة بين الآمال والعقبات    القبض على امرأتين لترويجهما الحشيش والشبو في جازان    البيان الختامي للاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    إطلاق 134 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية نيوم الطبيعية    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لانجازات واعمال فرع وزارة التجارة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير جمعية الثقافة والفنون بالطائف    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة السماري    البسامي: أمن ضيوف الرحمن ركيزة أساسية عند إعداد الخطط الأمنية    محافظ الأحساء يستقبل المدير الجديد لشركة stc    في إنجاز طبي سعودي.. ابتكار تقنية طبية متطورة لعلاج أمراض فقرات الرقبة بعد 7 سنوات من التطوير    وزير الخارجية يجري اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية الجزائري    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع المركز الوطني للرقابة على الإلتزام البيئي    المجموعة الاستشارية للأشخاص ذوي الإعاقة تعقد اجتماعها الثاني للدورة الثانية    مركز الأمراض الوراثية والاستقلابية يحصل على الاعتماد كمركز متخصص من الفئة (أ)    الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية لمواجهة جدري القردة في سيراليون    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطياف الفساد وديكتاتورية بن علي تلاحق القضاء والعدالة في تونس
نشر في الحياة يوم 06 - 07 - 2011

لا تبعث على الدهشة مواجهة القضاء التونسي مشكلات تشبه تلك التي واجهتها دول في طور الانتقال الى الديموقراطية مثل الشلل المؤسساتي وضعف ثقة الناس في المؤسسات، والافتقار الى التمويل. يقول وحيد فرشيشي، أستاذ القانون العام. وخلصت دراسة يستشهد بها كثر الى أن القاضي التونسي يتقاضى أدنى الرواتب في العالم، ويحل في لائحة تصنيف الرواتب وراء القضاة البنغلادشيين. ويدرك المرء حين يتناهى إليه أن 25 في المئة من الدول التي مرت في مرحلة انتقال ديموقراطي بلغت البر (بر الديموقراطية) في العقود الأربعة الماضية، يدرك أن تونس تواجه تحديات كبيرة.
وليس ثمة وصفة سحرية لإرساء قضاء انتقالي ينظر في تركة 50 عاماً من غياب القانون وانتهاك الحقوق، ويصالح الشعب مع تاريخه. و «المسؤولية كبيرة وهي ملقاة على عاتقنا كلنا، ويجب أن نساوم ونتفق لنتجاوز الصعوبات. فالقانون وحده لا يكفي لتذليل العثرات، في وقت نفتقر الى المشروعية. وليس كل ما جاء به النظام السابق سيئاً. وإلا وجب علينا الانتحار لأننا أبناء هذا النظام»، يقول فرشيشي.
والحق أن السلطة القضائية في تونس تفتقر الى مقومات السلطة. وهي ليست سلطة فعلاً. فهي لطالما كانت أسيرة هيمنة السلطة التنفيذية. واستقلال القضاء وفصل السلطات، وهما من أركان النظام الديموقراطي منذ الثورة الفرنسية الراسخين في مبادئ الأمم المتحدة، هما أقرب الى الخيال والوهم في تونس. فالقضاة، ويفترض أنهم حماة القانون، تحولوا يد السلطة الضاربة. وهذا كابوس لا يحتمل، يقول القاضي حمدي مزوغي.
وطوال خمسين عاماً ردد النظام في تونس، سواء في عهد بورقيبة أو بن علي، لازمة دولة القانون وسمو القانون والحقوق واستقلال القضاء. ولكن الأمور على أرض الواقع كانت مختلفة. فدستور 1959 أطلق يد السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية، تقول القاضي (ة) ماجدة بن جعفر. وتعديل الدستور في 1967 جعل القضاء مؤسسة سلطة، ولم يرسه سلطة قائمة بنفسها. وأفضت محاولة بعث دولة القانون في 1987 الى «دفن» الجمهورية وتهميش البرلمان. وعلى رغم أن القوانين اتسمت نظرياً بالحداثة، كانت العدالة في غيبوبة، ولم تطبق القوانين. والعدالة التونسية تأخرت عن اللحاق بالديموقراطية والحداثة، وهي تعاني شح التمويل، ونقص القضاة والمحامين. وهي تحتاج حاجة ماسة الى الإصلاح.
ولكن ما السبيل الى إصلاح القضاء وبعث العدالة؟ تبدو العدالة منقسمة الى تيارين: الأول ينساق وراء الضغط الشعبي والإعلامي ويطالب بقضاء اتهامي انتقامي يلاحق «ساحرات» النظام السابق وفلوله ويجيّش المؤيدين على «فايسبوك». وتيار ثان يدعو الى قضاء «عادل وقانوني» غير شعبوي. وصوت التيار هذا خافت، ولا يلقى بال الجماهير.
ومشاركة المحكمة العليا في مناقشة سبل بلوغ أهداف الثورة هي تدخل في اللعبة السياسية. وإنشاء لجنة إصلاح القضاء هو إجراء في غير أوانه. فهو يستبق صوغ دستور جديد يحدد دور القضاء في الجمهورية الجديدة.
ويجمع التونسيون على أن السبيل الى إرساء قضاء مستقل هو إعادة صوغ مكانة العدالة في الدستور وإلغاء قانون 1967 الذي يحول القضاء لعبة في يد السلطة التنفيذية، وتنقيح نصوص القوانين من البنود التي تنتهك حقوق الإنسان، وإنشاء لجان تحقيق في حالات التعذيب، وهو جريمة الادعاء فيها لا يسقط بمرور الزمن.
وحري بالقضاء أن يقاضي نفسه قبل مقاضاة الآخرين، وأن يقتنص الفرصة ويقطع مع ماضيه الذي يشوبه الفساد. وهو فساد لم يتناوله القضاة في مؤتمرهم الأخير، واكتفوا بالكلام عن كون القضاء ضحية نصف قرن من الديكتاتورية. 
* صحافي، عن «بيزنيس نيوز» التونسية، 13/6/2011، إعداد منال نحاس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.