دعت المفوضية الأوروبية أمس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تجاوز خلافاتها حول معالجة أزمة الديون السيادية في اليونان، وأعربت عن ثقتها في التوصل إلى حل وسط لإنقاذ البلاد في لقاء لوزراء المال في الدول الأعضاء بعد غد في لوكسمبورغ، وذلك على رغم إخفاق الوزراء في اجتماعهم الاستثنائي ليل الأربعاء - الخميس في بروكسيل. وحذرت المفوضية من ناحية أخرى البرلمان اليوناني من عدم المصادقة على خطة للإصلاح الاقتصادي، معتبرة الخطة ضرورية لتفادي العواقب الكارثية التي قد تنجم عن إخلال اليونان بالتزاماتها تجاه الدائنين. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي ريهن إن «وزراء المال لدول منطقة يورو سيتخذون قرار صرف القسط الخامس من القروض لفائدة اليونان في بداية تموز (يوليو)». وتتضاعف الأزمة المالية بفعل الجمود السياسي الذي دخلته اليونان على إثر فشل الجهود الجارية من أجل تشكيل ائتلاف بين اليسار واليمين يؤمّن محاوراً يونانياً تطلبه المؤسسات المالية وحكومات الاتحاد. وتجري المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مشاورات مكثفة من أجل الإفراج عن قروض ضرورية لتمكين اليونان من الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه المقرضين. وقال ريهن إن وزراء المال سيبحثون في لوكسمبورغ في «مضمون البرنامج اليوناني وشروط نجاحه وطبيعة مساهمة القطاع الخاص» في خطة تقديم القروض الإضافية. وبلغت اليونان عجزاً شديداً على رغم الصفقة المالية التي كانت حصلت عليها في العام الماضي والتي تُسدّد على أقساط، وتحتاج حسب بعض التقديرات إلى أكثر من 70 بليون يورو. وتطالب دول أوروبية في مقدمها ألمانيا بتخصيص بعض المؤسسات العامة في اليونان ومشاركة المصارف الخاصة في تمديد آجال تسديد مديونية اليونان وتحمل جزء من تبعات الصعوبات التي تواجهها البلاد. وتعترض فرنسا على تحميل المصارف التجارية جزءاً من تبعات المديونية اليونانية إذ تُعد المصارف الفرنسية الأكثر عرضة لتحمل الخسائر بحكم امتلاكها الجزء الأكبر من الأصول اليونانية، مقارنة بنظيراتها من الدول الأوروبية الأخرى. ويخوض رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو محادثات لتشكيل حكومة جديدة، بعدما فشل في تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب «الديموقراطية الجديدة» (يمين)، وهو أبرز أحزاب المعارضة. وأشار مكتب باباندريو الى أن الإعلان المرتقب لتعيين وزراء جدد سيتم بحلول ليل أمس. وبحسب الصحف اليونانية، يُتوقع التصويت على الثقة في الحكومة بحلول مساء بعد غد. ويأمل باباندريو الذي يواجه ضغوطاً من الدول الدائنة لليونان والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، بالتصويت بحلول أواخر حزيران (يونيو) على مشروع قانون موازنة للمدى المتوسط (2012 - 2015) لتعزيز إجراءات التقشف بهدف صرف مساعدة مالية جديدة. ويخضع أيضاً لضغوط اجتماعية قوية من الشارع المعارض لهذه الاجراءات، ومن داخل كتلته النيابية «باسوك» (اشتراكي). وأعربت بعض الصحف اليونانية عن أسفها أمس لفشل تشكيل حكومة توافق وطني ولم تستبعد إقامة انتخابات مبكرة. وأعلن جورج فلوريدس، النائب من الحزب الاشتراكي الحاكم، استقالته في رسالة موجهة الى رئاسة البرلمان. وانتقد فلوريدس، وهو وزير دولة سابق للشؤون المالية في رسالة، السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة وإجراءات التقشف الجديدة. وبحسب التشريع النيابي، سيتولى نائب اشتراكي آخر مقعد فلوريدس في مجلس النواب. ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس (وكالة فرانس برس) الدول الأوروبية الى «التحلي بالمسؤولية والقيام بالتسويات اللازمة» من أجل حماية اليورو الذي يواجه تهديد الأزمة المالية ودين اليونان. وقال ساركوزي في كلمة عند افتتاح أعمال مجموعة ال 120، وهو منتدى عالمي للمزارعين: «أدعو الجميع الى التحلي بالمسؤولية وبالحس الضروري للقيام بالتسويات اللازمة التي بنيت أوروبا على أساسها. علينا أن نحمي عملتنا الواحدة والدفاع عن المؤسسات الأوروبية». ونبه تشو مين، المستشار الخاص لمدير صندوق النقد، إلى أن المؤسسة الدولية «قلقة للغاية» بسبب الاضطراب السياسي في اليونان، لكنها مستعدة للمساعدة إذا حصلت الحكومة على الموافقة على خطتها للتقشف. وأعلنت الصين استعدادها لشراء ديون سيادية أوروبية على رغم أخطار تخلف اليونان عن تسديد المبالغ المتوجبة عليها، مؤكدة ثقتها في منطقة اليورو. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي أن «الصين مستثمر على المدى البعيد» في سوق الدين الأوروبي. وأضاف: «نأمل أن تتوصل اليونان الى تحقيق الاستقرار والتنمية بفضل التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأسرة الدولية»، في وقت تتفاقم الأزمة المالية اليونانية.