من أصعب اللحظات في حياة الإنسان فقد الأعزاء لديه، فكيف إذا كان المفقود الوالدة، ولكن عزاءنا أن الموت مصير لكل حي، فكل شيء هالك إلا وجه الله الحي القيوم، ويكفي أن الله سمَّاه في كتابه الكريم باليقين فقال تعالى «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين». أخي نواف: لا شك أن فراق الوالدة مصيبة وأي مصيبة، ولكن اعلم أخي الحبيب أن ما حصل لها - رحمها الله - مقدر عليها من قِبل مُقدر الأقدار وكاتب الآجال ومن قَبل أن تخلق السموات والأرض، وتذكر قول الله تعالى: «ما أصاب من مصيبة إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير، لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم»، وقوله سبحانه «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون»، وتذكر قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيراً منها، إلا فعل الله ذلك به». أخي نواف، وابن أخي فيصل، وحفيد فهد، وسبط سلطان: لقد مضت والدتك إلى بارئها طاهرةً مطهرةً إن شاء الله، زكيةً نقيةَ النفس راضيةً مرضيةً برحمة الله، وكأنما وصفها الشاعر المتنبي حين يقول: يا أختَ خيرِ أخٍ يا بنتَ خيرِ أبٍ/كنايةً بهما عن أشرفِ النسبِ. أُجلّ قدركِ أن تُسْمَي مؤبنةً/ ومن يصفْك فقد سمّاكِ للعربِ. ومن مضتْ غير موروثٍ خلائقُها/ وإن مضت يدُها موروثةَ النسبِ. أخي نواف: إن مما يهوّن هذه المصيبة علينا جميعاً علمنا ويقيننا بأن الله أرحم بها منا جميعاً، وأن ما عنده خير مما عندنا، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم برضيعها، فلا تجزع على خير برحمة الله ستلقاه، ولا تجزع على فرَج من سقم ظلت رحمها الله تكابده، جعله الله لها رفعة وطهوراً. وفي الختام: لا أملك إلا أن أقول لك أخي نواف وإخوانك البررة: «جزاك ربك بالأحزان مغفرةً»، وألهمك وألهمنا الصبرَ والسلوان، وتغمدها بواسع رحمته ومغفرته، آمين. من عمّك ومن أنت أغلى عليه من كل غالٍ. * وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء.