أخفق البرلمان العراقي مرة أخرى في عقد جلسة لتمرير الموازنة الاتحادية بسبب «عدم اكتمال النصاب»، وسط استمرار التباين في شأن حصة إقليم كردستان وبعض المحافظات. وقررت رئاسة البرلمان تأجيل الجلسة إلى ظهر اليوم، فيما دعت واشنطن حكومتي أربيل وبغداد إلى الإسراع في «المساومة» للتوصّل إلى حلّ للملفات الخلافية المعلقة. وقاطعت الكتل الكردية جلسة أمس، مهددة بالانسحاب من العملية السياسية في حال تمرير مشروع الموازنة من دون اتفاق مسبق على زيادة حصة الإقليم، والتي خفضت من 17 في المئة إلى أقل من 13 في المئة، وتعديل مفردات واردة فيها «تلغي» الكيان الدستوري لكردستان. وأفادت مصادر برلمانية «الحياة» بأن «التأجيل أتى بغية منح مزيد من الوقت للتوصل إلى تفاهم على صيغة نهائية ترضي غالبية الأطراف المعترضة»، في حين كشفت مصادر كردية أن «الرئاسات ستعقد اجتماعاً صباح الغد (اليوم) قبل موعد عقد الجلسة المقرر الساعة الواحدة ظهراً، فيما يحاول أعضاء أكراد في اللجنة المالية اللقاء برئيس الوزراء حيدر العبادي لإقناعه بضرورة التفاهم على حصة الإقليم». ولاقى قرار تأجيل الجلسة مواقف متباينة داخل كتل «التحالف الوطني»، حيث دعا النائب عن «ائتلاف دولة القانون» محمد الصيهود البرلمان إلى أن «يكون حاسماً في إقرار الموازنة كونها تتعلق بحياة الشعب»، مشيراً إلى أن اكتمال النصاب القانوني (165 نائباً من مجموع 328)، يختل بسبب مطالبة الأكراد بنسبة 17 في المئة. وأكد أن «المسؤولية الأكبر تقع على التحالف الوطني الذي يشكل ثلثي الأعضاء». وكشف النائب كاظم الصيادي أن «التحالف الوطني يعاني انقسامات حول الموازنة، ولكنه يعمل على رغم ذلك على تمريرها وإن كانت مجحفة في حق بعض المحافظات». في حين أكد زميله النائب اسكندر وتوت أن تأجيل الجلسة «تم بموجب صفقة سياسية بين عدد من الكتل لإفشال تمرير الموازنة»، لافتاً إلى أن «عدد الحضور لم يتجاوز 100 نائب». وأوضحت النائب الكردي أشواق الجاف في تصريح إلى «الحياة» أن «البرلمان غير مخول بإجراء تعديل في مشروع الموازنة»، مؤكدة أن «ما أعلن عن زيادة في حصة الإقليم غير صحيح»، في إشارة إلى إعلان رئيس البرلمان التوصل إلى اتفاق. وأضافت: «سبق وأكدنا، وكذلك جميع الكتل الكردستانية أننا سنقاطع الجلسات، وكذلك الانسحاب من العملية السياسية في حال مصادرة حقوق الإقليم»، مشددة على أنه «لا يمكن القبول باستمرار الانتهاكات والعقوبة الجماعية التي تمارسها بغداد بحق شعب كردستان». وحذر النائب أمين بكر عن كتلة «التغيير» الكردية من أن «تمرير الموازنة رغماً عن الأكراد، سيعمق من الأزمة الحاصلة بين أربيل وبغداد وسيوسع من حالة فقدان الثقة». من جهة أخرى، دعت الناطق باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت حكومتي أربيل وبغداد إلى «الجلوس معاً لحل ما تبقى من خلافاتهما العالقة». وقالت تعقيباً على تمديد بغداد قرار الحظر على مطارات الإقليم: «يبدو أن الحكومتين لم تتخذا ما يكفي من إجراءات، ويتعين عليهما المساومة بسرعة كبادرة حسن نية ونترك لهما القرار»، مؤكدة أن «الإدارة الأميركية أوضحت مواقفها للطرفين». وأعلن القيادي في «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني» سعدي بيرة في مؤتمر صحافي أمس، أن «وفداً يمثل قيادات القوى السياسية الكردستانية توجه إلى مدينة النجف للمشاركة في ندوة، وكذلك للقاء ممثلين عن المرجعية الدينية الشيعية، والبحث في إيجاد حلول للأزمة بين أربيل وبغداد، بدلاً من المواجهة». ووجه انتقادات إلى العبادي، متهماً إياه بأنه «يطلق وعوداً اليوم ثم يتنصل عنها غداً، ويصعب التعامل معه، ويدعي الاحتفال بالنصر على تنظيم داعش في حين أن العراقيين جميعاً هزموا التنظيم، كما أنه يمارس حرباً نفسية على الإقليم»، مؤكداً أنه «لا يمكنه أن يكسب ود الشعب الكردي بأسلوب الإذلال، وأن يجعل منه ورقة انتخابية».