ربط الرئيس الفنلندي السابق مارتي أهتيساري، الحائز جائزة نوبل للسلام، تعزيز العمل التنموي في منطقة الشرق الأوسط بحل النزاع العربي – الإسرائيلي. وفي حديث إلى «الحياة» على هامش قمة «صلتك: الشباب، المشاريع وفرص العمل»، التي عُقدت في الدوحة مطلع الأسبوع الجاري، لفت أهتيساري إلى أنه جاء ليشارك في اجتماع لمجلس إدارة «صلتك»، وهي مؤسسة لا تتوخى الربح، تعمل على إنشاء وظائف، توسع أعمالها في مناطق كثيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على صعيد تشغيل الشباب وتشجيعهم على ريادة الأعمال. وقال: «هذا ما نفعله، وهذا ما يمكن فعله على رغم الظروف». وشدّد على ضرورة إيجاد أعمال للأعداد الضخمة من الشبان الذين يدخلون سوق العمل في المنطقة، مشيراً إلى «ان تطوير التشريعات في المنطقة يمكن ان يساعد في جذب المستثمرين». وانتقد «التعقيدات الكبيرة» التي تعرقل تأسيس شركات أو مشاريع في بعض دول المنطقة، مؤكداً «ان هذا يصح أيضاً في دول في مناطق أخرى من العالم، حيث يستغرق إنشاء شركة أو مشروع شهوراً أو سنوات». ونبّه إلى ضرورة «تقليص المراحل البيروقراطية، بحيث يستكمل المستثمر الإجراءات المطلوبة في مكان واحد، وبدلاً من ان يستغرق الأمر شهوراً، يجب ان يستغرق أياماً، علماً ان الأمر يستغرق يوماً في بعض الدول». وأوضح أهتيساري ان هذا الأمر الذي يُعرَف باسم نظام الشباك الواحد، وثمة أمثلة كثيرة عليه في المنطقة، «سيشجع بالتأكيد المستثمرين المحليين والأجانب على توظيف أموالهم وإطلاق مشاريع». وأشار إلى ان «من الأهمية بمكان توافر نظام قضائي يُعتدّ به يُشعر المستثمرين المحليين والأجانب بالثقة». واعتبر «ان الأهم هو اليد العاملة الماهرة، وهي متوافرة في المنطقة، وهي مركز اهتمام صلتك والمستثمرين الأجانب». وعن دور «صلتك» في هذا المجال، قال أهتيساري إنها «تدرس القطاعات الاقتصادية في الدول المستهدفة، لتأمين يد عاملة ماهرة ومدربة لهذه القطاعات بالتحديد. وهي تشجع رواد الأعمال على تأسيس مشاريع في القطاعات التي تحتاج إلى استثمارات، حيث للبنية المالية أهمية كبيرة، خصوصاً القروض المصرفية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. فهذه المشاريع هي التي تؤمّن وظائف باستمرار». ولفت إلى ان فنلندا، مثلاً، «تضم شركات كبرى كثيرة، لكن معظم اليد العاملة تعمل في شركات صغيرة ومتوسطة». ودعا البلدان الصغيرة إلى تعزيز منافسة شركاتها الجديدة في الأسواق العالمية، معتبراً «ان إنشاء شركات هو أقل أهمية من منحها قدرة تنافسية واسعة». وتطرق أهتيساري (70 سنة)، وهو وسيط دولي مخضرم، بدأ نشاطه السياسي في سبعينات القرن الماضي سفيراً لبلده في تنزانيا، قبل ان يرتبط اسمه منذ عام 1999 بالنزاع في كوسوفو، إذ قاد التدخل الاوروبي لوضع حد للنزاع المسلح في الإقليم، إلى أزمة الشرق الأوسط، خصوصاً الصراع العربي - الإسرائيلي، رابطاً «تعزيز العمل التنموي إلى حد كبير بحل الأزمة». ورأى ان تحقيق علاقات جيدة وطبيعية بين دول الشرق الأوسط، «يوجب تحركاً على صعيد عملية السلام» وإنه «لا يكفي حصول تحركات من الجانب الأوروبي والأميركي، بل يجب ان يشمل التحرك الجانبين العربي والإسرائيلي». واعتبر الرئيس السابق ان التغيّر الذي حصل في الإدارة الأميركية وإصغاءها إلى مختلف وجهات النظر «يجعلانني متفائلاً على صعيد عملية السلام في الشرق الأوسط». ودعا إلى النظر إلى الشرق الأوسط في شكل أوسع. وقال: «صحيح ان المسار الفلسطيني هو الأولوية، لكن المسار السوري مهم أيضاً، وكذلك الوضع في باكستان وأفغانستان، وتطبيع العلاقات مع إيران». وأضاف: «أنا مسرور لما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الآن حول المنطقة».