أكدت موسكووواشنطن، في بيانين، تنفيذ التزاماتهما الواردة في معاهدة «ستارت 3» لخفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. لكن الخارجية الروسية شكّكت في تطبيق الولاياتالمتحدة واجباتها، فيما أعلنت واشنطن ان لا سبب يدعوها إلى اتخاذ موقف مشابه. ويتزامن بيانا الجانبين مع تردٍّ في علاقاتهما، على خلفية «تدخل» روسيا في الانتخابات الأميركية عام 2016، والأزمتين الأوكرانية والسورية، ما انعكس عودة إلى خطابات «الحرب الباردة». وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) كشفت «عقيدة نووية» جديدة تميل إلى التشدد، وتتضمن صنع الولاياتالمتحدة أسلحة جديدة «ذرية» محدودة القوة، اذ تتهم روسيا بالعمل لتحديث ترسانة تضمّ ألفَي سلاح نووي تكتيكي، والالتفاف على التزاماتها المدرجة في «ستارت 3»، والتي تنطلق من أن الأسلحة الاستراتيجية لا تشكل أساساً لمبدأ الردع. وأبرمت موسكووواشنطن معاهدة «ستارت 3» في 25 آذار (مارس) 2010، وبدأ تطبيقها عام 2011، بعد مفاوضات شاقة عقّدها عزم الولاياتالمتحدة على نشر درع صاروخية في شرق أوروبا. وحلّت المعاهدة مكان «ستارت 2» المُوقعة عام 1991، والتي انتهت صلاحيتها في كانون الأول (ديسمبر) 2009. وتنصّ المعاهدة على التزام الجانبين خفضاً تدريجياً للرؤوس النووية، في غضون 10 سنين من تاريخ تطبيقها، بعد مصادقة الهيئات الاشتراعية في البلدين، والحدّ من عدد الصواريخ وتنفيذ عمليات تحقُق متبادلة وتبادل معلومات. وذكّرت الخارجية الروسية أمس بأن على روسياوالولاياتالمتحدة التزام بلوغ العدد المحدد من الأسلحة الهجومية، في 5 شباط (فبراير) 2018، مؤكدة أن موسكو التزمت خفض الرؤوس الحربية الموضوعة في الخدمة، على المنصات أو القاذفات الاستراتيجية الثقيلة المجهزة لحمل رؤوس نووية. وتابعت أن في روسيا الآن 577 رأساً من هذا الطراز، إضافة إلى 527 منصة لإطلاق الصواريخ العابرة للقارات، و1444 رأساً حربياً في الخدمة، على الغواصات أو منصات إطلاق الصواريخ، أو القاذفات الاستراتيجية المعدّة لحمل رؤوس نووية. واشارت الى ان موسكو «ستُسلّم الجانب الأميركي مذكرة رسمية تؤكد أعداد المنصات الروسية بالتفصيل». وأعلنت الوزارة أن «روسيا أُحيطت علماً بالتزام الجانب الأميركي سقف العدد الاجمالي للأسلحة الهجومية، وفق ستارت 3»، مستدركة أن «مستوى التقليص المعلن عنه، تحقق ليس فقط بخفض جدي للأسلحة، بل عبر إعادة تجهيز منصات لإطلاق الصواريخ الباليستية في غواصات «ترايدنت-2» والقاذفات الثقيلة «بي 52». ونبّهت إلى «تنفيذ ذلك في شكل يجعل الجانب الروسي عاجزاً عن تأكيد أن هذه الأسلحة لم تعد تصلح للاستخدام في الغواصات والقاذفات الثقيلة، كما ورد» في المعاهدة. وحضت واشنطن على «مواصلة البحث في شكل بنّاء، عن حلول مقبولة للطرفين في ما يتعلّق بالمشكلات الخاصة بإعادة التسليح، أو أي مشكلات قد تطرأ في سياق تنفيذ معاهدة ستارت». أما الخارجية الأميركية فذكّرت بأن «الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي باشرا تطبيق معاهدة نيو ستارت قبل 7 سنوات»، مضيفة ان «5 شباط 2018 يصادف تطبيق القيود الاساسية التي تفرضها المعاهدة على الترسانة النووية الاستراتيجية للبلدين». وقالت ناطقة باسم الوزارة إن واشنطن تؤكد إيفاء التزاماتها منذ آب (أغسطس) 2017، مرجّحة أن «يتيح تبادل المعطيات المُتوقع قريباً»، في شأن الترسانتين النوويتين الاستراتيجيتين للجانبين، «تأكيد إعلان روسيا التزامها المعاهدة، بما في ذلك القيود الأساسية». واستدركت: «ليس لدينا ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الحكومة الروسية لن تلتزم هذه القيود». ولفتت الى أن تطبيق المعاهدة «يعزّز أمن الولاياتالمتحدة وحلفائنا وسلامتهم، ويجعل العلاقات الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدةوروسيا أكثر استقراراً وشفافية ووضوحاً»، مشددة على أن التزام المعاهدة «أساسي في وقت تراجعت الثقة في العلاقات وازداد خطر حصول سوء فهم». الى ذلك، اعلن رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي فلاديمير شامانوف ان بلاده نشرت صواريخ متطوّرة من طراز «إسكندر»، قادرة على حمل رؤوس نووية، في جيب كالينينغراد على بحر البلطيق. وكانت رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي اتهمت موسكو بنشر تلك الصواريخ في الجيب الروسي المحصور بين بولندا وليتوانيا، معتبرة ان ذلك يشكّل خطراً على «نصف» العواصم الأوروبية.