لم يؤثر تحرير سعر صرف الدرهم المغربي في الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية، مستقراً عند 240 بليون درهم (نحو 26.6 بليون دولار) في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، وفق ما أفاد المصرف المركزي المغربي أمس. ولفت إلى أنه «المستوى ذاته المسجل قبل بداية عملية التعويم قبل ثلاث أسابيع، التي حررت نسبة 2.50 في المئة من قيمة صرف العملة». وأشار المصرف المركزي إلى «استخدام 57 مليون دولار من احتياطه خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، للتدخل في عمليات الطلب على النقد الأجنبي. وارتفع صرف الدرهم بنسبة 0.51 في المئة في مقابل الدولار، وانخفض 0.43 في المئة في مقابل اليورو، ما حقق نوعاً من التوازن في الطلب على العملات الصعبة، وحافظ على استقرار الاحتياط الذي انخفض 3.2 في المئة عن قيمته خلال الفترة ذاتها من العام الماضي». وأشار إلى أنه «يكفي نصف سنة من واردات السلع والخدمات». ويرتبط الدرهم ب60 في المئة مع اليورو و40 في المئة مع الدولار. وكانت قيمة اليورو زادت 0.83 في المئة مع الدولار، الذي هبط بدوره بمعدل 0.45 في المئة أمام الدرهم المغربي في نهاية العام الماضي. وقدر الطلب على مبادلات العملة بنحو 14.2 بليون درهم لتغطية زيادة 13 في المئة من عمليات الشراء و15.7 في المئة من البيع، بفارق زيادة الاحتياط ب2.1 بليون درهم في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وبعكس المخاوف السابقة التي رافقت تحرير العملة، كشف «المركزي» أن «الطلب على الدرهم بلغ 18.5 بليون درهم (نحو بليوني دولار) نهاية العام الماضي، بزيادة 45.7 في المئة عن قيمته باحتساب متوسط الشهور ال11 من العام الماضي». وباستثناء ارتفاع أسعار المحروقات التي ارتبطت بتحسن أسعار النفط في السوق الدولية، حافظ التضخم على مستواه الاعتيادي في مثل هذه الفترة من العام، التي تشهد هطول ثلوج وأمطار غزيرة تغطي مختلف مناطق المغرب، وترفع بعض أسعار المواد الغذائية. وتوقع المصرف المركزي أن «يبلغ التضخم معدل 1.9 في المئة نهاية هذه السنة، وجزء منه مستورد من الخارج». وكان متوسط التضخم قدّر بواحد في المئة العام الماضي، وفق المندوبية السامية في التخطيط. ويؤثر العجز التجاري سلباً في ارتفاع حجم الاحتياط النقدي الذي كان خسر نحو 5 بلايين دولار في ربيع العام الماضي، في إطار مضاربة على العملات، عشية قرار التعويم الذي أُرجئ تنفيذه في اللحظة الأخيرة. وسجلت تجارة المغرب الخارجية عجزاً بلغ 190 بليون درهم (نحو 21 بليون دولار) العام الماضي، بسبب ارتفاع الواردات إلى 435 بليون درهم والصادرات إلى 245 بليوناً. وتغطي عائدات السياحة وتحويلات المغتربين والتدفقات الاستثمارية نحو 160 بليون درهم، ما يجعل الاقتصاد المغربي يسجل عجزاً في الموارد الأجنبية بنحو 4 بلايين دولار العام الماضي. وهناك سباق مع الزمن لتوسيع استخدام الطاقات المتجددة والشمسية في إنتاج الكهرباء، وزيادة صادرات السيارات وأجزاء الطائرات إلى نحو 13 بليون دولار قبل نهاية العقد الجاري، ما قد يحوّل ميزان المدفوعات الخارجية من العجز إلى الفائض. إلى ذلك، كشف المصرف المركزي أن السيولة النقدية المتداولة «بلغت 1.26 تريليون درهم (نحو 135 بليون دولار) في نهاية العام الماضي. وقُدرت ودائع المصارف التجارية ب 874 بليون درهم، وبلغت القروض الموزعة على الاقتصاد نحو 842 بليوناً». وتوقع أن «تنتعش سوق القروض في المغرب هذه السنة، مع تحسن الطلب على العقار وزيادة حجم الاستثمارات والمشاريع الخاصة». وتعكس حالة الطقس البارد انتعاشاً مرتقباً في الاقتصاد المغربي، الذي قد يرفع النمو إلى 4 في المئة هذه السنة، بعدما حقق 4.6 في المئة العام الماضي، مستفيداً من عودة الأمطار وانتظار موسم زراعي جيد قد يزيد النمو نقطة مئوية عن التوقعات السابقة. وكان فائض القيمة الزراعي، قُدّر ب14 في المئة العام الماضي، ويعمل في القطاع نحو 36 في المئة من الفئة النشيطة، ويعيش منه 9.9 مليون شخص، وهو مصدر عائدات بالعملة الصعبة، تجاوزت قيمتها 52 بليون درهم من صادرات المنتجات الغذائية والبحرية العام الماضي، وهي من أوراق التفاوض القوية مع الاتحاد الأوروبي وروسيا.