أكد عدد من العلماء والباحثين السعوديين واليابانيين أن المملكة تتميز بإرث حضاري مهم بحكم موقعها الجغرافي الذي كان ملتقى للحضارات القديمة وممراً للتجارة عبر التاريخ، مشيرين إلى أهمية تعريف العالم بهذا البعد الحضاري ليضاف إلى الأبعاد السياسية والدينية والاقتصادية المعروفة عن المملكة في دول العالم. وأشادوا بالدور الكبير الذي يمثله معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي يطوف دول العالم للتعريف بحضارات المملكة وعمقها التاريخي. جاء ذلك في ندوة بعنوان «روائع آثار وتاريخ المملكة العربية السعودية»، التي نظمها المعهد العربي الإسلامي في طوكيو أخيراً، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان أحمد البرَّاك، وعدد من سفراء الدول العربية والإسلامية والصديقة، والباحثين في الآثار من الجامعات اليابانية، وذلك ضمن فعاليات معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي تقيمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حالياً في المتحف الوطني بالعاصمة اليابانيةطوكيو. وافتتح الندوة مدير المعهد العربي الإسلامي في طوكيو الدكتور ناصرالعميم، بكلمة أكد فيها على أن المكانة الرائدة التي تحظى بها المملكة حالياً هي امتداد لمكانتها التاريخية المهمة، منوهاً بدور معرض روائع آثار المملكة في تعريف العالم بهذه المكانة. وأعرب عن تقديره للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على تنظيم المعرض والمشاركة في هذه الورشة، مقدماً شكره لسفراء الدول العربية والإسلامية والصديقة لدى اليابان، ورؤساء البعثات الدبلوماسية، ورؤساء مكاتب الملحقيات السعودية باليابان، والباحثين اليابانيين في مجال الآثار لمشاركتهم في الورشة. وقال: «نرحب بكم في مقر المعهد العربي الإسلامي ونحن نحتفي بروائع المملكة العربية السعودية وتاريخها عبر فعاليات معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، ويسعدني ويشرفني أن تُنِيْخَ رِحالَها قافلةُ فعالياتِ برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، المُحَمَّلَةُ بروائع وتاريخ المملكة العربية السعودية، وتَحِلَّ ضيفاً عزيزاً كريماً بيننا في طوكيو حاضرة اليابان، إنَّها فرصةٌ ثمينةٌ للتعارف، ولحظاتٌ مُفْعَمَةٌ بالتاريخ والحضارة والمُنجزات الإنسانية، تُكتَبُ على صفحات سِفْرِ علاقاتنا باليابان وشعبها الصديق، وتُنْقَشُ سِجِلَّاً ثقافياً مُشرقاً في بلاد الشمس مُتَوَهِّجاً ومُتَوَّجَاً بهذه الورشة المُقامة على هامش فعاليات المعرض التراثي التاريخي الحضاري للمملكة، فأهلاً بكم ومرحباً دعاة تثاقف وتعارف بين الأمم والشعوب حيثُ يقوم المعهد بلعب دوره المجسِّر لهذه العلاقات الإنسانية». بدوره، أكد مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني المشرف على معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الدكتور علي الغبَّان أن المعرض «حقق ما لم يحققه نشاط آخر في التعريف بحضارات المملكة المتعاقبة على أرضها عبر التاريخ، وشكلت قطع المعرض الفريدة والمميزة نافذة مهمة للاطلاع على ما كان تتميز به هذه الحضارات من تطور اقتصادي وتجاري وعلمي»، مشيراً إلى أن المعرض يحظى باهتمام خاص ودعم من رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وأضاف قائلاً: «لعبت طرق التجارة في شبه الجزيرة العربية قديماً دوراً كبيراً في تنمية المنطقة، حيث تعدُّ المقوِّمَ الاقتصادي الأول لجميع العصور، فنحنُ لسنا أغنياء جُدُد، بل لدينا تاريخٌ عريقٌ في الاقتصاد، كما أن التراث الحضاري لشبه الجزيرة العربية أسهم مساهمةً فعَّالة في التراث الحضاري الإنساني، إضافةً إلى حضارات وادي النيل، والفرات، والشام، فالأمم والشعوب تفتخر بإرثها الحضاري، ومن بينها الشعب الياباني الذي يفخر بتراثه، وثقافته، ويُقدِّرُ الأممَ التي تُقدِّرُ تراثها». وتطرق الدكتور الغبَّان إلى السمعة الدولية التي يحظى بها معرض روائع آثار المملكة الذي زاره خلال محطاته العالمية في أوربا وأميركا وآسيا أكثر من 4 ملايين زائر، متناولاً الحضارات والتداول الحضاري الذي شهدته أرض المملكة وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية. تلى ذلك مداخلة الباحث بمعهد العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة كانازاوا الدكتور سوميؤو فوجي، متناولا إسهام البعثة اليابانية في علم آثار المملكة العربية السعودية وما اطلعت عليه هذه البعثة من كشوفات تؤكد الكم الكبير من الغنى التراثي والحضاري، مشيراً إلى أن موقع الجزيرة العربية المتوسط بين الحضارات القديمة جعلها ملتقى دائم للحضارات، ما أسهم في العثور على آثار متنوعة. بدوره، تطرق الزائر بمنظمة البحوث الشاملة بجامعة واسيدا اليابانية الدكتور سو هاسيغاوا، التطور الفني والمعيشي لحضارات الجزيرة العربية، حيث تطرق إلى الخَزَفِ الإِسلامي في الحقبةِ المبكِّرة وما تتميز به من جماليات وما تأثرت به من الحضارات الأخرى حيث كانت الحجاز المنطقة التي يقصدها المسلمون من أنحاء العالم كافة ويتأثرون ويؤثرون فيها. وتناولت الدكتورة ريسا توكوناغا تاريخ شبه الجزيرة العربية المنحوت على الصّخور وما قدمته المكتشفات الأثرية في هذا المجال من معلومات مهمة، مشيرة إلى أن النقوش الصخرية في عدد من مناطق المملكة تمثل متحفاً مفتوحاً قل مثيله على مستوى العالم.