يبدي السعوديون حنيناً كبيراً إلى الماضي، ما حوّل الطابع التراثي إلى الضيف المستمر في المهرجانات السعودية، من دون أن تكون المناسبة تراثية أحياناً. المواقع الأثرية والأركان التراثية تجذب الزوار أياً كان المهرجان، وهو السر خلف انجذاب العديد من زوار حائل من خارج المنطقة إلى قصر «القشلة» الأثري، وحرص الكثيرون منهم على زيارته، ولا سيما أن تاريخه يعود لنحو ثمانية عقود، حينما شيد ليكون قلعة عسكرية ومقراً أمنياً لتجهيز المحاربين، قبل أن تتحول في العصر الحديث إلى «وجهة سياحية» يقصدها زوار المنطقة. وأوضح رئيس التطوير السياحي في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة حائل بندر الموكاء أن قصر القشلة من أشهر المواقع الأثرية بالمنطقة، ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1941 من عهد «المؤسس» الملك عبدالعزيز، إذ تم بناء قصر «القشلة» الأثري، وفي 1943 أنجز العمل فيه، وهو عبارة عن مبنى «طيني» مستطيل الشكل ويتكون من دورين، وتبلغ مساحته 20 ألف متراً مربعاً، بطول 142 متراً، وعرض 141 متراً، وارتفاع 10 أمتار، وبداخله نحو 193 عموداً، وثمانية مربعات كبيرة، مبيناً أنه يحوي 83 غرفة في الدور الأرضي، و59 غرفة في الدور الأول، ويتوسطه أربعة أبراج مربعة الشكل، إضافة إلى أربعة أبراج مربعة الشكل أيضاً في منتصف أسواره، يُطلق عليها «الأبراج المساندة»، مشيراً إلى أن القصر يضم مدخلين، أحدهما رئيس يقع في منتصف الواجهة الشرقية من المبنى وتحيط به زخارف عدة، والآخر يقع في الجهة الجنوبية، وهو المدخل المستخدم حالياً لدخول الزوار. يذكر أن مبنى القصر «الأثري» صُمم على طراز الديكور «النجدي»، الذي كان سائداً في العمارة الإسلامية آنذاك، ويعود معنى مسمى «القشلة» إلى كلمة محرفة عن أصلها التركي «قيشلة»، ومعناه المعسكر الشتوي أو المأوى الخاص بالشفاء، وأطلقت هذه التسمية في العصر العثماني على قلاع الجنود ومراكز إقامتهم بمدينة حائل، والقلاع عبارة عن ثكنة عسكرية لتدريب وإقامة الجنود بغرض التمرين والإقامة السكنية لحفظ الأمن والاستقرار. ولأن الهدف من بناء قصر «القشلة» تأمين مأوى لأفراد الجيش في عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز لاستتباب الأمن بعد أن وحّد البلاد لتصبح تحت راية واحدة، فكان لا بد من استمرار استغلال القصر للهدف ذاته حتى 1955، قبل أن يصبح مقراً لشرطة المنطقة حتى عام 1975 بعدها تم تسليم المبنى لوكالة الآثار والمتاحف بوزارة التعليم التي بادرت بترميمه ودعمه بثمانية أبراج وفتحت أمام الزوار من الجنسين.