اتضحت بعض معالم التحرك العربي إزاء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي بدا أن أساسه مطالبة الدولة العبرية ب «ترسيم الحدود» مع الدولة الفلسطينية العتيدة. وحض الرئيس حسني مبارك إسرائيل على ضرورة المضي قدماً في هذه الاتجاه، فيما تطرح مصر على اجتماع لوزراء الخارجية العرب مزمع عقده الأسبوع المقبل أفكاراً تتعلق ب «تأكيد أهمية حسم موضوع خطوط عام 1967 التي تعتبر أساس التفاوض». وإذ حض المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل الدول العربية على «اتخاذ خطوات ذات مغزى» باتجاه التطبيع مع إسرائيل، حدد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط شرطيْن للمضي في هذا الطريق هما وقف الاستيطان وعودة أوضاع ما قبل 28 أيلول (سبتمبر) 2000 (انتفاضة الأقصى)، مؤكداً رفض الطرح الإسرائيلي القائم على اتخاذ كلا الجانبين خطوات متوازية. وطالب إسرائيل ب «خطوة رئيسة»، مشدداً على أن أي تبادل للأراضي بين الجانبين لا بد من أن يكون برضى الفلسطينيين. وعقد أبو الغيط وميتشل جلسة محادثات أمس تناولت جهود دفع السلام والجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية، بعدما ناقشا هذه القضايا مع رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان خلال اجتماع ثلاثي ليل الاربعاء - الخميس. وقال مبارك في مقابلة مع التلفزيون المصري إن «نتانياهو قال (أثناء اجتماعهما أخيراً في شرم الشيخ) إنه يريد أن نقوم بخطوات متوازية معاً، بمعنى أن يقوم هو بعمل خطوة والعالم العربي من جانبه يخطو خطوة مماثلة، فقلت له إن هذا الكلام لن يصلح، فقبل ذلك فتحت بعض الدول العربية خمسة مكاتب تجارية لدى إسرائيل ولم تفعلوا شيئاً، فليست لدى أحد ثقة فيكم، ولا بد من أن تقوموا بخطوة كبيرة كي تساعدوا من قاموا بفتح هذه المكاتب على الاستمرار مرة أخرى... مطلوب منك أن تحدد الحدود». وأضاف أن «الأرض التي تريدون (الإسرائيليون) أن تأخذوها هي 6 في المئة... في هذه الحال لن تبقى لهم (الفلسطينيين) أرض، فهم مستعدون (لتبادل) من 1 إلى 2 في المئة، ويحصلون بدلاً منها على أرض متكافئة». من جانبه، قال أبو الغيط عقب اجتماعه مع ميتشل إن الجانب الأميركي يتمسك بالكامل بفكرة «حل الدولتين» وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وبمطلب تجميد الاستيطان باعتباره المنطلق الرئيس لدفع جهود السلام، مشيراً إلى أن الحديث مع ميتشل تناول أيضاً مبادرة السلام العربية وكيفية تفعيلها وتنفيذها في إطار جهد سلام كامل. وتحدث ميتشل عن أن الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أوضحا بجلاء تام سياسة واشنطن إزاء السلام، «وهي العمل بكل جد من أجل تحقيق سلام شامل، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن»، إضافة إلى «تحقيق السلام بين إسرائيل والدول المجاورة لها، إضافة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية كلها، حسبما جاء في مبادرة السلام العربية». ورأى أن المبادرة العربية «مجرد بداية مهمة» يجب إدماجها في جهد السلام، «ويتعين أن تتبعها خطوات وأعمال ملموسة». وقال: «على الجميع تأكيد هذا الجهد من خلال خطوات ملموسة وتصرفات ذات مغزى... وكما قال الرئيس أوباما في خطابه للعالم الإسلامي، فإن للدول العربية دوراً مهماً من أجل نجاح جهد السلام». وسُئل أبو الغيط عما ذكره ميتشل عن مسؤوليات العرب، فأجاب: «أرى أن إسرائيل إذا ما تحركت بإتجاه الفلسطينيين وفي اتجاه استيفاء ما هو مطلوب منها في ما يتعلق بالوقف الكامل للاستيطان والعودة إلى الأوضاع التي كانت موجودة قبل انتفاضة أيلول (سبتمبر) 2000... إذا ما رأينا عملاً إسرائيلياً جاداً وحقيقياً يعكس الرغبة الحقيقية في تسوية تتيح للشعب الفلسطيني الحصول على دولته، فإننا نتصور أن الأطراف العربية تستطيع هي الأخرى أن تعود إلى الوضع السابق، إي إلى ما كانت عليه الأمور العام 2000... الأمر يتطلب خطوة إسرائيلية رئيسة تتمثل في الوقف الكامل للاستيطان وإتاحة الفرصة للضفة الغربية كي تنمو مثلما كانت منتصف التسعينات».