في مؤشر على قدوم صيف ساخن في مدينة الطائف تفاقمت أزمة المياه في المحافظة والقرى والمراكز التابعة لها، منذ أكثر من أسبوعين، في تصاعد مستمر، وصلت معه أرقام الانتظار في بعض «أشياب» المياه إلى أكثر من 2000 رقم، ومدة انتظار تصل إلى يومين للحصول على صهريج الماء. وشكلت أزمة المياه في الطائف وحال الاستنفار اللافتة مناخاً خصباً لنشوء سوق سوداء لبيع «كوبونات» الصهاريج، إذ رصدت «الحياه» خلال جولة ميدانية الكثير من مروجي «الكوبونات» وغالبيتهم من صغار السن، إلى جانب العمالة الوافدة، ووجود إقبال كبير من المواطنين للشراء بضعف السعر الأصلي، تخلصاً من الانتظار الممل وانقاذاً لمنازلهم التي حولها «الجفاف» إلى جحيم لايطاق. وربما كان لأزمة المياه إيجابيات لم تكن في الحسبان، تمثلت في تنشيط «صلة الرحم»، ودعم التواصل الأسري الذي خفت كثيراً بين سكان الطائف تحت مبررات الانشغال وغيرها، فارتفعت أسهم «المسنّات» التي كسدت يوماً، وأصبحن ورقة رابحة يستغلها أبناء أسرهن للقفز فوق طوابير الانتظار، والفوز بالصهريج الثمين، فيما استغلت «البوفيهات» المجاورة لمحطات المياه «الأشياب» الازدحام القائم وحال المنتظرين الجوعى والعطشى، في تقديم الوجبات السريعة ومياه الشرب بأسعار مضاعفة بعيداً من أعين الرقابة. وأبدى كثير من أهالي الطائف انزعاجهم البالغ من صمت مصلحة المياه في المحافظة تجاه هذه الأزمة، التي طاول تأثيرها المساجد وبعض المستشفيات، حيث خلا أول من أمس مستشفى الأطفال من الماء، ووجد الأطفال المنومون أنفسهم في وضع لايحسدون عليه، في حين أعرب عدد من المستثمرين في مجال السياحه الطائفية عن قلقهم من تداعيات الأزمة على موسم هذا العام. ولجأ بعض سكان المحافظة إلى استنزاف ما تبقى من مياه الآبار، لتجاوز الأزمة، على رغم تحذيرات صحة الطائف من خطورتها على الصحة، إضافة إلى إعلان إدارة صحة البيئة في بلدية الطائف نتائج مسح ميداني لجميع مصادر المياه في المحافظة، مشيرة إلى أن أكثر من 85 في المئة من مياه الآبار الأهلية غير صالحة للاستهلاك الآدمي، بسبب ارتفاع نسبة النترات فيها عن الحد المسموح به. إذ إن 60 في المئة من هذه الآبار ملوثة ب «النترات» بسبب قربها من المزارع التي تستخدم الأسمدة الكيماوية بنسبة عالية، فيما تزيد نسبة تركيز النترات في 17 في المئة منها على 75 في المئة ملليغرام لكل لتر.