عقد النظام السوري اتفاقاً مع فصيل "جيش الإسلام" المعارض في الغوطة الشرقيةلدمشق، سمح بموجبه ل "الهلال الأحمر" بإجلاء حالات حرجة، ما كسر جموداً دام أشهراً في عمليات الإجلاء الطبي من المنطقة المحاصَرة من القوات النظامية منذ عام 2013. وأجلى "الهلال الأحمر" 4 مرضى مع عائلاتهم من الغوطة ونقلهم مساء الثلثاء- الأربعاء إلى مستشفيات في العاصمة دمشق. وفي المقابل، أعلن "جيش الإسلام" أنه سيفرج عن 29 محتجزاً لديه، فيما ستسمح دمشق بإجلاء 29 حالة من "الأكثر حرجاً" في الغوطة. وأوضح المسؤول السياسي في "جيش الإسلام" ياسر دلوان أن "الهلال الأحمر العربي السوري توسّط بين دمشق ومقاتلي المعارضة في سبيل عقد الاتفاق"، متحدثاً عن "استمرار العمل لإخراج نحو 500 شخص تقريباً على رغم عدم وجود مؤشرات عن عدم السماح بمزيد من عمليات الإجلاء". وأشارت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" إلى أنها سهلت التوصل إلى الاتفاق الذي تحقق بعد شهرين من مطالبة الأممالمتحدة القوات النظامية بالسماح بإجلاء عاجل للحالات الحرجة من الغوطة، مؤكدةً أن "العملية لا تزال في مرحلة مبكرة للغاية". وقال رئيس "الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر" فرانشيسكو روكا في تغريدة على موقع تويتر: "سعداء بأن مفاوضاتنا حققت هذا الهدف المهم، هذه بادرة أمل لمستقبل سورية". وأكد مستشار وزارة المصالحة الوطنية السورية أحمد منير أن "اتفاقاً يقضي بمغادرة عدد من المرضى الغوطة الشرقية في مقابل الإفراج عن مخطوفين أبرِمَ"، لافتاً إلى أن "عدد الأشخاص الذين يشملهم الاتفاق قد يزيد". وأوضحت الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية إنجي صدقي أنه "تم إجلاء أربعة أشخاص مع عائلاتهم". وقالت: "نأمل باستمرار هذه العملية خلال الأيام القليلة المقبلة". وأوضح مدير العمليات في شعبة الهلال الأحمر في مدينة دوما أحمد الساعور، التي شهدت أولى عمليات الإجلاء، أن "الحالات الأربع من ضمن لائحة الأممالمتحدة، تضم: طفلة تعاني مرض الناعور (خلل في عملية تخثر الدم) وطفل يعاني متلازمة التهاب أعصاب حاد قد يؤدي إلى شلل تام، وطفل ثالث مريض باللوكيميا، فضلاً عن رجل يحتاج إلى زراعة كلية". ولفتت صدقي إلى أن "عملية الإجلاء خطوة إيجابية ستمنح بعضاً من الراحة لأهالي الغوطة الشرقية وخصوصاً من هم في حاجة ماسة إلى أدوية منقذة للحياة". وأضافت: "نأمل أن تكون عملية الإجلاء هذه مجرد بداية عمليات أخرى غيرها في المستقبل"، مشددةً على "ضرورة أن تدخل المساعدات أيضاً إلى الغوطة الشرقية بانتظام ومن دون شروط". وتجمع المرضى الأربعة وأهاليهم في مركز "الهلال الأحمر" في مدينة دوما، قبل نقل كل منهم إلى سيارة إسعاف. واستلقت الطفلة إنجي (8 سنوات) التي تعاني مرض الناعور في إحدى السيارات، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة كبيرة، وارتدت معطفاً زهري اللون وعلى رأسها طاقية صوفية حمراء اللون. وفي سيارة أخرى إلى جانبها، وضع متطوع في "الهلال الأحمر" الطفل المريض محمد البالغ من العمر سنة، في حضنه، فيما جلست والدته إلى جانبه وقد ارتدت معطفاً أسود وغطت وجهها بحجاب لا يظهر سوى عينيها. وصعد خمسة عمّال أفرج عنهم "جيش الإسلام" في إحدى السيارات، قبل انطلاق القافلة لتصل لاحقاً إلى دمشق. وتعتبر الغوطة الشرقية من ضمن مناطق خفض التوتر بموجب اتفاق أبرِم خلال محادثات آستانة، لكن المعارك فيها لا تزال متواصلة وتتزامن مع قصف مستمر. وأعلنت الأممالمتحدة أن سكان الغوطة الشرقية، ومن بينهم 130 ألف طفل، يعانون أشد أزمات سوء التغذية منذ بدء الأزمة السورية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن الأحد الماضي أن تركيا تعمل مع روسيا، في شأن تأمين عمليات الإجلاء.