أوضح الدكتور عبدالرحمن الوهابي أنّ اهتمام المجتمع السعودي بالوسطية، يعود إلى الصورة المؤثرة والسلبية عن الثقافة والقيم الإسلامية، التي تمثلها من الدول العالمية، وبخاصة الغربية والتيارات المحافظة وغيرها «وما تذوقناه من مخرجات بسطت التطرف الفكري، في الجانب الديني وغيره، وأثرت في تطور تنميتنا وهددت وجودنا»، مضيفاً أن هذا المجتمع واجه الكثير من النقد الدولي المؤدلج، «وبخاصة ما يمس بعض مخرجاته الفكرية، ونجحت أجندة ثقافة التطرف اليمينية في الغرب على مدار ثماني سنوات في تنفيذ رؤية استفادت من صوت التطرف فيه، وعملت على توظيفه لمصلحتها، وما تغيير القناة إلا عبارة عن تغيير مسار تنفيذ الأجندة، وليس الأجندة ذاتها»، ولم يُخْفِ الوهابي تأثير غزوة نيويورك في العام 2001 في الواقع المحلي «التي جعلت البعض منا ينظر إلى الحياة ويتعامل معها بشكل آخر وبطريقة مختلفة». جاء ذلك في ختام نشاطات نادي جدة الأدبي لهذا الموسم، مساء الثلثاء الماضي، وسط حضور عدد كبير من المثقفين والحقوقيين. وتطرق الوهابي في ورقته «مفاهيم الوسطية» إلى الرؤية للوسطية والتوصيف لها والتفاعل معها وقال: «إن الحديث عن مفاهيم الوسطية في ثقافتنا السعودية المعاصرة، برز بصورة واسعة نتيجة الشعور بخطر المفاهيم غير المعتدلة، وانتشار ثقافة التطرف الفكري في الرؤية الدينية خصوصاً». مؤكداً أن «لا قيمة للوسطية إن كانت تزايد على المبادئ، وتصبح سلبية وعقيمة، من حيث إنها عملية سلوكية، ولكنها تظل قيمة عظيمة في مفهومها المعرفي»، مشيراً إلى أن مفاهيم الوسطية، من حيث الرؤية التوفيقية والبعد عن التطرف في الرؤية، لا تأتي إلا مع إلغاء مفهوم التبعية، وإبقاء المسؤولية، كي يظهر التفكير والتنوير، ويخرج الحوار والاقتناع والمشاركة تحت مظلة المشاركة والمصلحة العامة. وشهدت الأمسية عدداً من المداخلات، إذ قال الدكتور عاصم حمدان: «حينما نريد أن نمارس الوسطية الحقيقية، يجب أن نقرأ التاريخ جيداً ونتعلم منه، فقد أثبتت المراجع الدينية أن الإمامين البخاري ومسلم رحمهما الله روَيَا عن الخوارج وعن المعتزلة، وأن التسامح كان سمة يتحلى بها المسلمون في تلك العصور السابقة». وأشار الدكتور عبدالله المعطاني إلى تأثير الوسطية في الأدب والثقافة، «وأن أكثر ما جنى عليهما هو عدم القبول بالرأي والرأي الآخر». وتساءلت الشاعرة حليمة مظفر: «هل الوسطية تعني أننا أمة وسطى بين المسيحية واليهودية؟ وهل تطبيق الوسطية يكون من دون الإيمان بالحرية؟». وأشار عدنان مهنا إلى أن الوسطية «هي أداء مميز للفكر يعزز في داخلنا السلوك».