«باب الحارة» المغلق بإحكام في المسلسل المعروف، مفتوح على مصراعيه أمام وسائل الإعلام المختلفة، فما ان نقرأ أو نسمع خبراً عن دخول فنان جديد إلى «الحارة» أو خروج أحد «الأبطال» منها، حتى نسمع تصريحاً «نارياً» مضاداً. ومن يريد التحقق من هذه الأنباء المتضاربة الكثيفة عليه أن يقوم بجولة مضنية في رحاب «الشبكة العنكبوتية». ولعل «باب الحارة» هو المسلسل العربي الوحيد الذي رافقه هذا المقدار من الإشاعات والأقاويل، وهو المسلسل الوحيد الذي راح يستغني عن نجومه، الواحد تلو الآخر، تبعاً لرأي المخرج بسام الملا الذي صرح، أخيراً، ان «مسلسل «باب الحارة» مشروعي شاء من شاء وأبى من أبى»، بعدما استبعد شخصية «أبو شهاب» (سامر المصري) التي شكلت محوراً أساسياً في الأجزاء السابقة، مثلما استغنى، من قبل، عن عباس النوري الذي جسّد شخصية أبو عصام الرئيسة. أمام هذه الخلافات المتعلقة حيناً بمساحة الدور، وحينا ثانياً بالأجور، وحينا ثالثاً بشروط تقضي بعدم السماح للممثلين المشاركين العمل في مسلسلات أخرى تنتمي إلى طبيعة «باب الحارة»، وإزاء تغيير الشخصيات، واختلاف الخطوط الدرامية للعمل، وانتقال مهمة كتابة السيناريو من كاتب إلى آخر، يتساءل المرء عن سر إصرار صنّاع هذا العمل، الذي تنتجه محطة «ام بي سي» على البقاء في دائرة الأجزاء. ففضلاً عن الأجزاء الثلاثة، يصور، الآن، جزآن، لتكون المحصلة خمسة أجزاء، بل أن الملا كشف أن الجمهور سيقرر فيما إذا كان هناك جزء سادس وسابع! وإذا قارن المشاهد بين شخصيات الجزء الأول والأجزاء المقبلة سيكتشف أن تلك الشخصيات الأولى قد غابت لتحل محلها شخصيات جديدة، مع أن مسلسلات الأجزاء، كما يفترض، تحافظ على الشخصيات الرئيسة. ولئن تعذر على أحد الممثلين أداء الدور، فإن المخرج يضطر إلى إيجاد ممثل بديل ليلعب الشخصية ذاتها، وبالاسم ذاته، لأن الرؤية الدرامية يجب أن تكون متكاملة، وهذه الرؤية هي التي تحتم اتباع سياسة الأجزاء. إنها ملحمة درامية طويلة أنتجت ثقافة خاصة اسمها «ثقافة باب الحارة». لكن الغريب، حقاً، أن الأجزاء السابقة لا تبرر كل هذا الضجيج من حول هذا المسلسل المتواضع، فهو عبارة عن ثرثرة مملة، ولوحات تفتقر إلى الجماليات، ناهيك عن الحوار البعيد من الإقناع والجاذبية، خصوصاً في الجزء الثالث! لم يعد يخفى على أحد أن الدافع وراء الإصرار في تصوير المزيد من الأجزاء، يتمثل في توظيف رواج العمل كي لا نستخدم صفة «نجاح» في جزئيه الأول والثاني فحسب، وغاب عن ذهن صناع العمل ان اللجوء إلى الأجزاء تفرضه الطبيعة الدرامية للعمل، ووقائعه الملحّة التي لا تكتمل في حلقات معدودة، أما أن نغير الشخصيات، ونبتعد عن فضاء الحكاية، ونختلق أحداثاً جديدة، في شكل عشوائي، فمن الأفضل، عندئذ، أن نصغي إلى أغنية فيروز الجميلة، ونفتح باباً جديداً، ونضع عنواناً آخر للعمل، ونغلق «باب الحارة» الثقيل الذي بات يصدر صريراً مزعجاً!