بدا لي أن وجهة نظره العامة تنص على أنه، بدعم من إدارة ترامب – أشاد بالرئيس ترامب، إذ وصفه ب «الرجل المناسب في الوقت المناسب» – فإن السعوديين وحلفاءهم العرب يعملون ببطء على بناء تحالفٍ للتصدي لإيران. إلا أنني لدي شكوكي، إذ إن حالتي الاضطراب والتنافس الواقعتين في العالم العربي السني حالتا دون تشكيل جبهة موحدة حتى الآن، ولهذا السبب تسيطر إيران اليوم في شكل غير مباشر على أربع عواصم عربية – وهي دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت. وهناك من يرى أن محمد بن سلمان يبالغ في معاداته وانتقاداته اللاذعة للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وقال لي محمد بن سلمان: «إن المرشد الأعلى (الإيراني) هو هتلرُ جديدٌ في منطقة الشرق الأوسط». وأضاف قائلاً: «غير أننا تعلمنا من أوروبا أن الاسترضاء في مثل هذه الحال لن ينجح. ولا نريد أن يُكرر هتلر الجديد في إيران ما حدث في أوروبا (هنا) في الشرق الأوسط». وشدد على أن كل شيء تفعله السعودية محلياً يهدف إلى بناء قوتها واقتصادها. ولكن هل يتمكن محمد بن سلمان وفريقه من استكمال ذلك؟ أكرر مرة أخرى، أنا لا أقوم بأية تنبؤات؛ إذ أخبرتني المصادر المطلعة بأن الأمير لديه عيوبه، والتي يجب عليه أن يضبطها، ولكن أتعلمون؟ أن الكمال ليس خياراً مطروحاً هنا، فالأمر يحتم أن يقوم شخص ما بتنفيذ هذه المهمة - وهي نقل السعودية إلى القرن ال21 - فتقدم الأمير محمد وأخذ على عاتقه هذه المهمة. وعن نفسي، فإنني أشجعه بقوة لكي ينجح في جهوده الإصلاحية. كما يُشجعه أيضاً كثير من الشباب السعودي. علق في ذهني ما قالته رائدة الأعمال الاجتماعية السعودية البالغة من العمر 30 عاماً: «إننا محظوظون بأن نكون الجيل الذي شهد المرحلة السابقة والمقبلة». إذ أوضحت أن الجيل السابق من النساء لم يكن ليتخيل أبداً أن النساء سيتمكنَّ يوماً من القيادة، بينما لن يكون الجيل المقبل قادراً على أن يتخيل يوماً لا يُمكن فيه للنساء القيادة. كما أخبرتني قائلة: «إلا أنني سأتذكر دوماً عدم استطاعتي القيادة». وإن حقيقة انتهاء ذلك إلى الأبد في شهر حزيران (يونيو) «يمنحني كثيراً من الأمل، إذ إنه يثبت لي أن كل شيء ممكن، وأن هذا عصر الفرص. شاهدنا الأحوال تتغير ونحن شباب بما فيه الكفاية لإنجاح هذا التحول». ومنح هذا الجهد الإصلاحي الشباب هنا مصدر فخر جديد ببلادهم، إذ إنه منحهم هوية جديدة، وهو ما يستمتع به كثير منهم بوضوح تام. واعترف الشباب السعوديون بأنهم كانوا يشعرون دوماً بنظرة الناس إليهم على أن أياً منهم إرهابي محتمل أو شخص مقبل من دولة عالقة في العصر الحجري، عندما كانوا طلاباً في فترة ما بعد أحداث ال11 من سبتمبر. أما الآن، فلديهم قائد شاب يقود إصلاحات دينية واقتصادية، ويتحدث لغة التقنية المتقدمة جداً، وقائدٌ لا ذنب له إلا في رغبته في الانطلاق بسرعة فائقة إلى المستقبل. ويذكر أن معظم الوزراء الآن في الأربعينات من أعمارهم، وليسوا في الستينات. وفي ظل رفع اليد الخانقة للتطرف، فإن ذلك يمنحهم فرصة للتفكير بطريقة جديدة عن بلدهم وهويتهم باعتبارهم سعوديين. أخبرتني صديقتي السعودية، التي تعمل لدى منظمة غير حكومية، قائلة: «علينا أن نُعيد ثقافتنا إلى ما كانت عليه قبل تولي الثقافة المتطرفة لدينا 13 منطقة في هذه البلاد. هل تعلم أن كل منطقة في السعودية تمتلك مطبخاً خاصاً بها. ولكن لا أحد في العالم يعرف أكلاتنا الشعبية. هل كنتَ تعرف ذلك؟ لم أشاهد قط طبق طعام سعودي يشتهر عالمياً. آن الأون لأن نتقبل هويتنا الآن وما كنا عليه». وللأسف، تضم هوية السعودية أيضاً مجموعة كبيرة من السعوديين الأكبر سناً، يغلب عليهم الطابع القروي والتقليدي، ما يعني أن نقل السعودية إلى القرن ال21 يُشكل تحدياً. وهذا الأمر يُعد السبب جزئياً وراء عمل كل بيروقراطي رفيع ساعات طويلة جداً، إذ إنهم يُدركون أن محمد بن سلمان قد يتصل بهم في أي وقتٍ من تلك الساعات لمعرفة ما إذ كان طلبه يتم العمل على إنجازه. أخبرته بأن عادات العمل الخاصة به تُذكرني بنص ورد في مسرحية «هاملتون» عندما تتساءل الجوقة قائلة: لماذا يعمل دوماً كأن «الوقت يُداهمه». فأوضح محمد بن سلمان قائلاً: «لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت من دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جداً، وقد يحدث كثير من الأمور، كما أنني حريص جداً على مشاهدته بأم عيني - ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري».