«أنا أرى الغد». إنه شعار مؤتمر متخصّص حمل عنوان «أسبوع الإتّصالات والتقنية» عقد أخيراً في دمشق، ونظّمته «الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية» و «المنظمة العربية للمعلوماتية والإتّصالات»، وحضره قرابة 500 خبير من خارج سورية، بينهم 200 مشارك من الأميركتين، إضافة إلى مشاركة واسعة من متخذي القرار الاقتصادي والحكومي والمعلوماتي في الوطن العربي. جاء هذا الملتقى استمراراً لدورتين سابقتين إستضافهما لبنان والبحرين. وكانت أبرز أهدافه تأكيد أهمية تكنولوجيا المعلومات والإتّصالات في التنمية. وتضمّن جلسات حوار متنوّعة تناولت الخدمات الرقمية بأشكالها المختلفة، والبنى الإلكترونية التحتية وتطويرها، والمحتوى الرقمي، وأمن المعلومات، وسُبُل التمويل اللازم لرواد الأعمال الإلكترونية، إضافة إلى الأبعاد الإجتماعية لتكنولوجيا المعلومات والإتّصالات كالتوظيف وتطوير المهارات، والمسؤولية الإجتماعية للشركات. وفي المؤتمر، أشار الدكتور عماد الصابوني وزير الإتّصالات والتقنية في حكومة تصريف الأعمال السورية، إلى أن سورية تعمل كغيرها من دول المنطقة على استكمال بناء مجتمع المعلومات بما يتضمنه من بنى إلكترونية تحتية، وأطر تشريعية، وتنمية للصناعات المعلوماتية والمعرفية، وخدمات تقدّم للأفراد والمؤسسات. وأضاف الصابوني أن سورية قطعت شوطاً مقبولاً في تطوير البنية الإلكترونية التحتية، خصوصاً في مجال إيصال خدمات الإتّصالات إلى أرجاء البلاد جميعها. وأكد الإنتهاء من تنفيذ مشروع يهدف إلى تغطية عدد كبير من القرى والتجمعات السكنية الصغيرة، بخدمات الإتّصالات. وأكّد الدكتور راكان رزوق رئيس «الجمعية السورية للمعلوماتية» التحضير لإنشاء بيئة خصبة للإستثمار في المعلوماتية سورياً. وأوضح أن دور هذه الجمعية يتمثّل في تيسير هذه اللقاءات التي تهدف إلى إقامة شراكات فعّالة، وفتح آفاق مستقبلية لطلاب المعلوماتية والتقنية في سورية. في السياق عينه، تحدّث الدكتور نزار زكّا، رئيس «المنظمة العربية للإتّصالات»، (تُعرف بإسمها المختصر «إجمع») عن قدوم شركات عالمية إلى سورية بحثاً عن استثمارات في الإتصالات المتطوّرة. وأشار زكّا إلى الإتفاق على إصدار وثيقة عربية لحرية الانترنت، تأخذ في الاعتبار الخصوصية العربية، والمحتوى الرقمي العربي، كما تنادي بتحييد الإتّصالات والمعلوماتية، وإبعادهما عن العقوبات لأنهما حق مكتسب لكل عربي. في هذا الصدد، لفت المهندس محمد جميل المُلاّ وزير الإتّصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية، إلى دور الانترنت كأداة مهمة في حياة الفرد والمجتمع، وضرورة الاستفادة مما توفره من إمكانات، وعدم السماح لجهة مفردة بالتحكّم بها. وأفاد ايركي أومالا ممثل شركة «نوكيا» Nokia العالمية، بأن بيئة المعلوماتية تتطلب بذل المزيد من الجهود الرسمية للوصول إلى إدماج المعلوماتية في التنمية المستدامة. وشدّد أومالا على ضرورة إيجاد بنية تحتية للمعلوماتية، إضافة إلى توفير عنصر الثقة للإرتقاء بالخدمات الإلكترونية، مع السعي للوصول إلى مجتمعات المعلوماتية التي تمكن أفرادها من الاستفادة من تقنيات المعلوماتية بصورة واسعة ويومية. وفي جلسة حملت عنوان «حكومة أفضل وتكلفة أقل»، جرى التركيز على أهمية دور تقنيات المعلوماتية والإتّصالات في توسيع التفاعل بين المواطن والحكومة وتحسينه، والأثر الإيجابي الذي ينتج من استخدام الحكومة الإلكترونية في المؤسسات العامة والمجتمع المحلي، ما يشجع على الإبداع والإبتكار. في المؤتمر نفسه، شدّد الدكتور شربل نحّاس وزير الإتّصالات اللبناني، على وجود علاقة بين المعلوماتية وتطوّر مختلف قطاعات الدولة. واعتبر نحّاس أن بناء قدرات دولة ما من الناحية التقنية يعتمد على معايير متكاملة، تشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، مع ربط هذه الأبعاد وتكاملها أيضاً، ما يؤدي إلى ظهور أداة حاسمة في السعي للحصول على أكبر قدر من الفاعلية في المؤسسات الرسمية والمجتمعية. وأكد الوزير اللبناني أيضاً أن الإختراعات ساهمت في تقدّم العمل الإداري، كما قلّلت من التكاليف. وفي الوقت الحاضر، تنصبّ الجهود على تسخير التكنولوجيا الرقمية لخدمة العمل وتسهيل عملية النمو. وأشار نحّاس أيضاً إلى أن عملية الأتمتة لا تتم إلا بتوفير منظومات فعّالة، كما يوجب النظر إلى الحكومات الإلكترونية من منحى آخر يركّز على البعد الإقتصادي، مع التجنيد المثالي للطاقات العاملة في قطاعات الدولة. في «أسبوع الإتّصالات والتقنية»، تحدث الدكتور طلال أبوغزالة الذي يترأس مجموعة دولية لتقنية المعلومات والإتّصالات، عن ضرورة الانتقال إلى التعليم الرقمي حاضراً، ملاحِظاً أن التعليم في أغلب الدول العربية، على الحال التي كانت فيها منذ خمسين عاماً، ما يعني أنه يحتاج إلى تغيير جذري يتفق مع حاجات مجتمع المعرفة. وأشار غزالة إلى إطلاق أول حاسوب محمول عربي في الأردن، من إنتاج مجموعته وتصميمها، ليكون متوافراً في الأسواق العربية بسعر معقول.