قال ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أمس، إن السعودية لن تقبل بحزب على غرار «حزب الله اللبناني في اليمن»، مؤكداً أن اليمن أخطر من لبنان: «إنه يطل على باب المندب فإذا حدث شيء هناك، يعني ذلك توقف 10 في المئة من تجارة العالم، هذه هي الأزمة». ولفت إلى أن قضية قطر والخلاف معها «صغيرة جداً»، كما شدد على أن السعودية تتعامل مع كل مشاكل المنطقة ب «قوة». على صعيد آخر، قال الأمير محمد بن سلمان في حوار مع وكالة «رويترز» أمس، أن «إدراج أرامكو» ما زال قيد الحث، وأضاف: «أعلم أن جدلاً كبيراً أثير بخصوص هذا الموضوع، لكن الصواب في نهاية الأمر هو ما سيقرره المستثمر. لا ريب أن أكبر طرح أولي في العالم يجب أن ترافقه الإشاعات. إذا نظرنا إلى أكبر طرح عامّ أوليّ قبل أرامكو، طرح علي بابا، فقد رافقته إشاعات كثيرة، وفي النهاية أثبت المستثمر وعلي بابا خلاف ذلك. أرامكو ستثبت جدارتها على أرض الواقع يوم الطرح الأولي». وتحدث ولي العهد عن مشروع «نيوم»، وأكد أنه «سيتم طرحها في الأسواق في نهاية المطاف، وأول منطقة تطرح في الأسواق العامة، الأمر كما لو أنك تطرح مدينة نيويورك». وهنا نص الحوار: هل الطرح العام الأولي ل «أرامكو السعودية» ما زال يمضي قدماً؟ - نمضي صوب هدف 2018 ... لكن الإدراج ما زال قيد البحث، وستُطرح الشركة للاكتتاب عام 2018. هل تتوقعون جلب مستثمرين رئيسيين لمشروع «نيوم»؟ هل تتوقعون من بعض المؤسسات التي أدارت المال للمملكة سنوات أن ترد الجميل وتضطلع بدور؟ - بالطبع. ليس الاستثمار أن نستثمر معك اليوم كي تستثمر معنا غداً، هذه فرص، أينما أتحنا فرصة جيدة فإن المستثمر سينشدها. أعتقد أنه في نيوم هناك بعض الفرص الاستثنائية، وأعتقد أنه كان على المنصة أمس (خلال مؤتمر في الرياض) مجموعة من المستثمرين الرئيسيين من أنحاء العالم، وكانوا ملتزمين جلب استثماراتهم إلى نيوم، وهو ما أعلنوه أمس. هم يعرفون القطاعات التي يعتزمون دخولها. وهناك آخرون. في 2018 سنسمع الكثير من تلك الإعلانات. هل ستطرحون «نيوم» للاكتتاب العام؟ - بلا شك، سيتم طرح «نيوم» في الأسواق في نهاية المطاف، أول منطقة تطرح في الأسواق العامة، الأمر كما لو أنك تطرح مدينة نيويورك. هل سيكون بالإمكان التوجه إلى شراء سهم في «نيوم»؟ - بالطبع، وسيمكنك أيضاً تعيين مجلس الإدارة والمحافظ (الرئيس التنفيذي). لا أعتقد أن هذا حدث في التاريخ من قبل؟ - بلا ريب، أول مدينة رأسمالية في العالم... هذا هو الشيء الفريد الذي سيحدث ثورة في المدينة ونموها. ما الجدول الزمني لتنفيذ ذلك؟ - تخيل مجلس الإدارة يعينه الملاك والمحافظ يعينه المجلس. دوره سيقتصر على شيء واحد «النمو». بخلاف المدن الأخرى في العالم، كما في نيويورك، المحافظ يُعَين لتلبية حاجات معينة، من بينها النمو، لكن في «نيوم» لن يكون المحافظ مضطراً إلى التعامل مع أي من تلك المشكلات، فالنمو هو كل ما يشغل تفكيره. ما النسبة التي ستملكها الدولة في «نيوم»؟ - عندنا سلطة «نيوم» وشركة «نيوم»... صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) سيملك الشركة بالكامل، لن تُدرج «نيوم» في الأسواق حتى تختمر الفكرة بشكل كاف... قد يكون بعد 2030، وقد يكون قبل ذلك، لكن الفكرة والاستراتيجية هي طرحها في نهاية المطاف. ألا يحصل المستثمرون على حصة في الشركة، فهل يحصلون على الفرصة؟ - نعم، سواء في الصناعة أو الطاقة أو نمط المعيشة أو أي من القطاعات التي أعلنت. كيف ستختلف الحياة في «نيوم» عن بقية المملكة؟ - كما تعرفون، تقع «نيوم» بين ثلاث دول، لا تبعد سوى 3.5 كلم عن مصر بالسيارة، ولا تبعد سوى دقيقتين عن أقرب نقطة، ومن أبعد نقطة بين 20 إلى 25 كلم بالسيارة. الأمر مثل قيادة السيارة من مانهاتن إلى سوهو في نيويورك. ما معنى الاسم ومن اختاره؟ - كان لدينا أسماء كثيرة لنختار منها وكلها كانت جيدة لكننا لم نُرِد اسماً من اللغة العربية أو اللاتينية أو أي لغة أخرى، أردنا شيئاً يمثل الإنسانية عموماً. كانت هناك مقترحات عدة، أخذنا الأحرف الأولى للقطاعات التسعة الرئيسة وبعض المعالم الرئيسة في المنطقة ووضعنا هذا في كلمة neo-mustaqbil. Mustaqbil هي كلمة مستقبل العربية. لكنه اسم طويل ولذا جعلناها NEOM. الاسم له وقع مستقبلي ومحمل بالمعنى في الوقت ذاته. إلى ذلك، قال ولي العهد رداً على سؤال إن كان مشروع «نيوم» في حاجة إلى موافقة إسرائيل؟: «لا نحتاج إلى موافقة إسرائيل لأنه بين السعودية ومصر. بالطبع لا نستطيع سدَّ ممر دولي، ولذا سيؤخذ في الحسبان ألا يسد الجسرُ الممرَّ الدولي، وحتى الآن لم نقرر المكان الدقيق للجسر، لكن هناك شعاب مرجانية رائعة هناك، وهناك طبيعة خلابة، ولذا سيكون من الصعب للغاية وضع الجسر فوق تلك الشعاب، ولذا نحاول أن نضعه في المياه العميقة. سيكون أعجوبة من عجائب العالم بناء جسر في مثل تلك المياه العميقة». هل هناك أي تغيير في «رؤيتكم»؟ - تتعلق «رؤية 2030» بالعديد من الفرص الكبيرة، وهكذا ف «أرامكو» واحدة منها، و «نيوم» فرصة أخرى. لدينا مشروع البحر الأحمر، ومشروع القدية، ولدينا الكثير من المشاريع الصغيرة أيضاً. لدينا العديد من المشاريع الضخمة التي سنعلنها في الأعوام القليلة المقبلة. هل إدراج «أرامكو» مهم لتطور أسواق المال السعودية؟ - الفكرة ليست إعادة هيكلة الشركة بمقدار ما هي انتهاز الفرص المتاحة التي لم نتناولها من قبل. لدينا قدرة عالية ولا نستغل سوى القليل منها. لا نستخدم سوى النفط، ولذا لدينا فرصة كبيرة لاستغلال قدراتنا في السعودية في قطاع النفط، عمليات المصب، البتروكيماويات... إلخ. في الغاز، مازلنا نكتشف أشياء كثيرة في البحر الأحمر. وأيضاً السياح، نعتقد بأننا نستطيع الوصول إلى أكثر من 40 مليون سائح في 2030. 30 مليوناً سيأتون إلى مكةوالمدينة وسيكون لدينا 10 ملايين للترفيه أو المواقع التاريخية أو سياحة رجال الأعمال. 40 مليوناً رقم كبير. اليوم لدينا 15 مليوناً، وهذا ضخم أيضاً. لا نبدأ من الصفر ولدينا قدرة كبيرة على الاستثمار في هذا. ولدينا الكثير من المعادن غير المستغلة في السعودية. أكثر من 90 في المئة من المعادن، قد تصل إلى 95 في المئة، وهي ليست أي معادن. ذهب غير مستغل بقيمة تتجاوز 240 بليون دولار، وفضة بأكثر من 150 بليون دولار. لدينا إذن معادن نفيسة بأكثر من تريليون دولار. أكثر من تريليون دولار من المعادن، والآن نكتشف أشياء كثيرة ونضع العديد من البرامج لتحديد قيمة المعادن التي لدينا بدقة. هل نستطيع أن نصل إلى تريليوني دولار؟ هل نستطيع أن نتجاوز ذلك داخل السعودية؟ لكن الآن لدينا أرقام كثيرة فوق التريليون دولار. ستُعلن في غضون شهرين ضمن البرنامج الصناعي السعودي. النقل قطاع مهم (البحري والجوي والبري)، هناك مشاريع ضخمة في هذا الصدد مثل جسر الملك سلمان الذي سيربط آسيا بأفريقيا. البحر الأحمر تمر به 10 في المئة من التجارة العالمية ونحن لا نقدم أي خدمات. فرص ضخمة. شبكة نقل وكثافة نقل ضخمة تعبر الأجواء السعودية من دون أن ننال حصتنا العادلة. لذا لديك فرص ضخمة في النقل. وعندنا أيضاً قطاعات أصغر هنا وهناك. رقم ستة، لدينا المكون المحلي. نستورد سلعاً قيمتها 200 بليون دولار. لمزيد من الدقة، أكثر من 200 بليون دولار تغادر المملكة سنوياً. البند الأول من ذلك هو للصناعات العسكرية، 60 بليون دولار. البند الثاني السياحي، أكثر من 20 بليون دولار. القطاع الثالث هو السيارات. هدفنا هو إنفاق نصف ذلك القدر داخل المملكة بحلول 2030. سيولد هذا فرصاً هائلة وإمكانات لإقامة صناعات جديدة في المملكة: في الصناعات العسكرية، في تجميع السيارات، في السياحة، في أشياء عديدة. لذا، فالمكون المحلي قطاع مهم جداً. رقم سبعة هو الاستثمار: شتى عمليات التخصيص، من «أرامكو» إلى المطارات وحتى الأندية الرياضية. هناك برنامج ضخم سيولد سيولة هائلة ستذهب إلى صندوق الاستثمارات العامة وستُضخ في فرص عظيمة داخل السعودية وخارجها. هل ستطلبون من الشركات التي كسبت المال في السعودية على مدى سنوات استثمار بعضه هنا؟ - لا نريد اعتصار المستثمرين، إذا عجزنا عن طرح فرص جيدة في السعودية، فهذا يعني أن أحداً لن يأتي. نعتقد بأن لدينا فرصاً عظيمة حقاً في السعودية. نريد أن نبلورها وأن نستثمر في أنفسنا وأن نسمح للناس من كل أنحاء العالم بالاستثمار فيها. بالطبع نقول للمستثمرين: لا نريدكم أن تستثمروا لمجرد نيل العوائد المالية. نريد أن نبتكر أشياء جديدة، نريد أن نجعل الأشياء تتحقق. هذا هو ما نصنعه بصندوق رؤية سوفت بنك، البالغة قيمته 100 بليون دولار، أكبر صندوق تكنولوجيا في العالم بأسره. فهو يجعل الأشياء تتحقق لشتى الشركات في أنحاء العالم، لأن لها حصصاً في تلك الشركات ولهذا السبب نجعل الأشياء تتحقق. نفعل الشيء ذاته مع بلاكستون، أضخم صندوق للبنية التحتية في العالم، 50 بليون دولار وبنسبة عائد على الاستثمار 14 في المئة. هذا هو ما نتوقعه. نقوم باستثمار معقد ضخم لربط الأشياء جميعها معاً. نريد إنشاء قطاعات جديدة، أشياء جديدة، على نطاق كبير بأموال كثيرة. «صندوق الاستثمارات العامة يصنع دوراً جديداً في عالم الاستثمار. قبل الصندوق، كان امتلاك (صندوق) لأموال كثيرة يعني دخلاً منخفضاً. فلسفتنا ونهجنا هو أنه بأموال كثيرة يمكنك إنشاء صناعة جديدة، ما يعني أموالاً كثيرة. وهذا هو السبب في أننا حققنا ربحاً نسبته 20 في المئة مع سوفت بنك في خمسة أشهر، وهذا هو السبب أننا أسسنا صندوقاً بقيمة 50 بليون دولار مع بلاكستون من المتوقع أن يحقق ربحاً بنسبة 14 في المئة وينشئ مجالات مختلفة واستثمارات مختلفة، وهذا هو السبب في مجيء بلاكستون وبلاك روك إلى هنا». هل مازلتم واثقين في تقييم «أرامكو» السعودية عند تريليوني دولار؟ - أعلم أن جدلاً كبيراً أثير بخصوص هذا الموضوع، لكن الصواب في نهاية الأمر هو ما سيقرره المستثمر. لا ريب في أن أكبر طرح أولي في العالم يجب أن ترافقه الإشاعات. إذا نظرنا إلى أكبر طرح عام أولي قبل أرامكو، طرح علي بابا، فقد رافقته إشاعات كثيرة، وفي النهاية أثبت المستثمر وعلي بابا خلاف ذلك. «أرامكو» ستثبت جدارتها على أرض الواقع يوم الطرح الأولي. وفي الحقيقة عندما تكلمت عن التقييم قلت حوالى تريليوني دولار وهو قد يزيد على تريليوني دولار. لذا عندما أقول تريليونين فذلك يعني أن نضع أنفسنا في موقع ونخسر بضع مئات البلايين. ما تأثير الأزمة القطرية أو حرب اليمن على «رؤية 2030» وثقة الاستثمار في السعودية؟ - قطر قضية صغيرة جداً جداً جداً. نحن ملتزمون سلامة بلدنا، بعيداً من أي اضطرابات. سأقول شيئاً واحداً، إن البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يعود فيه سجل الأمن والاستقرار إلى 100 عام تقريباً هو السعودية. السعودية تملك السجل الأفضل، وقد أثبتت نفسها بقوة في كل مشكلة في الشرق الأوسط والعالم وتعاملت معها، بل وازدادت قوة على أثرها. ما أهمية البيع الجزئي ل «أرامكو» ضمن رؤية 2030؟ في ضوء أن المملكة تستطيع جمع المقدار ذاته أو أكثر في أسواق المال من دون طرح أرامكو للاكتتاب العام، فما الرسالة التي توجهونها إلى العالم؟ - الحكومة ينبغي ألا تسيطر على القطاع الخاص، أنت توجد الفرصة، توجد المشروع، توجد التطوير، وتسلمه إلى المستثمر وتبدأ في إنشاء شيء جديد. بالطبع ينبغي أن تدعمه لكي ينمو طوال الوقت لأنه جزء من اقتصادك ولا يمكنك أن تتركه يفشل... في الواقع نحن متأخرون عن بلدان أخرى في الخصخصة، ولذا نحاول اللحاق بهم. هل سيتقرر تمديد اتفاق «أوبك» مع المنتجين الآخرين لنهاية 2018؟ - نحن ملتزمون العمل مع جميع المنتجين من دول «أوبك» ومن خارجها، لدينا اتفاق عظيم وتاريخي... سندعم كل ما يمكن أن يحقق استقرار العرض والطلب على النفط. أعتقد الآن أن سوق النفط ابتلعت معروض النفط الصخري والآن نستعيد زمام الأمور مجدداً. أي تغيير في السياسة تجاه اليمن؟ - إذا أردنا «حزب الله» آخر في الشرق الأوسط، فلنغير إذن سياستنا في اليمن. هل ستمضون حتى النهاية؟ - سنمضي إلى أن نتأكد أن شيئاً على غرار «حزب الله» لن يحدث هناك مجدداً، لأن اليمن أشد خطورة من لبنان. إنه يطل على باب المندب فإذا حدث شيء هناك، يعني ذلك توقف 10 في المئة من تجارة العالم، هذه هي الأزمة.