اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان واشنطن «تضحّي بعلاقاتها» مع أنقرة، واتهمها بتخبئة مشبوه مرتبط بالداعية المعارض فتح الله غولن، في قنصليتها في إسطنبول. وكانت الولاياتالمتحدة جمّدت إصدار تأشيرات في تركيا التي ردّت بالمثل، بعد احتجاز أنقرة موظفَين في القنصلية الأميركية في إسطنبول، اتُهم أحدهما بالتجسس وبصلات مع جماعة غولن، المقيم في الولاياتالمتحدة منذ عام 1999 والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي. وقال أردوغان إن الولاياتالمتحدة تخبئ في قنصليتها مشبوهاً مرتبطاً بغولن، علماً ان السفير الأميركي جون باس كان نفى ذلك. وحمّل جون باس مسؤولية الأزمة، قائلاً: «ليس مقبولاً من الولاياتالمتحدة أن تضحّي بشريك إستراتيجي من أجل سفير لا يعرف حدوده. اذا كان العملاق الأميركي يحكمه سفير في أنقرة، فهذا مؤسف». ورأى ان الردّ الأميركي كان «غير منصف» و «مفرط»، داعياً الى التعقل. وكان إبراهيم كالين، وهو ناطق باسم أردوغان، أعلن أن تركيا تلقّت من الولاياتالمتحدة «عرضاً في شأن تسوية» النزاع، وزاد: «سنقوّم ذلك في شكل مفصل وفقاً لتعليمات» الرئيس. واعتبر أن أزمة التأشيرات ليست معقدة «وحلها ممكن في يوم»، مستدركاً ان الأتراك يجدون «صعوبة في فهم رد الفعل الأميركي غير المتزن». وأعرب عن أمله بأن تتفهم واشنطن ان توقيف الموظفَين التركيَين في القنصلية الأميركية هو «مسألة قانونية»، وتابع: «على الولاياتالمتحدة والدول الأخرى احترام القضاء التركي المستقل». وكان بكير بوزداغ، نائب رئيس الوزراء التركي، أعلن أن مسؤولين أتراكاً وأميركيين سيلتقون سعياً الى حلّ الأزمة، مضيفاً أن اتصالاً هاتفياً بين وزيرَي خارجية البلدين مولود جاويش أوغلو وريكس تيلرسون كان «بنّاءً جداً». في واشنطن لفت محمد شيمشك، وهو نائب آخر لرئيس الوزراء التركي، الى «تضخيم» الأزمة بين الجانبين، مؤكداً أن أنقرة تعتبر سلامة الديبلوماسيين والموظفين الأميركيين «أولوية قصوى». وتابع: «لا نريد أن يستمر هذا النزاع أكثر من ثانية». وشدد على ان «تركيا لا تنفذ اعتقالات تعسفية» ولا تحتجز سجناء سياسيين. وأعرب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم عن أمله بأن «تعود العلاقات بين الحليفين الى طبيعتها في وقت وجيز»، وزاد: «في وقت يتصاعد التوتر الدولي والإقليمي، لن نتخلّى عن المنطق». الى ذلك، أعلن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ان واشنطنوأنقرة «تبقيان على تنسيق وثيق جداً»، مؤكداً أن «التفاعل والتكامل بين العسكريين لم يتأثر» بالأزمة. وأضاف ان تركيا «حليف في الحلف الأطلسي، وسنعمل جاهدين على البقاء متحالفين معها ضد عدونا المشترك، ونؤدي عملاً رائعاً معاً». إلى ذلك، أصدرت السلطات التركية مذكرات بتوقيف 25 عسكرياً، في تركيا وجمهورية قبرص التركية، لاتهامهم بالارتباط ب «الهيكل العسكري السري» لجماعة غولن. في السياق ذاته، أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان أن هناك أدلة متزايدة على انتهاكات في حق معتقلين بعد المحاولة الانقلابية، لافتة الى ان «التعذيب وإساءة معاملة الموقوفين في سجون الشرطة في تركيا، بات مشكلة شائعة». وأشارت الى ان «ابرز الأخطار» يواجهها موقوفون يُشتبه بارتباطهم بمخططي الانقلاب او ب «حزب العمال الكردستاني»، محذرة من ضغوط على المحامين الذين يواجهون «عراقيل وأخطاراً». واعتبر ان 5 حالات خطف سُجلت في انقرة ومدينة ازمير، بين آذار (مارس) وحزيران (يونيو) الماضيين «يمكن ان ترقى الى حالات اخفاء قسري». في غضون ذلك، أمرت محكمة تركية بإبقاء الصحافية الألمانية - التركية ميسالي تولو موقوفة، علماً انها تُحاكّم بتهمة الانتماء الى «الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني» المُصنف في تركيا ضمن الجماعات الإرهابية. ورفضت تولو الاتهامات الموجّهة اليها، فيمنا تحدث والدها عن «اتهامات باطلة ومجرّد أكاذيب».