علاج واعد جديد للسرطان؟ السؤال طالما أعطى آمالاً للبشرية لكن من دون أن تتحقق كلياً. هذه المرة العلاج - الأمل مصدره لبنان، وهو أكثر من واعد، إذ نجح فريق في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت بتطوير علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم والأورام اللمفاوية ويعتبر بديلاً من العلاج الكيماوي التقليدي. وقد قاد البروفسور علي بازارباشي، أستاذ الطب الداخلي في كلية الطب في الجامعة، هذا الفريق الذي تعاون مع عدد من الباحثين في العالم. وسرطان الدم والأورام اللمفاوية يصيب جهاز المناعة لدى البشر مستهدفاً الخلايا الدفاعية. والنوع الذي استهدفه فريق بازارباشي هو نوع نادر وشرس من السرطان يقاوم العلاج الكيماوي. ويقوم الدواء الجديد باستهداف المسببين المعروفين لسرطان الدم والأورام اللمفاوية، وهما فيروس «اتش تي إل في 1» وبروتين تاكس. ويقول الدكتور بازارباشي إن فيروس «اتش تي إل في 1» الشبيه بفيروس الايدز، يهاجم خلايا جهاز المناعة. وكشفت أبحاث في مطلع الثمانينات أن هذ الفيروس هو السبب الرئيس لسرطان الدم والأورام اللمفاوية، ويصيب 15 إلى 20 مليون شخص حول العالم. أما بروتين تاكس فيحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية غير مستقرة وتقاوم العلاج الكيماوي. وكشف دوره في منتصف الثمانينات من القرن الماضي. وكان بازارباشي قد ساهم عام 1995 عبر بحث أجراه في تطوير واختبار دواء مزدوج، من الانترفيرون والآ زي تي، يمنع فيروس «اتش تي إل في 1» من التكاثر. وجرب هذا الدواء بين عامي 1995 و2005 على المرضى في اختبارات إفرادية وأعطى نتائج مشجعة، ما جعله يجمع مع فريقه معطيات جميع هؤلاء المرضى لدراستها. وبين عامي 2006 و2008 أظهر تحليل 250 حالة من هذه الحالات أن نسبة المرضى الباقين على قيد الحياة لمدة خمس سنوات بعد ظهور المرض لديهم ارتفعت من 10 في المئة مع العلاج الكيماوي التقليدي إلى 50 في المئة مع الدواء المزدوج. وأصبح هذا هو العلاج المعتمد عالمياً للعناية بمصابي هذا النوع من سرطان الدم والأورام اللمفاوية. ويقول بازارباشي: «تلك كانت المرحلة الأولى من هذا المجهود، وفيها وفر الدواء المزدوج السيطرة على المرض لكنه لم يشفه، ولزم على المرضى تناوله مدى الحياة لكبح جماح المرض من دون التمكن من إزالته». وانصبّت الدراسات بعد ذلك على معرفة كيفية تحويل بروتين تاكس الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية. ولم يحل فريق بازارباشي هذا اللغز إلا في العام الماضي، ما مهد الطريق للمرحلة الثانية، وفيها حقق الفريق إنجازاً جديداً وهو ضمان عدم عودة المرض عبر دواء من ثلاثة مكونات: آي زي تي، وانترفيرون، وزرنيخ. وبينما يقوم العلاج الكيماوي التقليدي بقتل الخلايا السرطانية والسليمة على حد سواء، فإن الدواء الجديد يستهدف الخلايا السرطانية فقط وذلك عبر استهداف بروتين تاكس الذي لا يتواجد إلا في الخلايا السرطانية، فلا تُصب الخلايا السليمة بأذى. وأجريت تجارب على الحيوانات المخبرية اظهرت ان العلاج يؤدي إلى القضاء على خلايا اللوكيميا عبر استهداف الخلايا الجذعية للسرطان. وبعد ذلك أُجريت تجربة أولى على 10 مرضى، وبعد ايقافهم العلاج بالدواء الثلاثي، لم يعاود المرض ظهوره. والآن، وبمنحة 900 ألف دولار من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، يتابع المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت مع شركائه الأبحاث للقضاء نهائياً على هذا النوع السرطاني والفيروس المسبب له، والانتقال إلى علاج أنواع أخرى من سرطان الدم والأورام اللمفاوية.