يحلّ المنتخب الفرنسي ضيفاً على نظيره البلغاري في مباراة تعيد إلى الذاكرة ما حصل عام 1993 عندما حرم من التأهّل إلى نهائيات مونديال الولاياتالمتحدة بالخسارة 1-2 على ملعب "بارك دي برينس"، بهدف قاتل سجّله إميل كوستادينوف في الجولة الأخيرة من التصفيات الأوروبية. وتبقى تلك المباراة المشؤومة عالقة في أذهان الفرنسيين الذين غابوا في حينها عن النهائيات العالمية للمرة الثانية على التوالي، قبل أن يتوجوا في النسخة التالية عام 1998 على أرضهم بلقبهم الأول والوحيد، ولم يغيبوا منذ حينها عن كأس العالم. وعلى رغم كثرة الحديث في الأيام الأخيرة عن ذكريات 1993، يختلف وضع المنتخب الفرنسي حالياً عمّا كان عليه قبل 24 عاماً، إذ يتصدّر رجال المدرب ديدييه ديشان المجموعة الأولى بفارق نقطة عن السويد الثانية قبل جولتين على نهاية التصفيات التي يختتمونها الثلثاء على "ستاد دو فرانس" في ضواحي باريس ضد بيلاروسيا. وكان بالإمكان أن يكون الوضع أفضل بكثير بالنسبة للمنتخب الفرنسي، لكن "الديوك" فرطوا في الجولة الماضية بفرصة الاقتراب خطوة كبيرة من النهائيات، بعدما تعثروا على أرضهم أمام لوكسمبورغ المتواضعة للمرة الأولى منذ 1914 بالتعادل معها صفر-صفر في تولوز. وكانت الفرصة قائمة أمام فريق ديشان للبقاء في الصدارة بفارق 3 نقاط عن السويد نظراً إلى تواضع مستوى المنتخب الضيف، لكن الفرنسيين الذين كانوا قادمين من انتصار ساحق على هولندا (4-صفر)، عجزوا عن ترجمة الفرص التي سنحت أمامهم طيلة الدقائق التسعين، وفرطوا بنقطتين ثمينتين. وعلى رغم هذه النتيجة التي أعادت فرنسا بالذاكرة إلى تاريخ الثامن من شباط (فبراير) 1914، أي تاريخ الذي فشلوا فيه للمرة الأخيرة في الفوز على لوكسمبورغ (خسروا 4-5)، ما زالوا في الصدارة أمام السويد التي تبدو السبت أمام مهمة سهلة كونها تستضيف لوكسمبورغ في سولنا، قبل أن تختتم التصفيات خارج ملعبها ضد هولندا. ويتخوّف الفرنسيون من أن يكون التعادل المخيب أمام لوكسمبورغ مكلفاً جداً، كما كانت الحال قبل 24 عاماً حين تلقوا هزيمة مفاجئة أمام إسرائيل (2-3) في الجولة قبل الأخيرة، ثمّ سقطوا على أرضهم ضد بلغاريا في مباراة كانوا بحاجة إلى نقطة منها من أجل العودة إلى النهائيات. ويؤكّد ديشان أن ما حصل قبل 24 عاماً في باريس معه ومع زملائه في المنتخب "يبقى صفحة حزينة وسوداء جداً..."، لكنه استطرد وأكد بأن "السياق مختلف" في التصفيات الحالية التي تحوّلت إلى كابوس لعملاق آخر هو المنتخب الهولندي المهدد بشكل حقيقي بالغياب عن النهائيات. ويخوض ديشان مباراتي الجولتين الأخيرتين بغياب ثلاثة لاعبين مؤثرين بسبب الإصابة هم المدافع بنجامان مندي (مانشستر سيتي الإنكليزي) ولاعب الوسط بول بوغبا (مانشستر يونايتد الإنكليزي) والمهاجم عثمان ديمبيلي (برشلونة الإسباني)، ثمّ لحق بهم مدافع باريس سان جرمان لايفان كورزاوا بعدما أصيب في ركبته في تدريبات الإثنين. وعاد إلى التشكيلة الفرنسية المهاجم ديميتري باييت ولاعب الوسط موسى سيسوكو بعد أن غابا عن الجولتين السابقتين، الأول بداعي الإصابة والثاني لارتباطه مع فريقه توتنهام هوتسبر الإنكليزي. وعلى رغم الفوز على بلغاريا 3-1 في الجولة الماضية، تعقّد وضع الهولنديين وذلك بسبب عودة السويد بانتصار كبير من باريساو على بيلاروسيا 4-صفر. ودخل المنتخبان إلى الجولة الماضية وهما يحاولان استعادة توازنهما بعد الخسارة المذلة لهولندا أمام مضيفتها فرنسا، وسقوط السويد أمام مضيفتها بلغاريا (2-3). ونجح المنتخبان في تحقيق مبتغاهما، لكن الفوز الثأري لهولندا على بلغاريا التي فازت على رجال المدرب ديك أدفوكات 2-صفر ذهاباً، لم يؤثر على وضعها لأنها ما زالت متخلفة عن السويد بفارق ثلاث نقاط، فيما تقلّص الفارق بينها وبين فرنسا المتصدرة إلى أربع نقاط. وبما أنه يتأهل إلى النهائيات مباشرة بطل كل من المجموعات التسع على أن تخوض أفضل منتخبات حلّت ثانية في مجموعاتها ملحقاً، بدأت تلوح في الأفق بوادر غياب ثان على التوالي للهولنديين عن بطولة كبرى بعد أن كانوا غائبين أيضاً عن كأس أوروبا 2016، علماً أن غيابهم الأخير عن كأس العالم كان في 2002. وما يزيد من صعوبة هولندا أنّها تتخلف بفارق ستة أهداف عن السويد قبل مباراتها السبت مع بيلاروسيا في باريساو، وبالتالي حتى لو فازت عليها في الجولة العاشرة الأخيرة المقررة في أمستردام الثلثاء، فإن بطاقة الملحق ستكون من نصيب المنتخب السكندنافي أو فرنسا التي تبدو أقرب إلى بطاقة التأهل المباشر. وفي المجموعة الثانية، من المرجح أن يتأجّل حسم بطاقة التأهّل المباشر إلى الجولة الأخيرة الثلثاء حين تحلّ سويسرا ضيفة على البرتغال بطلة أوروبا في لشبونة. وتتصدّر سويسرا المجموعة بفارق ثلاث نقاط عن البرتغال قبل استضافتها للمجر السبت في بازل، وذلك بعد خروجها فائزة من مبارياتها الثماني حتى الآن، آخرها ضد لاتفيا 3-صفر خارج قواعدها. وتتصدّر سويسرا بفضل نتيجة الفوز الذي حققته على أبطال أوروبا في الجولة الأولى (2-صفر). وفي حال نجح كريستيانو رونالدو ورفاقه في تحقيق فوز متوقع السبت على أندورا المتواضعة ثمّ ردّ اعتبارهم الثلثاء أمام "ناتي" في اللقاء الختامي، سيحصلون على بطاقة التأهّل المباشر نتيجة الفارق الكبير في الأهداف بين الطرفين (+24 للبرتغال مقابل +15 لسويسرا). لكن على "برازيليي أوروبا" تقديم مستوى أفضل من ذلك الذي ظهروا به في الجولة الأخير ضد المجر حيث عانوا للفوز 1-صفر على رغم اضطرار أصحاب الأرض لإكمال اللقاء بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 30. وفي المجموعة الثامنة، يحلّ المنتخب البلجيكي ضيفاً على البوسنة والهرسك في مباراة هامشية له بعد أن ضمن في الجولة السابقة تأهّله إلى النهائيات، لكنها ستكون مهمة جداً لأصحاب الأرض الذين يحتلون المركز الثاني بفارق نقطة فقط أمام اليونان التي تحل بدورها ضيفة على قبرص الرابعة.