الكارثة النووية التي نتجت من انفجار مفاعل ثانٍ في محطة فوكوشيما في اليابان تطرح السؤال عمّا اذا كانت جميع سيناريوات المخاطر قد تم التخطيط لها في جميع المفاعلات النووية التي توجد حالياً في العالم. فما فاجأ اختصاصيي الطاقة النووية انه عندما ضرب اليابان الزلزال المدمر الذي اطلق تسونامي، تمكنت انظمة المفاعل النووي التي تعمل في حالة الطوارئ من وقف المحطة النووية. لكن المشكلة كانت وفق خبراء الطاقة النووية انه من اجل ايقاف المحطة كلياً ينبغي تبريد قلبها الذي يبقى حامياً فينبغي تبريده بالمياه، وعند هذه اللحظة خرب كل شيء، فالمخزون من المياه لم يكن بالامكان التوصل اليه، وانقطع التيار الكهربائي مما اوقف المضخات الكهربائية، ومضخات الطوارئ لم تعمل، فلا شيء من اجراءات الطوارئ تحرك ولم يكن بالوسع تبريد المفاعل النووي. والقلق الآن في كل الدول التي تملك مفاعلات نووية انه ينبغي أن تراجع عمل محطاتها النووية وان تنظر كيف بنيت وما اذا تم اخذ جميع سيناريوات المخاطر والطوارئ المحتملة في الاعتبار، لأن ما حدث في اليابان كان استثنائياً فكان المفروض ان تعمل مضخات الطوارئ للتبريد حتى في حال حدوث تسونامي وفق الخبراء. فهذه المسألة تطرح نفسها على جميع الدول التي لديها طاقة نووية وهي كثيرة. ففرنسا مثلاً تعتمد للطاقة الكهربائية على 80 في المئة من الطاقة النووية، واذا كان بلد مثل اليابان يتميز بتقدم تقني كبير قد واجه مثل هذه الكارثة فالسؤال اليوم مطروح بالنسبة الى مفاعل بوشهر النووي الذي بناه الروس في ايران. وصحيح ان الخليج لا يواجه خطر تسونامي ولكن ايران تقع في منطقة جيولوجية معرضة للزلازل. والسؤال هو عمّا اذا كان الذين بنوا مفاعل بوشهر اخذوا في الاعتبار وجود مفاعل نووي في منطقة زلزالية ولا احد يملك الجواب على ذلك، الا ان المخاوف بالنسبة الى هذا الموضوع مشروعة، وكذلك بالنسبة الى كل المفاعلات النووية الموجودة في هذه المنطقة الزلزالية. هذا بالنسبة الى المفاعل النووي المدني. ففي فرنسا قال احد الخبراء انه يتم درس جميع الزلازل التي ضربت البلد ومضاعفة عددها بحيث تتخذ اجراءات طوارئ لمواجهة اقصى الاحتمالات. والسؤال: هل اتخذت هذه المعايير في بناء محطات نووية في بلدان اخرى؟ وعلى رغم ذلك ترى غالبية خبراء الطاقة ان الطاقة النووية ينبغي ان تبقى مهمة بين مصادر الطاقة، لأن العالم في حاجة اليها على المدى الطويل لانها تكمل مصادر الطاقة الاخرى الاساسية التي قد لا تكفي على المدى الطويل مثل النفط والغاز، ويقول الخبراء ان تقنية النووي هي عموماً متقدمة جداً واجراءات الامن فيها اكثر واشد مما يتم اتخاذه في صنع الطائرات والمحركات، فهي اجراءات لامن هذه الطاقة تتم مراجعتها وتشديدها باستمرار ولكن الطاقة النووية ليست المشكلة انما كيف تتم مراقبة امنها طوال السنوات، ولهذا طرحت كارثة اليابان اسئلة كبيرة لأنه بلد صناعي كبير ومتقدم ومع ذلك حدثت فيه هذه الكارثة. والآن بعد اخطر كارثة نووية مدنية بعد تشرنوبيل في اوكرانيا عام 1986 تعزز تأثير مقاومي الطاقة النووية في العالم. ففي المانيا اعلنت المستثارة انغيلا مركيل عن تأجيل العمل لتطوير عمر المحطات الالمانية مدة ثلاثة اشهر. وفي اليابان يأتي 30 في المئة من الكهرباء من الطاقة النووية وفي فرنسا 80 في المئة. وكانت المانيا قررت منذ 10 سنوات التخلي عن الطاقة النووية وطورت بدائل طاقة اخرى اصبحت الآن تمثل 20 في المئة من طاقتها الكهربائية. والآن تطرح كارثة اليابان اسئلة كبيرة عن امن هذه الطاقة لان مناهضي النووي يقولون انه لا يمكن مهما تقدمت التقنيات الغاء كل المخاطر.