أكد الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف ضرورة عدم التسرع في التوقعات في شأن اقتراب الخروج من أزمة المال العالمية، واعتبر أنها «لم تصل بعد إلى أسوأ مراحلها»، لافتاً إلى أنها «ستغير العالم» وتعيد ترتيب لائحة البلدان الرائدة في مجالات التنمية الاقتصادية. ودعت موسكو إلى وضع بنية تحتية ثابتة للاستثمارات بين روسيا والعالم العربي. وأعرب ميدفيديف في كلمة ألقاها في افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ أمس، عن قناعته بأنه «لا يزال من المبكر الحديث عن بلوغ الأزمة أدنى مراحلها». وأشار إلى أن الانتعاش الطفيف الذي شهدته الأسواق خلال الفترة الأخيرة لا يجب أن يبعث على آمال متسرعة. وزاد الرئيس الروسي: إن الأزمة بينت خطأ تقويم الترابط بين فروع الاقتصاد العالمي، و «لم يتمكن أحد من حماية نفسه منها»، مؤكداً أن الاستنتاج الجلي للعيان، هو «أن الخروج من الأزمة ليس ممكناً إلا ببذل جهود مشتركة، ما يتطلب التبادل النشيط للمعلومات من أجل إحراز النجاح في حل المشاكل الناشئة والتنسيق في أعمالنا المشتركة». وانتقد ميدفيديف طريقة تعامل بعض البلدان ومؤسسات المال العالمية مع الأزمة، معتبراً ان «أولئك الذين كان يتوجب عليهم التنبؤ في ما حدث والمساعدة في التنسيق، وجدوا أنفسهم غير قادرين على تقويم مدى عمق الأزمة وظهر عدم مرونتهم. ولم تتقن منظمات المال العالمية أداء وظائفها». وأوضح أن الحرص على أحادية القطب والاحتكار في الفروع المحورية للاقتصاد العالمي، يعدان السبب الرئيس للأزمة، ولفت إلى أن الأزمة «ستعيد ترتيب لائحة البلدان المتقدمة على صعيد التنمية، وستغير العالم». وحول الوضع في روسيا قال ميدفيديف، إن بلاده لم تتخل عن مهمة إنشاء مركز مالي دولي قوي. وإن «الاتجاه الأهم بالنسبة لنا يتمثل في تعزيز نوعية عمل النظام المالي الوطني، والتحول إلى إنشاء مركز مالي دولي قوي في موسكو». وأضاف، إن الأزمة المالية جعلت المهمة أكثر حيوية. وأكد ميدفيديف أن روسيا تمكنت في الأشهر الأخيرة من تحقيق استقرار الوضع في المجال المالي، وإن الحكومة قدمت دعماً لقطاعات الاقتصاد وهي تهتم كثيراً بتطوير الأعمال الحرة الصغيرة. وينعقد المنتدى الذي يطلق عليه الروس تسمية «دافوس روسيا»، في حضور ثمانية آلاف خبير ورجل مال وأعمال من عشرات البلدان، بينهم ألفا سياسي واقتصادي وممثل شركات كبرى. ونظمت موسكو على هامش «دافوس الروسي» ثلاث ورش عمل لمناقشة العلاقات الاقتصادية بين روسيا من طرف والولايات المتحدة والعالم العربي وأوروبا من الطرف الآخر. الملتقى الروسي - العربي وفي الملتقى «الروسي- العربي» دعا ايغور شوفالوف النائب الأول لرئيس وزراء روسيا الاتحادية، إلى إنشاء بنية تحتية للاستثمارات المشتركة لروسيا والعالم العربي. وزاد: «لا توجد حتى الآن هياكل للاستثمارات المشتركة، ويجب إنشاؤها في السنوات القريبة المقبلة». واعتبر المسؤول الروسي أن القدرات الكامنة التي تتمتع بها روسيا والعالم العربي لم تستنفد و «في الوقت ذاته لم تتحقق خطوات كثيرة». لكنه لفت إلى تعاون نشط في قطاع النفط والغاز، بما فيه ما يخص صياغة مواقف جديدة في السوق العالمية. وذكر شوفالوف أن روسيا تهتم بإنشاء ساحات تجارية مشتركة مع الدول العربية التي تملك احتياطات من النفط والغاز بهدف تنسيق الأعمال على الصعيد الدولي. كما أعلن نائب وزير الخارجية الكسندر سلطانوف أن التبادل التجاري بين روسيا والعالم العربي بلغ العام الماضي ثمانية بلايين دولار، ولفت إلى أن «المبلغ ضئيل جداً ولا يتناسب مع إمكانات روسيا والعالم العربي».