يُعدّ كتاب «عالَم الخرائط» الذي أنجزته مجموعة من الباحثين الغربيّين، وصدر عن «دار صفصافة» في القاهرة بترجمة الدكتورة نعيمة الحوسني، بمثابة موسوعة تعرض أحدث الدراسات والبحوث في علم الخرائط وملحقاته. يتمثّل الموضوع الرئيسي للكتاب في تصميم الخرائط ورسمها، لكنه ينفتح أيضاً على امتداد فصوله ال19 على مجالات معرفيّة وعلميّة وتاريخيّة وثقافيّة وتكنولوجية وجيو- سياسيّة، ربما ما كانت لتخطر ببال غير المختصين لولا دراسة ماراثونيّة من هذا النوع. ويقدم الفصل الأول بعض المبادئ الأساسية في علم رسم الخرائط. ويشير إلى بعض أنماطها. ويعرض تطوّر وظيفة الخريطة، مؤكّداً أنها باتت إلكترونيّة حاضراً ما يعني أنها تختلف عن الورقيّة التي تبقى تراثاً مهماً لا يمكن إغفاله في حساب التطوّر ومعادلة الارتقاء. ويتناول الفصل الثاني استعمالات الخرائط التي تتجلى قيمتها في كونها صوراً ووثائق يُستفاد منها في تحقيق جملة واسعة من الأغراض السياسيّة أو الاقتصاديّة أو الرياضيّة أو التعليميّة أو الحربيّة أو السياحيّة، إضافة إلى قدرتها في مجال نقل المعلومات، واستعمالها في تطبيقات علميّة وتكنولوجيّة متنوّعة. ويصف الفصل الثالث نوعيات البيانات والمعلومات المراد تحويلها إلى خرائط. ويشير إلى أثر الحوسبة المعاصرة في فن رسم الخرائط. ويركز الفصل الرابع على تقنية استخدام الألوان في إخراج الخرائط، مبيّناً كيفيّة الاستفادة منها في إضافة بيانات ونصوص تتوافق مع ما تقدّمه صور الخرائط بحد ذاتها. ويتحدّث أيضاً عن تصميم الخريطة ومجالات استخدامها. إرث القديم وخطوطه يتمحور الفصل الخامس من «عالَم الخرائط» حول العوامل التي تقف وراء رسم الخرائط المتعلقة بخصائص الأرض، بداية من وضع الرموز ومروراً بتحديد مقياس الرسم ووصولاً إلى تقنيّات تجسيم التضاريس. ويتناول الفصل السادس عناصر تصميم الخريطة، مُركزاً على الخرائط التي ترسم بناء على مواضيع معيّنة كالبيئة النباتيّة الطبيعيّة، وإحصاءات السكان والبيانات الاقتصاديّة وما إلى ذلك. ويقدّم الفصل السابع وصفاً دراسيّاً لعملية جمع الخرائط بين دفتي أطلس ما، وكذلك تدريس المعلومات الجغرافيّة المكانيّة في المدارس والجامعات والمكتبات العامة التي تتيح للجمهور العام الاطلاع عليها. ويتطرق الفصل الثامن إلى طُرُق التثبّت من صحة مفاتيح الخرائط وتعليقاتها وبياناتها، خصوصاً أسماء المعالِم والتفاصيل الجغرافيّة وسواها. ويشمل الفصل التاسع عرضاً تفصيليّاً عن النطاق المساحي الأساسي، وأنواع المساقط الهندسيّة في الخرائط والأسس الرياضيّة التي تستند إليها. ويضمّ الفصل حصيلة وافرة من أنماط تلك المساقط. ويتمحور الفصل العاشر حول استخدامات الخرائط، ومدى اتساع نطاق الفاعليّات الإنسانيّة التي يمكنها الاستفادة من الخرائط والتعويل عليها في أحوال السلم والحرب والكوارث، خصوصاً على الصعيد العالمي. ويشتمل الفصل عينه على عرض مستفيض لاستفادة منظمة الأممالمتحدة من الخرائط بأنواعها، مع إشارات كثيرة إلى دور المنظمة الأمميّة في النهوض بفنون رسمها أيضاً. في الفصلين الحادي عشر والثاني عشر، هناك تركيز على وظيفة رئيسيّة للخريطة تتمثّل في الملاحة بأنواعها المختلفة (براً، بحراً وجوّاً)، بإلقاء الضوء أيضاً على نماذج معيّنة من رياضة الملاحة الحديثة التي تعتمد كليّاً على الخرائط. ويتعلّق الفصل الثالث عشر بجانب مهم من عالَم الخرائط هو ذلك المتّصل بتنفيذها ونسخها ونشرها، متطرّقاً إلى استراتيجيات وتقنيات وآليات طباعتها بأنواعها كافة. ويحتوي الفصل الرابع عشر على دراسة عن البدائل الإلكترونيّة للخرائط الورقيّة، مُركزاً على كونها وليدة ثورة المعلومات الجغرافيّة المكانيّة. كما يشير إلى العوائق الراهنة والاحتمالات المستقبليّة بالنسبة إلى إنتاج الخرائط اعتماداً على الوسائط الرقميّة وتقنيات الحواسيب. المكان المتحرّك في الفصلين الخامس عشر والسادس عشر، يتوقّف الكتاب عند الأهمية الفائقة لبيانات الجغرافيا المكانيّة في القرن الحادي والعشرين، مشيراً إلى ما يلحقها من تطور وتغيير سريعين، وهما باتا عنصراً حاسماً في عمليات نشر الخرائط وتوزيعها. وينطبق وصف «المكانيّة» في ذلك السياق، على البيانات التي تدل على تحرّك الأفراد والمجموعات والمركبات والآلات وسواها، على امتداد المدى الجغرافيا للأرض بأسرها. وفي الفصل السابع عشر، يلتفت الكتاب إلى الأزمة التي تمر بها الطرائق التقليدية القديمة والأساليب المعلوماتية المقنّنة في التعاطي مع بيانات الجغرافيا المكانيّة. وينبّه إلى وجود تطوّرات حاسمة حاضراً في تعاطي الخرائط مع بيانات الجغرافيا المكانيّة، مُلاحِظاً تكاثر الطرق والمناهج المتّبعة في تنظيم تلك البيانات والمعلومات. ويسلط الفصل الأخير الضوء على طُرُق يضعها في يد كل من يهتم بصنع خريطة ما، كي تعينه في تلك المهمة. ويبيّن أيضاً التأثير الضخم الذي خلفته التكنولوجيّات الجديدة في مناهج تفكير رسّامي الخرائط المعاصرين، مع أمثلة توضح كيفية تناول الموضوع في المدارس والجامعات ولدى الأفراد المهتمين بالأمر أيضاً. وكذلك يتطرق إلى فرص الدراسات المستقبليّة، مُدرِجاً مجموعة من التمارين والتدريبات المتفرقة في ذلك الشأن. ويختتم بالإشارة إلى ضرورة تحديث المعلومات عن الخرائط لدى المهتمين بها، مع التركيز على دور المعلوماتيّة والاتّصالات المتطوّرة في ثورة عالَم الخرائط في القرن الحادي والعشرين. وتشغل الدكتورة نعيمة الحوسني منصب الرئيس في «قسم الجغرافيا والتخطيط الحضري» في جامعة دولة الإمارات العربيّة المتحدة. وحصلت على الماجستير (2005) والدكتوراه (2009) في علم الخرائط مِن جامعة كنساس الأميركية. ونالت «جائزة خليفة التربويّة» في فئة الأستاذ الجامعي المتميّز في التدريس».