تجاوزنا مرحلة المفاوضات السرية والضغوط اللوجستية ونقل اللاعبين من أنديتهم الأصلية بالمال أحياناً وبالطرق غير النظامية أحياناً، وأصبحنا في «زمن الاحتراف»، الذي يمنح كل الأندية حرية المفاوضات والتنقلات فترتين كل موسم، أسوة بدول العالم المنضوية تحت لواء الاتحاد الدولي لكرة القدم. مفاوضات الأندية للاعبين والأندية التي تملك بطاقاتهم ولوكلاء اللاعبين، أصبحت في وضح النهار ووفق طرق يحترمها كل الأطراف، وهذه من مميزات «زمن الاحتراف»، الذي يفتح الباب على مصرعيه للجميع، وإن كانت أندية المال والجاه هي صاحبة الحظوة، لكن ذلك يهون في ظل أنظمة واضحة وصريحة. جميل ركض الأندية لدعم صفوفها بما تحتاجه من اللاعبين، وجميل ذلك الصراع الذي يتم في وضح النهار، ووفق قواعد وأنظمة الاتحاد الدولي، والأجمل من ذلك الانفتاح الذهني والإداري للأندية، التي يتعرض لاعبوها لإغراء الانتقال، وآخر تلك الشواهد رئيس نادي الاتفاق عبدالعزيز الدوسري، الذي أعلن عن تلقي ناديه عرضين من الهلال والاتحاد، للاستفادة من خدمات اللاعب راشد الرهيب، وكان الدوسري صريحاً وواقعياً، وهو يعلن العرضين ويعلن الاتجاه للعرض الأفضل، بدلاً من اللهاث السابق من بعض رؤساء الأندية، الذين كانوا يرتمون في أحضان رؤساء الأندية الكبيرة، بل ويسربون اللاعبين على شكل هدايا وكأنهم سلعة بشكل غير إنساني «زمن الاحتراف» يعتمد على العرض والطلب وقناعة كل الأطراف من دون تأثير للقوة الخفية في الانتقالات كما كانت تسير عليه الأمور في حقبة الهواية. في زمن الهواية كان النادي يغلق على اللاعب الهاوي بالضبة والمفتاح، ويعذبه نفسياً بالتجميد والإقصاء من دون أن يمنحه حرية الانتقال، ومن دون منحه فرصة المشاركة في المباريات، وقضينا بهذا الأسلوب على عدد كبير من اللاعبين، الذين صدمتهم عنجهية العمل الإداري التعسفي. من دون شك فإن «زمن الاحتراف» نقلة جميلة إذا احترم اللاعب هذه النعمة التي ضمنت له حقوقه المالية، ولكنها للأسف لم تضمن للأندية حقوقها كاملة، فقد يتمرد اللاعب على ناديه كما فعل لاعب الاتحاد محمد نور، الذي يفرض كلامه على الكيان، ويعلن تمرده في أعقاب إنجاز جميل كان يمكن أن يتحول للوحة اتحادية جميلة لولا خروج نور عن النص ومن قبل هزازي وكارير والبقية في الطريق، وما يحدث في الاتحاد يحدث أيضاً في أندية كبيرة أخرى، ففي الهلال شبه تمرد غير معلن من ياسر القحطاني ومحمد الدعيع وخالد عزيز، وفي الأهلي هناك عينات قد تبوح بما لديها قريباً وفي الوحدة أكثر. نحن أمام «زمن احتراف» يضمن للاعبين حرية الانتقال، ويضمن لهم حقوقهم من دون أن تحصل الأندية على كامل حقوقها من اللاعبين، الذي يعتقدون أن المال والسيارات الفارهة أتت لهم على علم عندهم، بينما واقع الحال يقول إن ذلك أتاهم في غفلة من الزمن، وقد يأتيهم مسخ وخسف ورعود مطر تعصف بالأخضر واليابس ما لم يعودوا لمربع الولاء والنزاهة والصدق مع النفس. [email protected]