تبذل حكومة رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف محاولات حثيثة لمواجهة أوضاع تفجرت في شكل مفاجئ بعد تكليفها الأسبوع الماضي. وقررت في أول اجتماع لها أمس الموافقة على مشروع قانون يرفع عقوبة البلطجة إلى الإعدام في حال سقوط قتلى، فيما تعهد وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي إعادة الاستقرار إلى الشارع قريباً. وتأتي تلك الجهود في وقت عمت الفوضى ميدان التحرير أمس اثر اشتباكات بين معتصمين في الميدان ورافضين لاستمرار التظاهرات مدعومين ببلطجية، ما أدى إلى سقوط ثمانية جرحى على الأقل. وهاجم مئات بينهم بلطجية المعتصمين في ميدان التحرير في محاولة لإخلائه بالقوة. ووقعت اشتباكات تبادل فيها الجانبان الرشق بالحجارة. وبدأت الاشتباكات عندما اقتحم البلطجية الميدان مسلحين بالعصي والحجارة، ليصدهم مئات المعتصمين. ومع تدخل الجيش لتطويق الاشتباكات، فر المهاجمون إلى الشوارع الجانبية قبل أن يبدأوا في تجميع أنفسهم وينطلقوا في موجة هجوم ثانية، ويتبادل الجانبان التراشق بالحجارة والكر والفر. وتجمع المهاجمون في ميدان عبدالمنعم رياض يتقدمهم عشرات الشبان المدججين بالعصي، قبل أن يشتبكوا مع المعتصمين في حديقة تتوسط ميدان التحرير. وأصابت الاشتباكات حركة المرور في وسط القاهرة بالشلل. وجاءت الاشتباكات فيما كان رئيس الحكومة وعدد من الوزراء يجتمعون مع قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد. وكان شرف قطع أمس الاجتماع الأول لمجلس الوزراء بعد تشكيل حكومته، وتوجه مع نائبه الدكتور يحيى الجمل وعدد من الوزراء إلى المجلس العسكري لعرض مشروع قانون أقرته الحكومة يتضمن «تغليظاً للعقوبات في جرائم البلطجة والترويع والتخويف لتصل إلى الإعدام إذا أفضت هذه الجرائم إلى الموت»، قبل أن يعود إلى مقر مجلس الوزراء في وسط القاهرة لاستكمال الاجتماع. وقال الناطق باسم الحكومة مجدي راضي إن مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل «يتعلق بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بإضافة باب جديد يتعلق بترويع المواطنين والتخويف والنيل من طمأنينة المواطن والبلطجة»، مشيراً إلى أنه «تم تغليظ العقوبة بمضاعفة مدة السجن وصولاً إلى الحكم بالإعدام في حال التسبب بالوفاة». وناقش مجلس الوزراء ملفات أبرزها «إعادة الأمن والأمان إلى الشارع، ودفع عجلة الاقتصاد بما فيها جذب الاستثمارات والسياحة، إلى جانب متابعة عدد من التقارير المتعلقة بتوفير السلع الأساسية للمواطنين وانتظام الدراسة في المدارس والجامعات». وتعهد وزير الداخلية إعادة الأمن والاستقرار إلى الشوارع. وقال إن «الوزارة تعكف حالياً على إعادة ترتيب الأولويات وتحديد رؤية أمنية جديدة قوامها الاستيعاب التام والكامل لمعطيات المرحلة الراهنة وما حققته ثورة 25 يناير من إنجازات». وأوضح أن «وزارة الداخلية تدرس حالياً العديد من الإجراءات والنظم الخاصة بالتشغيل وفق الحاجات المطلوبة في تلك المرحلة». وكان العيسوي اجتمع مع عدد من القيادات الأمنية وضباط مديرية أمن القاهرة. وأكد لهم «ثقة كل مؤسسات الدولة في رجال الشرطة ودورهم في حماية مقدرات الوطن وممتلكاته العامة والخاصة». وشدد على ثقته الكاملة في أدائهم «والتزامهم الشرعية وسيادة القانون وحسن معاملة المواطنين، وأن تكون العلاقة بين الشرطة والمواطنين قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون وتضافر الجهود». وبدأت حملات أمنية تابعة لوزارة الداخلية تجوب الشوارع وتمارس مهمات حفظ الأمن وضبط الخارجين على القانون، فيما واصلت المحكمة العسكرية العليا إصدار أحكام بالحبس ضد متهمين بالبلطجة. في غضون ذلك، اجتمع أمس الرئيس السوداني عمر البشير مع مرشد «الإخوان المسلمين» محمد بديع ورئيس «حزب الجبهة الديموقراطية» أسامة الغزالي حرب، وهنأ الشعب المصري «بنجاح الثورة». وشارك في الاجتماع الذي استمر نحو ساعة وعقد في قصر القبة (شرق القاهرة)، عضوا مكتب إرشاد «الإخوان» محمد مرسي وعصام العريان. ونقل العريان عن البشير دعوته المسؤولين المصريين إلى «التوجه إلى السودان لزراعة القمح»، وأنه «كان طرح هذا الأمر على النظام السابق، لكنه قوبل بالرفض نتيجة ضغوط أميركية». وقال ل «الحياة» إن «الرئيس السوداني أبدى ترحيبه بتوطين مليون فلاح مصري في السودان لزراعة الأراضي هناك، كما تطرق اللقاء إلى قضية تقسيم مياه النيل، وشدد البشير على ضرورة التنسيق بين القاهرة والخرطوم في هذا الإطار لمواجهة المخططات الغربية». إلى ذلك، قررت محكمة استئناف القاهرة الإذن لجهاز الكسب غير المشروع بكشف سرية الحسابات المصرفية الخاصة بمكتبة الإسكندرية في كل البنوك المصرية، لبيان ما إذا كانت زوجة الرئيس السابق سوزان مبارك تتصرف فيها بمفردها بالسحب والإيداع من عدمه، وأيضاً كشف الحسابات المصرفية السرية ب «مركز سوزان مبارك الدولي للسلام»، و «جمعية محمد علاء مبارك الخيرية»، والودائع الخاصة بهما. وأعلن جهاز الكسب غير المشروع أنه ينتظر تلقي تقارير من جهات رقابية عدة عن ثروات وأرصدة مجموعة من كبار المسؤولين والوزراء السابقين وأعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلسي الشعب والشورى)، «تمهيداً لإجراء التحقيقات مع من يثبت ارتكابه منهم لجريمة الكسب غير المشروع وتضخم ثروته بصورة لا تتناسب مع موارد دخله القانونية، وإحالته على المحاكمة الجنائية». وتواصلت الاحتجاجات الفئوية أمام مقر مجلس الوزراء لليوم الرابع على التوالي، إذ طالبت مجموعة من العاملين في وزارة البترول بتعيين العمالة الموقتة، ونادت مجموعات من أصحاب المعاش المبكر والعاملين في جهازي الشباب والرياضة بإنشاء وزارة مستقلة. واقتحم مئات المتظاهرين العاملين في قطاعات وزارة الطيران المدني مكاتب قيادات الوزارة ومطار القاهرة، مطالبين بإقالة القيادات من العسكريين الذين تولوا المناصب خلال الفترة الماضية، كما طالبوا بإقالة وزير الطيران الحالي إبراهيم مناع. ونجحت القوات المسلحة في السيطرة على الموقف وتأمين خروج قيادات في المطار بعدما كانت وقعت اشتباكات بين مؤيدى قيادات في المطار ومعارضيهم. وطالب عاملون في اتحاد الإذاعة والتلفزيون الحكومي أطلقوا على أنفسهم اسم «الإعلاميون الثوريون» بتشكيل مجلس أمناء موقت للاتحاد لضمان إدارة جماعية انتقالية لأوضاعه. ودعوا في بيان أمس إلى «إقالة ومحاسبة كل القيادات الإعلامية الحالية التي تحاول الالتفاف على مطالب الثورة، وصياغة منهج إعلامي جديد يعتمد المهنية».