افتتحت أعمال المؤتمر الدولي، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بعنوان: «التواصل الحضاري بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي» في مدينة نيويورك، بمشاركة منظمة الأممالمتحدة، وحضور 450 عالماً ومفكراً يمثلون 56 دولة، وكبرى المؤسسات الفكرية والثقافية الإسلامية، والأميركية. وقال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد العيسى في كلمة: «إن للتواصل الحضاري بين العالم الإسلامي والولاياتالمتحدة تاريخاً ممتداً في التبادل والتعاون الإنساني والمعرفي والاقتصادي والسياسي»، مشيراً إلى أن «هذه العلاقة الحضارية المميزة كشفت عن الخطأ الفادح لنظرية «صدام الحضارات» المبنية على إثارة نعرة الكراهية والعنصرية ونصب حواجز وهمية، ربما كانت في بعض أطروحاتها حادة جداً حتى على القواسم المشتركة والتبادل المعرفي والإنساني، وهو مزلق يتجه نحو انحدار خطر للعقل البشري في سياق خروجه عن جادة التفكير السوي البعيد تماماً عن المفاهيم الحضارية، وذلك من واقع رفضه للآخر، بدافع من التشاؤم أو الكراهية أو خلل التصور». وأضاف أن هذا «سيقوده إلى ترك الأخذ بالخيارات الممكنة والمتعددة التي تجمع وتُقرِّب وتُسعد، وهذا التعايش الحضاري لا يعني بالضرورة قناعة كل منا بوجهة نظر الآخر، لكن المهم هو تفهمنا سنة الخالق في الاختلاف والتعدد والتنوع، ووجوب التعايش والتعاون في ضوء هذا التفهم لخدمة المصالح المتبادلة، بل وخدمة الإنسانية جمعاء، ولتعزيز السلم الاجتماعي والأمن الفكري ودحر الشر، بل وهزيمته، مع ترسيخ مفاهيم البر والإحسان والعدل والحريات المشروعة مع الجميع من دون تمييز ديني ولا مذهبي ولا عرقي ولا سياسي ولا فكري ولا غير ذلك». وأوضح أن قادة التطرف الإرهابي «أكدوا أنهم يلتقون فكرياً مع بعض أعدائهم (وهم الممثلون للتطرف المضاد) يلتقون حول شيء واحد وهو قناعة وترويج كلٍّ منهم هذه النظرية الداعية إلى صراع البشرية، سواء لاعتبارات دينية أم مذهبية أم فكرية أم ثقافية، وأن هذه المجازفة الفكرية تنبع من رفض أصحابها أن يكون على كوكبنا أكثر من رأي أو قناعة، وربما جازف بعضهم ودعا إلى عنصر وعرق واحد وإلغاء ما سواه بأي أسلوب من أساليب الإلغاء المتاحة له، وهذه من دون شك كارثة فكرية تقود إلى كارثة إنسانية». وأكد أن أحداث التاريخ، التي شهدت كوارث مفزعة للصراع «يجب أن تكون داعية إلى نظرية تلاقي وتواصل وتعاون، بل وتحالف الحضارات لا لصراعها، إذ انتهى الخلل الفكري، بتحليله الفادح في الخطأ لتلك الكوارث، إلى فهم تشاؤمي لما يجب أن يكون عليه منطق الوعي والبصيرة والمعالجة الصحيحة». إلى ذلك، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، في كلمة له، إن منظمة التعاون الإسلامي «تؤمن بدور الحوار في تعزيز الاحترام والتفاهم المتبادلين بين الشعوب، وبأن إرساء ثقافة التعايش السلمي من شأنه خدمة الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي على حدٍ سواء؛ مؤكداً أن تعزيز الترابط بين الأمم يحميها من الوقوع في براثن الكراهية والتمييز». ودعا إلى التصدي للإسلاموفوبيا والعنصرية وكراهية الأجانب، من خلال اعتماد منهج شامل للحوار بين أميركا والشعوب الإسلامية؛ مشدداً على أهمية التركيز على العوامل المشتركة بين الأمتين للتأسيس لحوار مفيد للطرفين. جاين: المملكة حريصة على مصلحة المسلمين في أصقاع الأرض من جهته، ألقى الأمين العام للمجلس العالمي لقادة الأديان في الأممالمتحدة ياوا جاين كلمة عبّر فيها عن شكره لرابطة العالم الإسلامي والقائمين عليها، على نجاحهم في عقد مثل هذا المؤتمر المهم، مشيراً إلى أن «المملكة العربية السعودية أكثر دولة تحرص على مصلحة المسلمين في شتى بقاع الأرض». ولفت جاين إلى أن عدد المسلمين في الولاياتالمتحدة سيتجاوز 50 مليون نسمة عام 2050، وعلى الجانبين مشاطرة بعضهم البعض مخاوفهم وقلقهم، لتذليل العوائق كافة التي من شأنها عرقلة التنمية في العالم. ودعا ياوا جاين إلى الانتقال من مرحلة قبول الآخر إلى مرحلة احترام الآخر، مشدداً على ضرورة مشاركة المسلمين الأميركيين في الحياة العامة والنشاطات المدنية، وأن يتحلوا بالوطنية ويلتزموا بمراعاة مصلحة بلدهم ومواطنيهم.