حقاً وما نيل المطالب بالتمني... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. هكذا أثبت الشعب المصري صحة هذا البيت الشعري في ثورة شعبية اجتاحت كل المدن المصرية وكان ميدان التحرير رمزاً لمركزها الرئيس. ثورة أثبتت لكل أهل الأرض أن ثمة رجالاً في مصر امتازوا بالصبر وجمح غضبهم، لكن عندما يثورون فإنهم ينجحون، ثورة بيضاء أشعلها شباب مصر الواعي والطاهر استطاع من خلالها أن يُوصل صوته إلى النظام الجاثم على صدر مصر منذ سنوات، والذي تجاهل نداءات كثيرة ومتكررة بضرورة الإصلاح والتغيير، كانوا يعتبرونها نداءات غوغائية مدفوعة بأيدٍ أجنبية، لكن يبدو أن رسائل الشعوب لا تصل إلى حكامهم إلا بعد ان يثوروا عليهم ويطيحوهم من مناصبهم. ففي الأمس القريب خرج الشعب التونسي بعدما فاض به الكيل ليثبت أن الشعب يريد الحياة. لقد ظل المسؤولون المصريون يرددون أن ما حدث في تونس لا يمكن أبداً أن يحدث في مصر، فمصر المستقرة - من وجهة نظرهم - شعبها لا يثور، لكن ربما قد تسرع كل مسؤول أدلى بمثل هذا التصريح أو ربما نسي أن يقرأ تاريخ الشعب المصري الذي ثار على الظلم مراراً وتكراراً. غريب حقاً ذلك التعامل البطيء جداً للسلطات المصرية وكأنها لم تستفد من الدرس التونسي! سرعان ما انهارت الشرطة المصرية في مواجهة غضب الشارع المصري الذي رفع سقف مطالبه يوماً تلو الآخر، ومع كل يوم كان الرئيس يزداد تشبثاً بالمنصب. كان الشارع يزداد تمسكاً بمطالبه. إن من حق الشعوب أن تحيا في ظل عدالة وحرية وديموقراطية، الشعوب لا تريد سوى الحياة الكريمة ولا تطمح سوى إلى لقمة العيش والرزق القليل الذي يكفيها ويؤمّن مستقبل أبنائها، لكن يبدو أن بعض الزعماء يستكثر ذلك على شعوبه، فتكون النتيجة الثورة.