تشير تسريبات متضاربة إلى أن الجلسة التي يعقدها برلمان إقليم كردستان غداً، بعد انقطاع دام أكثر من عامين، ستُحدد مصير الاستفتاء حول انفصال إقليم كردستان والتداعيات المحيطة به والبحث عن مخرج. ومع تجديد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي دعوته الأكراد إلى الحوار في بغداد، حض رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني البرلمان العراقي على مراجعة قراره حول رفض الاستفتاء في إقليم كردستان. وتحدثت مصادر عن تناسق الموقفين الأميركي والإيراني في شأن الاستفتاء وتأجيله إلى أجل غير مسمى. وأفاد بيان لحزب «الاتحاد الوطني» مساء امس أن البرلمان أرجأ اولى جلساته المقررة اليوم الى غد الجمعة لاسباب ادارية، بعد انقطاع دام أكثر من عامين، إثر منع حكومة الإقليم رئيس البرلمان يوسف محمد من دخول أربيل عاصمة الإقليم. ورجحت المصادر السياسية حضور حركة «التغيير»، أبرز معارضي سلطة بارزاني، جلسة اليوم، وسط تكهنات متضاربة حول ما يمكن أن تسفر عنه. ويذهب السيناريو الأول إلى أن البرلمان الكردي ينعقد في أجواء غضب في الأوساط السياسية في إقليم كردستان، إثر قرار البرلمان الاتحادي في بغداد رفض الاستفتاء وتخويل الحكومة «استخدام كل الوسائل لضمان وحدة العراق»، ما عده الأكراد تلويحاً باستخدام القوة ضدهم. ويفترض هذا السيناريو أن يقدم برلمان الإقليم دعماً جديداً للمضي بالاستفتاء، ما يشكل دفعاً جديداً لرئيس الإقليم الذي يواجه ضغوطاً إقليمية ودولية كبيرة مع اقتراب موعد الاستفتاء في 25 الشهر الجاري خصوصاً بعد قرار ضم كركوك والمناطق المتنازع عليها إليه، إضافة إلى ضغوط داخلية لقوى كردية أساسية تطالب بالتأجيل. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة على أجواء حوارات متزامنة يجريها في السليمانية وأربيل زعيم «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني والمبعوث الأميركي الخاص في العراق بريت ماكغورك مع قيادات كردية، أن المواقف الاميركية- الإيرانية حول الاستفتاء تكاد تكون متطابقة، إذ طلب الطرفان، وفق المصادر، تأجيل الاستفتاء إلى «أجل غير مسمى»، رافضين بذلك اقتراحاً تم تداوله عن إمكان طرح قضية تأجيل الاستفتاء إلى منتصف عام 2018. وكان بارزاني دعا خلال كلمة أمس، البرلمان العراقي إلى مراجعة قراره في شأن رفض الاستفتاء وقال إن «قرار الاستفتاء ليس شخصياً وحزبياً، إنما هو قرار للشعب الكردستاني»، مؤكداً أن «العقلية الحاكمة في العراق لا تقبل الشراكة». ولم يتخلَّ بارزاني عن نبرته القاطعة بإجراء الاستفتاء في موعده، على رغم اعترافه بمواجهة ضغوط كبيرة، بل إنه أعرب في كلمته أمس عن «استغرابه مواقف بعض الأصدقاء الذين يطالبون بتأجيل الاستفتاء». وعلى رغم تلك النبرة، فإن مطلعين يؤكدون أن بارزاني لم يتوقف عن بحث منافذ لحل الأزمة، وأنه طالب مقابل تأجيل الاستفتاء ب «وعد أميركي» بتشكيل الدولة الكردية، وهذا ما رفضه المبعوثون الأميركيون. لكن التسريبات المتضاربة حول الموقف الكردي النهائي من الاستفتاء، والتي من المفترض أن تظهر اليوم في موقف البرلمان الكردي، تشير إلى سيناريو آخر مختلف لمآل الاستفتاء، يتضمن قرار برلمان الإقليم طلب التأجيل، ما يشكل منفذاً لتعهدات بارزاني المتكررة بإحالة الموضوع إلى ممثلي الشعب الكردي. وتؤكد المصادر التي سربت هذا الخيار، أن حركة التغيير الكردية وافقت على عدم التطرق خلال الجلسة إلى شروطها السابقة في قضية صلاحيات رئيس الإقليم ولا إلى إنهاء فترة رئاسته، علماً أن الحركة تعتبره «رئيساً غير شرعي للإقليم بعد انقضاء مدته القانونية وعدم التجديد له من البرلمان»، في مقابل أن تركز الجلسة على قضية الاستفتاء. وما قد يكرس هذا التوجه أن لهجة العبادي لم تتصاعد كما كان متوقعاً بعد قرار البرلمان تخويله ب «استخدام كل السبل للحفاظ على وحدة العراق»، إذ جدّد من محافظة ذي قار أمس، دعوة القيادات الكردية للمجيء إلى بغداد لمواصلة الحوار في شأن الاستفتاء. وفي نيويورك شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على ضرورة أن يتمسك العراقيون في أربيل وبغداد بالحوار «وتجنب تقويض الاستقرار في اللحظة الحرجة والهشة التي يعيشها العراق، والعمل على تعزيز المصالحة الوطنية». وقال أمس إن العراق يواجه «لحظة تاريخية هي الأكثر حساسية في تاريخه بعدما كان ضحية للإرهاب في معظم أراضيه، وهو يستعيد عافيته ببطء». وعلى رغم أن غوتيريش أكد «التعاطف الكامل» مع أكراد العراق، إلا أنه شدد على «ضرورة ألا يؤدي أي تحرك وحيد الجانب الى تقويض اللحظة الحرجة التي يمر فيها العراق».