يبدو أن إلغاء معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي ألغي أخيراً بسبب أحداث ثورة الشباب في مصر، قد أتى بتأثيرات كبيرة على زوار معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي انطلق مساء الثلثاء الماضي، إذ بدا أن الناشرين العرب، والدور اللبنانية على وجه الخصوص والتي منيت بخسائر مادية كبيرة بسبب إعادة شحن كتبهم من جديد، وضياع بعضها، ينظرون إلى معرض الرياض كمعرض تعويضي من خلال ارتفاع مجنون في أسعار الكتب. عدد من الزوار وبمجرد أن قص وزير الثقافة والإعلام شريط المعرض في يوم الافتتاح، الذي لا يخصص للبيع عادة، لاحظوا ذلك بشكل جلي على الكتب التي تتماس مع الموضوع الثقافي والفكري السعودي، بعد أن اتجهت أنظار معظم السعوديين إليها خصوصاً بعد أن احتلت الرواية المشهد في الدورات السابقة. فكتاب مثل «شيء من النقد... شيء من التاريخ» يباع ب 120، وبعد تخفيض إدارة المعرض يصل ل 90 ريال. وعلى رغم أن الكتاب يستحق كونه يتناول تاريخ الصراع الفكري السعودي خلال 30 عاماً مضت ولعدد صفحاته التي تقارب 700 صفحة، إلا أن سعد السعوي (زائر) يرى في سعره مبالغة كبيرة، ينكرها في المقابل البائع في دار النشر، لكن سعد يقول إنه مضطر لشراء الكتاب الآن على رغم ارتفاع السعر. ويبرر ذلك بخوفه من انتهاء النسخ في الأيام الأولى، كما حدث في دورات سابقة مع كتب أخرى مثل «السعودية سيرة دولة ومجتمع»، والذي تباع نسخته المنقحة ب 100 ريال. من جهته يكشف صديقه سالم العنزي أن بعض الدور تتعمد تخفيف عدد النسخ المعروضة رغبة في رفع الدعاية على الكتب، وبالتالي رفع حمى شرائها، وقال: اكتشفت هذا من الدورة الماضية، إذ فوجئت بأن النسخ كانت تملأ أرفف بعض الدور في آخر أيام المعرض وبسعر تشجيعي، بعد أن اشتريتها بسعر مرتفع في الأيام الأولى خوفاً من نفاذ النسخ». من جهة أخرى، نفى عدد من دور النشر المشاركة أي استغلال في رفع الأسعار، بسبب إلغاء معرض القاهرة، فيما لم يتجاوب آخرون مع تذمرات الزوار التي نقلتها «الحياة» لهم. وفيما بدت بعض الدور خاوية الأرفف، إلا من عناوين قليلة ويشتكي مسؤولوها من تأخر شحنها وإجراءات فسح بعضها، إلا أن بعض الباعة يترددون في ذكر قيمة الكتاب من المرة الأولى، ويبرر ذلك أحمد مغنم (زائر) بأنه دليل على الاستغلال. يضيف: يدل على هذا أن الدور لا تكتب الأسعار على الأغلفة، وهو ما يجعل السعر قابلاً للارتفاع بحسب الطلب». وعلى رغم نسبة الخفض ال25% التي تفرضها «وكالة الثقافة» على دور النشر وتهديدات إدارة المعرض بكبح جماح ارتفاع الأسعار وطمع الناشرين، إلا أن دور النشر تعمد إلى رفع الأسعار قبلاً لتتجاوز الفائدة، التي يرجوها الزائر من الخصم. يقول عبدالله شافي (زائر): «إن الكتاب الذي يباع في الخارج ب 10 دولارات، أي ما يقارب 40 ريالاً يباع هنا من دون أدنى خجل ب 100 ريال!». وتقول ليلى محمد( وهي هاوية قراءة وجمع روايات) أن رواية سعد الدوسري «الرياض نوفمبر 90» تباع ب 50 ريالاً وهذا كثير. يجب ألا يتجاوز سعر الرواية المحلية 30 ريالاً، إذا ما عرفنا أن دور النشر تستغل بحثنا عن الروايات التي يتوقع أن تلاقي رواجاً لجهة إقبال البعض عليها، إما لجهة موضوعها أو لتعرضها لأي تابو. في مقابل أن بعض الروايات التي تطبع محلياً تباع ب 25 ريالاً». ويشتكي آخرون من أسعار روايات القائمة القصيرة لبوكر، فمثلاً طوق الحمام تباع ب 55 ريالاً. محمد سلطان، أحد زوار المعرض، قال: «في السابق كانت الأسعار مرتفعة، بسبب ما يمثله معرض الرياض من قوة شرائية عالية، جعلت دور النشر العربية تستغله فترفع الأسعار، لكن ما زاد الطين بله هو أنهم الآن ضاعفوا في الأسعار ربما بسبب إلغاء معرض القاهرة. من سوء حظي أن رسالة الماجستير التي أعدها وافقت هذا العام كون ذلك يضطرني لشراء عدد من الكتب المهمة في الدراسات التاريخية، لأن دراستي فيها وأغلب الكتب والمراجع التي أبحث عنها أسعارها غالية، على رغم أنها ليست إصدارات حديثة. أنا أتذكر أسعارها العام الماضي، عندما كنت أخطط للرسالة. كتاب لا يتجاوز صفحاته 250 صفحة يتجاوز سعره 45 ريالاً، وأنا متأكد من سعره العام الماضي إذ كان ب 30 ريالاً».