كتاب أوباما، جرأة الأمل، مزيج من الشفافية والجرأة معاً، لا يتردد كاتبه في أن يقول بملء فيه لشعبه الذي انتخبه: «ليست هذه أميركا التي نريدها لأنفسنا أو لأطفالنا». ومع أن الكتاب هو أقرب للقصة أو الرواية أو السيرة الذاتية منه للكتاب المنهجي الأكاديمي الموثق إلا أن طريقة طرحه هي نفسها الطريقة الشفافة التي جعلت أوباما يصبح أقرب إلى الناس من منافسيه على الرئاسة. يؤكد أوباما أن السفر براً جعله أكثر قرباً من الناس. فهو يؤكد أن السر في فشل السياسي الأميركي هو أنه «يقول شيئاً خلال الحملة الانتخابية ويفعل نقيضه بعد الفوز، فيصبح بذلك سياسياً نمطياً بوجهين ولسانين، كما أنه على رغم امتنانه لداعميه انتخابياً إلا أنه يعترف بأن القلق أصابه عندما وجد نفسه يقضي وقتاً أطول مع الأغنياء والنافذين والشركاء في المؤسسات القانونية. ويروي أوباما قصة إعجاب الناس بشخصيته وخيلاء الشباب لديه، ما جعله يصبح عضواً في المجلس التشريعي لولاية الينوي، وعندما قرر الترشح إلى مجلس الشيوخ لم يكن واثقاً بنفسه إلى هذا الحد، ولكنه نجح في الفوز بالعضوية، ثم في تجديدها مدة أخرى. وينتقل بعد ذلك إلى مناقشة نظرة الناخبين إلى أعضاء الكونغرس، الذين «يعتقدون أن السياسة تغيّر المرشح بمجرد فوزه في الانتخابات، ويذكر أن استطلاعات الرأي تظهر باستمرار كراهية الناخبين للكونغرس ومحبتهم لأعضائه». وبعد نقاش يصل إلى أن سبب ذلك يعود إلى المرشحين أنفسهم، فمنهم من ينتهي به المطاف عضواً في مجلس الشيوخ ويتوقف عند ذلك الحد، ومنهم من لا يكتفي بذلك بل يواصل عمله الدؤوب ويتجاهل صحته وعلاقاته وتوازنه الذهني والنفسي. كما أن الرئيس الأميركي يشكو من عدم وجود قيم أميركية يتشاركها الأميركان، ويرى أنه لا توجد طريقة مثلى لتأطير القضية، فالثقافة السياسية عند الأميركيين مثبتة على نقاط تصادم قيمهم. وفي لفتة لا تقل جرأة يذكر أوباما أن الدستور لم يأت على ذكر إعاقة القوانين، التي تعد «قاعدة من قواعد مجلس الشيوخ». ترجم الكتاب إلى العربية معين الإمام ونشرته مكتبة العبيكان، وراجعه الدكتور علي النصيف. «جرأة الأمل» ليس كتاباً منهجياً بالمعنى التقليدي، بل هو أقرب للقصة أو الرواية أو السيرة الذاتية منه للكتاب المنهجي الأكاديمي الموثق. إلا أن الآراء التي تحدثت عن الكتاب تكاد تجمع على أنه من أوثق وأصدق الكتب التي كتبت بواسطة رجل سياسي. يوضح أوباما أن هذا الكتاب مستمد مباشرة من الأحاديث التي أجراها مع الناس خلال حملته الانتخابية، ويضيف أن هناك موضوعاً رئيسياً في هذا الكتاب، وهو كيفية البدء في عملية تغيير السياسة والحياة المدنية، ويصرح بالقول إنه لا يعرف الطريقة الفضلى، وإن معالجته للقضايا تظل غالباً جزئية وناقصة. ويعرض - بدلاً - تأملات شخصية عن القيم والمثل التي قادته إلى الحياة العامة، وبعض الأفكار عن الطرق التي يستخدمها الخطاب السياسي الراهن لتفريق الأميركيين من دون داعٍ. يعتقد أوباما منذ بداية حياته أن من مصلحة الأميركيين أن يهتم أحدهم بالآخر، وأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، وإذا ما اقتنع عدد من الناس بحقيقة وصحة هذه الفكرة المقترحة، وعملوا وفقاً لها فإن الأميركيين لن يتمكنوا من حل جميع المشكلات فحسب، بل من إنجاز أهداف مهمة أيضاً.وقدر الناس قيمة أوباما وخيلاء الشباب لديه فأصبح عضواً في المجلس التشريعي لولاية الينوي، وعندما قرر الترشح إلى مجلس الشيوخ لم يكن واثقاً من نفسه إلى هذا الحد، ولكنه نجح في الفوز بالعضوية، ثم في تجديدها مدة أخرى. وبسيطرة الديموقراطيين على المجلس، استطاع أوباما تمرير عدد من مشاريع القوانين لمصلحة ولاية الينوي. ومع مرور السنوات أصبح أوباما يعتقد أن هناك نقيصة متوطنة في الشخصية الأميركية، وهي أن كل سنة تمر تجعلهم أكثر تعوداً على الأخطاء وألفة مع العيوب الخلقية والمكتسبة، وأن هذه النقيصة تبدو أكثر وضوحاً في ميدان السياسة أكثر من غيره. هذه الأخطاء والعيوب سببت قلقاً مزمناً لأوباما، ما دفعه لتحدي مرشح ديموقراطي قوي ومنافسته على مقعده في الكونغرس في انتخابات عام 2000. عاد أوباما إلى مجلس شيوخ الولاية، وقضى مزيداً من الوقت بالقرب من زوجته وابنتيه، وفكر بالتزاماته المالية على المدى الطويل، ومارس الرياضة، وأكثر من القراءة. وقد دفعه كل ذلك إلى فكرة الترشح لمجلس شيوخ الولاياتالمتحدة، وترك جانباً احتمالات فوزه القليلة، وتحرر من سقف التوقعات المنخفض. وبعد شهور من الرحلات والتنقلات والمقابلات مع الناخبين خلص أوباما إلى ما يعبر عنه بقوله: «أنت لا تحتاج إلى استفتاء لتعرف أن الأغلبية الساحقة من الأميركيين -جمهوريين وديموقراطيين ومستقلين- أرهقتهم وأسأمتهم الحالة الجادة التي وصلت إليها السياسة، حيث المصالح الضيقة تتنافس على الفوائد والمكاسب، والأقليات الأيديولوجية تسعى إلى فرض نسختها الخاصة عن الحقيقة المطلقة». ويعطي أوباما في الفصل الأول من كتابه نظرة شاملة عن الشراكة بين الأميركيين، ويستعرض بشكل عام التاريخ السياسي للولايات المتحدة الأميركية خصوصاً الفترة التي عاصرها، مع التركيز قليلاً على عهدي الرئيسين ريغان وكلينتون، وفكرة هذا الفصل ترتكز على الهوة التي اتسعت بين الجمهوريين والديموقراطيين وعلى المشاحنات والإهانات والانتهاكات التي تحدث بين الطرفين والتي أدت إلى فض الشراكة القديمة بين الحزبين، يقول أوباما: «لم نكتف بالاختلاف الهادئ. بل تنازعنا بحدة، حيث لم يعد لدى الحزبين على طرفي خط التقسيم أي ضوابط وكوابح في نقدهم اللاذع للخصوم وهجومهم الجارح على المناوئين». ويضيف: «بعض قدامى الأعضاء يتذكرون بتشوق تلك الأيام التي كان فيها الجمهوريون والديموقراطيون يلتقون على العشاء معاً، ويتوصلون إلى التسويات وهم يتناولون قطع اللحم». وخلص أوباما إلى أن أسباب الشراكة الحقيقية في الأربعينات والخمسينات كانت الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة والاتحاد السوفياتي وهيمنة الاقتصاد الأميركي على العالم، وأن هذه الشراكة بدأت تنفض فعلياً في الستينات بعد ظهور حركة الحقوق المدنية ثم بدء الاحتجاجات الطلابية على حرب فيتنام، وبروز الإشارة إلى أن أميركا ليست دائماً على حق، ثم ظهور التفرقة بين البيض والسود وبين الأميركي وغيره من الأقليات الأخرى. وفي حديثه عن القيم يبدأ أوباما هذا الفصل بالمقارنة بين البيت الأبيض خلال زيارتين، الأولى في عام 1984، والثانية بعدها بعشرين سنة، وكيف أن الإجراءات تغيرت إلى الأسوأ، وشعوره بحزن خاطف على ما ضاع وغاب وفقد. في هذا الفصل يثير أوباما تساؤله التالي: ما القيم الجوهرية التي نتقاسمها نحن الأميركيون؟ ويرى أنه لا توجد طريقة مثلى لتأطير القضية، فالثقافة السياسة عند الأميركيين مثبتة على نقاط تصادم قيمهم. «نعد هذه الحقائق من البديهيات: خلق البشر جميعاً متساويين، ووهبهم خالقهم حقوقاً معينة لا يمكن التصرف بها، منها الحياة، والحرية، والسعي إلى السعادة» ويركز أوباما على الحرية الفردية كقيمة منغرسة في أعماق الأميركيين إلى الحد أنهم يأخذونها كقضية مسلم بها. ويعترف بأن معظم تقديره لإعلان حقوق المواطنين أتى من كونه قضى جزءاً من طفولته في إندونيسيا، ومن خلال زياراته هو وزوجته لكينيا، ومن أن قسماً من عائلته يعيش حتى الآن فيها. فالحقوق الفردية في هذين البلدين تخضع كلية لأهواء جنرالات الجيش ونزوات البيروقراطيين الفاسدين. ويسرد أوباما مجموعة من القيم التي يقدرها الأميركيون على المستويين الفردي والجماعي، وأن هذه التوليفة الفردية والجماعية تعاني من التوترات التي يمكن التعامل معها، ولكن لا يمكن تجنبها جميعاً، ففي بعض الأحيان تتصادم القيم لأنها عندما تكون تحت سلطة البشر فلا بد من خضوعها للتشويه والتحريف والإفراط والتفريط. وعلى رغم التأكيد على حرية الفرد إلا أن الجميع يتفق على أن من حق المجتمع تقييد هذه الحرية حين تهدد بإلحاق الأذى بالآخرين، فأحياناً يكون من السهل نسبياً إقامة التوازن الصحيح، لكن في معظم الأحيان يكون من الصعب إقامة التوازن بين القيم المتنافسة. وفي حديثه عن الدستور يناقش أوباما قضايا مجلس الشيوخ والفصل بين السلطات. وعند حديثه عن الدستور وتاريخه، تتضح بجلاء الخلفية القانونية للمؤلف من كونه أستاذ جامعي للقانون الدستوري. ويتطرق إلى الطرق والأساليب المبتكرة التي يسلكها أعضاء مجلس الشيوخ لتأجيل أو تعطيل أو تمرير بعض القوانين التي تناقش في المجلس، وذلك بالتسويف والمماطلة والمجادلة أثناء عقد الجلسات. من جهة أخرى، يعرض بعض الطرق التي تم التوصل إليها في مواجهة التسويف والمماطلة وإعاقة القوانين. ويذكر أن الدستور لم يأت على ذكر إعاقة القوانين؛ فهي قاعدة من قواعد مجلس الشيوخ. يسهب أوباما في الحديث عن الجدل الدائر بين الفريق الذي ينادي بتطبيق الدستور حرفياً، وبين الفريق الذي ينادي بتفسير نصوصه. ويذكر أن الفريق الأول يوجه مشكلة أن الآباء المؤسسين والمصدقين على الدستور اختلفوا اختلافاً عميقاً قبل أن يجف حبره، أما الفريق الثاني فإنه لا يجادل في أهمية المعنى الأصلي للمواد والنصوص الدستورية، فمن وضع الدستور أخبر عن طريقة التفكير، ولكنه لم يخبر عن ماذا يتم التفكير فيه. ويرى أوباما أن لغة الدستور في حالات كثيرة واضحة لا لبس فيها ويمكن تطبيقها حرفياً، فهو يتفهم إجلال واحترام أنصار الالتزام الحرفي بنص الدستور للآباء والمؤسسين. ولكن أوباما في نهاية المطاف انضم إلى من ينفي صفة الجمود والسكون عن الدستور واعتباره وثيقة حية يجب قراءتها في سياق عالم دائم التغير والتبدل. وعلى رغم ذلك يعتقد أوباما أن هناك زلة وحيدة لا يمكن أن تنقص عبقرية الدستور، حدثت عندما انقطع الحوار تماماً مرة واحدة، حول موضوع واحد رفض الآباء المؤسسون التطرق إليه وهو موضوع الرق، ثم يتساءل: «كيف يمكن لي، أنا الأميركي الذي يجري في عروقه الدم الأفريقي، اختيار الجانب الذي انحاز إليه في هذا الجدل الخلافي؟ لا أستطيع. فأنا أحب أميركا كثيراً، ومهتم بما وصلت إليه، وملتزم بمؤسساتها، ومعجب بجمالها وحتى بشاعتها، إلى حد يمنعني من التركيز على ظروف ولادتها، لكنني لا أستطيع تجاهل ما وقع من ظلم فادح أو إبعاد أشباح أجيال الماضي، أو التعامي عن الجرح المفتوح، الروح المعذبة التي ما زالت تزعج وتمرض هذا البلد». ينتقل أوباما بعد ذلك إلى الحديث عن السياسة، مناقشاً نظرة الناخبين إلى أعضاء الكونغرس، فهم يعتقدون أن السياسة تغير المرشح بمجرد فوزه في الانتخابات، ويذكر أن استطلاعات الرأي تظهر باستمرار كراهية الناخبين للكونغرس ومحبتهم لأعضائه. وبعد نقاش يصل إلى أن سبب ذلك يعود إلى المرشحين أنفسهم، فمنهم من ينتهي به المطاف عضوًا في مجلس الشيوخ، ويتوقف عند ذلك الحد، ومنهم من لا يكتفي بذلك بل يواصل عمله الدؤوب وتجاهل صحته وعلاقاته وتوازنه الذهني والنفسي. يقول أوباما: «قل شيئاً خلال الحملة الانتخابية وافعل نقيضه بعد الفوز، وستصبح سياسياً نمطياً بوجهين ولسانين». ويفصّل أوباما في شرح القوى المؤثرة في المرشح لعضوية مجلس الشيوخ وفي المرشحين الرئاسيين. يرى أن الخطيئة هي في الحاجة الماسة إلى الفوز، وضرورة عدم الخسارة، وأن معظم الخطايا السياسية الأخرى مشتق منها، ومن المؤكد أن ذلك هو جوهر المسعى لجمع المال، فالمال هو الذي يصنع السياسة، وفي غياب الثروة الشخصية، هنالك سبيل واحد لجمع المال المطلوب لخوض سباق الترشح: يجب أن تطلبه من الأثرياء والموسرين. يقول أوباما: «لم يمثل الافتقار إلى الثروة أو دعم وتأييد الشركات المهمة حاجزاً حال بيني وبين النصر. ومع ذلك، لا أستطيع الافتراض أن السعي إلى المال لم يغيرني بطريقة ما. من المؤكد انه استأصل أي إحساس بالخجل عانيته ذات مرة عند الطلب من الغرباء التبرع بمبالغ كبيرة. وبحلول نهاية الحملة، غابت المضايقة والهذر اللذان صاحبا ذات مرة اتصالاتي الهاتفية التوسلية. دخلت المعمعة وحاولت رفض الإجابة بلا». ويعترف أوباما أن القلق أصابه عندما وجد نفسه يقضي وقتاً أطول مع الأغنياء والنافذين والشركاء في المؤسسات القانونية. ليس المال وحده الذي يؤثر في عضو الكونغرس، بل هناك قوى أخرى منها الجماعات المنظمة والنقابات العمالية والجهاز الحزبي: زعماء المدن الكبرى، المختصون بتنظيم وترتيب الأمور وتذليل العقبات أمام السياسيين، سماسرة السلطة في واشنطن الذين كان بمقدورهم تحطيم الحياة المهنية لأي سياسي أو مسؤول بمكالمة هاتفية. هذه القوة تتجسد اليوم في وسائل الإعلام التي يسهب أوباما في شرح مدى تأثيرها في الانتخابات. يقدم المؤلف في نهاية هذا الفصل مقترحات ربما تخفف من شدة ضغط القوى المؤثرة في السياسيين. بعد ذلك يتحدث أوباما عن أهمية الاختلاط بالناس ومعايشة معاناتهم، مشدداً على خطورة الوضع الاقتصادي الراهن، وعلى وجوب عناية السياسي بما يهتم به شعبه في مثل هذه الظروف، مؤكداً أن السفر براً جعله أكثر قرباً من الناس. ويناقش المؤلف بإسهاب الاقتصاد الأميركي ويسرد بعض تاريخه، ويقترح الحلول لمشكلات العمل والبطالة وتسريح الموظفين وهجرة الأموال. كما يناقش نظام التربية والتعليم وسبل إصلاحه، وكذلك الطاقة وطرق ترشيدها. فالاقتصاد يمر بمرحلة تحول جوهري والتقدم التقني أزال عملياً الحواجز الاقتصادية بين البلدان والقارات. أما انهيار الاتحاد السوفيتي وإصلاح الأسواق في الهند والصين فقد وضعت عدة مليارات من البشر في تنافس مباشر مع الشركات الأميركية والعمال الأميركيين. كما أن العولمة كان لها سلبياتها وايجابياتها على الأميركي العادي. يقول أوباما: «ليست هذه أميركا التي نريدها لأنفسنا أو أطفالنا. وأنا على ثقة من أننا نملك المواهب والموارد اللازمة لخلق مستقبل أفضل، مستقبل ينمو فيه الاقتصاد ويتقاسم المواطنون ثمار الازدهار. أما ما يمنعنا من تشكيل وصياغة ذلك المستقبل فليس غياب الأفكار الخلاقة، بل غياب الالتزام الوطني باتخاذ الخطوات الإجرائية الصعبة والضرورية لجعل أميركا أكثر قدرة على المنافسة». ويرى أوباما أنه إذا ما أراد الأمريكيين اقتصاداً ابتكارياً خلاقاً، يولد مزيداً من الشركات الناجحة، فعليهم الاستثمار في مبدعي ومبتكري المستقبل عبر مضاعفة التمويل الاتحادي للأبحاث العلمية الأساسية، وتدريب عشرات الآلاف من المهندسين والعلماء الإضافيين، أو تقديم منح بحثية جديدة لأبرز الباحثين الشباب في مستهل حياتهم المهنية. ويعتقد أوباما أن التحرك باتجاه استقلالية الطاقة وتوجيه الاستثمار إلى بنيتها التحتية سيجعل أميركا أكثر قدرة على المنافسة، فالدرجة التي يبلغها اعتماد الأمريكيين عل النفط تقرر مستقبلهم، والاعتماد على النفط لا يؤثر في الاقتصاد فقط بل يضعف الأمن القومي أيضاً. وفيما يتعلق بعلاقة أوباما بالدين، فهو لا يشبه بقية رفاقه الديموقراطيين الذين يستخدمون الدين كقطعة من الزي الذي يرتدون، فإن أوباما لم يفعل ذلك، بل عرض في هذا الفصل كيف تطور الإيمان في داخله، وكيف أثر في حياته وسياسته. يصرح أوباما أنه لم ينشأ في أسرة متدينة على رغم أن جده وجدته لأمه من أسر ملتزمة دينياً. وأن والدته كانت ترى أن الانغلاق الديني المنظم يتلبس عباءة الصلاح والتقوى، وأن الوحشية والقمع تتستر بثوب الفضيلة والاستقامة. باختصار رأت والدته الدين من منظور الأنثروبولوجيا، ظاهرة يجب التعامل معها باحترام مناسب، لكن بتجرد مناسب أيضاً. يرى أوباما أنه لا يوجد شيء اسمه أميركا السوداء أو أميركا البيضاء أو أميركا اللاتين أو الآسيويين، بل يرى أن هناك الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويقول: «لم يكن لدي خيار آخر سوى الإيمان بهذه الرؤية لأميركا». وعلى رغم خطيئة الرق التي لطخت الدستور، فإن أوباما يعتقد أنه تضمن في جوهره وصميمه فكرة المواطنة والمساواة أمام القانون، ونظاماً اقتصادياً أتاح الفرصة لجميع القادمين الجدد، بغض النظر عن مكانتهم أو لقبهم أو رتبتهم. ويرى أوباما أن القول بأن الأميركيين شعب واحد، لا يشير في دلالته إلى أن العرق لم يعد مهماً وأنه قد تم حسم المعركة لمصلحة العدل والمساواة.