تابعنا من على شاشات التلفزيون عودة قائد هذا الكيان إلى أرض الوطن الغالي سالماً معافى، بعد العارض الصحي الذي ألم به، وكأن كل منزل وكل عائلة ألم بها ذلك العارض الصحي، كيف لا، وهو الذي أحب شعبه الأبي فبادله حباً ووفاء... كيف لا وهو الذي ترجم بلسانه يوم عيد الأضحى المبارك من العام الماضي قبل رحلة العلاج فدون في الأفئدة كلمته الخالدة التي عبرت عن دفء الود لإخوانه وأبنائه أهل هذه البلاد الطيبة، حينما قال «أنا بخير ما دمتم أنتم بخير». لقد كان الملك المفدى حريصاً كل الحرص على عدم مغادرة المملكة، بل وتحمل آلام الظهر، وكان يقوم بواجباته خير قيام، إلا أن الأطباء أشاروا عليه بضرورة إجراء العملية الجراحية، فكانت رحلة العلاج التي طال أمدها على قلوب محبيه مهما قصرت، كنا نحسب أيامها ولياليها مبتهلين إلى المولى عز وجل أن يشفي مليكنا، وكان ذلك حال السعوديين الذين أجلوا أفراحهم وألغوا جوازاتهم، والكل يدعو العلي القدير بشفاء «ملك الإنسانية» الكبير، فهو كريم عطوف، أخ للكبير وأب للصغير، حريصاً كل الحرص على توفير سبل الراحة والعيش الكريم لشعبه الأبي، وهو الرجل ذو القلب الكبير، والأيادي البيضاء، وصاحب الجود والعطاء، والقريب إلى أفئدة مواطنيه ورعاياه، وما هذه العلاقة الودية بين الراعي والرعية إلا من علامات الخير لولاة أمرنا الذين حباهم الله محبة رعيتهم، كما أخبر بذلك المصطفى «صلوات الله وسلامه عليه». إن الملك المفدى قدم مآثر عظيمة وبرامج إصلاحية متعددة منذ توليه أمر البلاد والعباد، ولقد أخذت تؤتي أوكلها تباعاً، فلقد أقبل الخير بقدومه، وأنشئت الجامعات، التي وصل عدد الجامعات والكليات في عهده الميمون 57 جامعة وكلية حكومية وأهلية، تتوزع على 76 مدينة ومحافظة. لقد تم افتتاح الابتعاث الخارجي في إطار برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي بدعم سخي من لدنه ليصل عدد المبتعثين إلى قرابة 110 آلاف طالب وطالبة يدرسون في أكثر من 34 بلداً حول العالم، ويستحوذ التعليم على 26 في المئة من الموازنة السعودية. كما تم اعتماد مشروع التطوير والتعليم العام منهجاً وبيئة ومعلماً. إن خطى التحديث والإصلاح التي قادها خادم الحرمين الشريفين تهدف إلى الارتقاء بأساليب العمل الإداري ككل، وإلى استثمار التقنية الحديثة وتبسيط الإجراءات المبتعة ما يسهل على المواطنين قضاء حوائجهم. كما شجع على الحوار الوطني، إذ جرى أثناء لقاءاته السنوية في مناطق المملكة حوارات للمشاركين في أمهات القضايا الوطنية والفكرية والاجتماعية للخروج بعدئذ برؤى وأفكار كانت على مستوى خدمة المواطن والمواطنين. ولم يكتفِ بذلك بل دعا إلى حوار بين الأديان، قامت على أثره مؤتمرات داخل المملكة وفي مدريد عاصمة إسبانيا، بل وتعدى ذلك إلى العالمية، إذ عقد الحوار تحت رعاية الأممالمتحدة ولم يكتفِ بذلك بل تخطى الحاجز وقام بزيارة إلى «بابا الفاتيكان»، ما كان له أثره الإيجابي في أوروبا، وأثبت من خلالها أن الدين الإسلامي دين تسامح ودين محبة وسلام. إن من صفات خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى مما سبق ذكره، العزيمة والعمل الدوؤب، تترجمها على أرض الواقع شواهد ماثلة تؤكد إخلاص وعطاء قائد مسيرتنا على الأصعدة والمستويات كافة، لقد جمع من الصفات الحميدة معظمها، فهو الأب البار والحنون على مواطنيه، وهو الرجل الحكيم والقائد الملهم الذي يسابق الزمن بعزيمته وقوة إرادته ورجاحة عقله وحكمته المشهود لها من القاصي والداني، لم يشغله المرض عن الاهتمام بشؤون وقضايا بلاده، فكان يتابع أمور وطنه وهو على فراش مرضه ولا يصده عن ذلك علاج ولا راحة، وكان يقابل زعماء الدول ويجري الاتصالات الهاتفية، مكرساًَ جل وقته لخدمة بلاده فهو منار للحكمة والتضحية، لا يشغله عن هموم بلاده شاغل في سفره وإقامته. شعرنا، على رغم صقيع وبرودة الأجواء في ألمانيا بدفء المشاعر التي صاحبت هبوط الطائرة المقلة للمليك المفدى إلى أرض الوطن، فرددت أفئدتنا قبل حناجرنا نحن الجالية السعودية الموجودة في ألمانيا من منسوبي سفارة خادم الحرمين الشريفين، والمرضى المنومين على الأسرة البيضاء، والطلاب المبتعثين، كل من أعماق قلبه مرحباً بك يا «ملك الإنسانية» بين أهلك وعشريتك، اشتقنا لك ولابتسامتك وإنسانيتك ولشفافيتك، وبهذه المناسبة يسرنا أن نرفع، ونيابة عن الجالية السعودية هنا في ألمانيا، بخالص التهنئة إلى ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، ووللأسرة الحاكمة وشعب المملكة العربية السعودية الأبي، داعياً المولى عز وجل أن يديم على مليكنا المفدى، وولي العهد، والنائب الثاني، نعمة الصحة والعافية، وأن يحفظهم من كل سوء، وأن يديم لبلادنا أمنها واستقرارها وقادتها المخلصين إلى ما يحبه ويرضاه. فمرحباً بك ياخادم الحرمين الشريفين قائداً باراً رحيماً عطوفاً ودوداً. سفير المملكة العربية السعودية في برلين