يُتوقع أن ينجز نهاية السنة الجارية مشروع أتمتة الرواتب أو ما يعرف بتوطينها إلكترونياً من خلال استخدام البطاقة الذكية، إذ يصبح جميع موظفي العراق البالغ عددهم نحو 4.5 مليون يمثلون نسبة 10 في المئة من مجموع السكان من حملة البطاقة الذكية، ويستلمون رواتبهم من المصارف عبر هذه البطاقة ذات الاستعمالات المختلفة. وطلب مجلس الوزراء العراقي أن تتولى وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي التنسيق مع وزارة المال والبنك المركزي العراقي، لإصدار رقم وظيفي موحد للعاملين في دوائر الدولة، لاعتماده أساساً في قواعد البيانات الحكومية. كما منح مجلس الوزراء الحرية للموظف في اختيار مصرف من المصارف المعتمدة لدى البنك المركزي في عملية توطين الرواتب لفتح حساب مصرفي تمهيداً لاستلام راتبه عبر الحساب إلكترونياً بموجب بطاقة مصرفية. ويعتبر المشروع خطوة مهمة ستساهم في أحداث تغيير نوعي في طبيعة حياة العراقيين مع وجود هذا العدد الكبير من الموظفين، إذ يتوقع الخبير الاقتصادي عبد الزهرة الهنداوي في حديث إلى «الحياة»، أن «يشهد البلد حركة توفير حقيقية من قبل المواطنين في المصارف سواء كانت حكومية أو خاصة، خصوصاً أن رواتب الموظفين تمثل أكبر كتلة نقدية متداولة في السوق المحلية. إلا أن هذا التداول لا يعد تداولاً استثمارياً، بل يعنى بتأمين متطلبات الأسرة العراقية اليومية، وبالتالي فإن دخول كتلة نقدية كبيرة في المحافظ المصرفية مع وجود رؤية واضحة لاستثمار هذه الأموال تنموياً، من شأنه تحريك عجلة الاقتصاد بنحو ملحوظ في ظل أزمة مالية تعصف بالبلد منذ عام 2014، إلى جانب تأسيسه سياسات مصرفية يجب أن تكون ذات أبعاد تنموية سليمة». وأضاف الهنداوي أن «المشروع يدفع نحو تشجيع الموظفين على الادخار خصوصاً في ظل شيوع ثقافة اكتناز الأموال وتخلخل الثقة بين المواطن والمصارف لا سيما المصارف الخاصة»، مشيراً إلى أن «على المصارف العمل بمبدأ المنافسة بينها من خلال الخدمات والمزايا المقدمة للزبائن والتنافس في نسبة الفائدة السنوية على الأموال المودعة، ما يدفع المواطن إلى التوجه نحو المصرف الذي يمنح نسبة فائدة أعلى من غيره، فضلاً عن الخدمات الأُخرى التي يمكن للمصارف تقديمها لاستقطاب المودعين من حملة البطاقة الذكية، على غرار منح القروض والتسهيلات المصرفية». ولفت إلى أن «هذه التجربة ستواجه تحديات، إذ سنجد خوفاً لدى الموظفين من عدم وفاء المصارف بالتزاماتها إزاء المودعين»، مشيراً إلى «ضرورة أن تكون المصارف المنتقاة لهذه المهمة مضمونة من قبل جهة حكومية». وأنيطت مهمة الاختيار بالبنك المركزي العراقي بوصفه الجهة القطاعية المشرفة على قطاع المصارف، اذ اعلن انه اختار 16 مصرفاً بعضها حكومي وبعضها من المصارف الخاصة لتتولى هذه المهمة، وأن عملية الاختيار تمت وفقاً لمعايير عالمية عالية المستوى، كما أن البنك سيكون الضامن لأي مصرف من هذه المصارف قد يواجه مشكلات أو يتلكأ في الوفاء بالتزاماته لدرجة أنه أبدى استعداده لدفع المستحقات بدلاً من المصرف المتلكئ». وأكد الهنداوي «أهمية وجود آليات وإجراءات من شأنها تطمين الموظفين إزاء هذه التجربة الجديدة التي لم يعتادوا عليها بعد»، مشيراً إلى أن «وجود الصراف الآلي في الأسواق العامة والمراكز التجارية المهمة إلى جانب مقار الوزارات والدوائر الحكومية، ضروري ليتمكن حامل البطاقة من التسوق بواسطتها». ووجد الهنداوي أن «تجربة مشروع توطين الرواتب الكترونياً مهمة جداً»، لافتاً إلى أن «الحاجة ملحة لتأمين كل متطلبات النجاح لها وعلى المصارف أن تستثمر هذه الخطوة من خلال تحسين مستوى أدائها وتنويع خدماتها المصرفية وتطويرها، لتصبح أكثر فعالية في عملية البناء التنموي الذي يعد القطاع المصرفي أحد أهم أركانه». واعتبر كثيرون من مديري المصارف الخاصة أن توطين رواتب موظفي الدولة إلكترونياً خطوة تحمل دلالات مهمة إذ ستنعكس إيجاباً على أداء المصارف لجهة تأمين السيولة واستعادة الثقة بين المواطن والقطاع الذي شهد خلال السنوات الأخيرة تراجعاً انعكست نتائجه على واقع الاقتصاد العراقي، مؤكدين قدرة المصارف على تنفيذ برامج توسيع قاعدة خدماتها المقدمة للمواطنين في شكل يعزز القاعدة الاستثمارية للقطاع لتنعكس نتائجها على القطاع المالي عموماً.