لاتزال كارثة أمطار جدة الأخيرة التي صالت وجالت في شوارع وأحياء المدينة الساحلية متسببة في خسائر عدة سواء في الأرواح أو الممتلكات، وما تبعها من تطمينات من المسؤولين في أمانة المحافظة بالمسارعة في تنفيذ المشاريع المتعلقة بمجاري السيول والصرف الصحي داخل الأحياء التي لم تصلها بعد، إلا أن حي التوفيق (شرق جدة) ما زال يعاني من تبعات الكارثة، فمياه الصرف الصحي تطفو على الشوارع وتغطي أجزاء كبيرة من الحي، إضافة إلى التهشم الكبير في الطرقات الرئيسة والفرعية وما تسببت فيه من بطء في الحركة المرورية وأعطال في المركبات. وخلال جولة ل «الحياة» داخل أروقة الحي المغلوب على أمره (التوفيق) التقت فيها المواطنين، وضح جلياًً معاناة الأهالي من استمرار تعطل مشاريع الصرف الصحي واختلاطها بالمياه الجوفية التي لا تلبث كثيراً حتى تملأ شوارع الحي بأكمله، إضافة إلى أنها تسهم في تآكل البنى التحتية للمنازل وتكسر مستمر لسفلتة الشوارع. وفي هذا السياق، كشف المواطن علي الشمراني استمرار وضع معاناة السكان من دون لمسهم حلولاً من الجهات المختصة خصوصاً «أمانة جدة»، وقال: «مضى شهر كامل على الكارثة الأخيرة وقبلها عام على الكارثة الأولى ولم تتم معالجة أي أمر يختص بشبكة تصريف السيول والصرف الصحي داخل الأحياء الشرقية»، مشيراً إلى أن منازل المواطنين مهددة بضعف بنياتها التحتية في ظل استمرار وجود المياه الآسنة داخل الحي. وأضاف: «يبدو أن أمانة جدة لا تزال تعيش نوعاً من السبات العميق الذي لن يصحو مسؤولوها منه إلا مع حدوث كارثة جديدة أنكأ من سابقاتها، فالأمور لم تتغير والوضع العام لجدة وتحديداً شرق الخط السريع لا تزال بعيدة عن مشاريع تحميها من احتمالية هطول أمطار مقبلة»، لا فتاً إلى أن هطول الأمطار بات يصيب سكان حي التوفيق والأحياء المجاورة بحال ذعر وخوف على اعتبار أنه أصبح يغرق في المياه ويحتجز المواطنين داخل منازلهم. من جهته، أوضح حابس الأحمري أن حياً نموذجياً كبيراً كحي التوفيق ينبغي أن تكون جميع الخدمات اللازمة من تصريف المياه موجودة بداخله منذ وقت طويل على اعتبار أن الحي يقطنه الآلاف من المواطنين والمقيمين ويقع على شارع حيوي تنموي (طريق المدينة). ومن أمام منزله، قال ل «الحياة»: «إن المياه الجوفية لا تستمر طويلاً حتى تخرج لتغطي طرقات الحي في منظر أشبه بأن يكون الحي داخل بركة مائية». وفي الوقت الذي ينبغي أن تسارع فيه أمانة جدة الخطى لعمل الإصلاحات اللازمة من مشاريع تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي إضافة إلى حلول جذرية لمشكلة خروج المياه الجوفية، مضى الأحمري متسائلاً: «هل ينتهي عمل مسؤوليها عند تحريك صهاريج المياه داخل الأحياء لشفط مياه الأمطار بعد كل كارثة للمطر؟». وعلى الصعيد ذاته، نادى ماجد الزهراني المعنيين كافة بمعالجة مشكلة أحياء شرق الخط السريع وغرقها المستمر في المياه، مبيناً أن سكان الحي أضحوا في وضع مأسوي كبير بسبب اختلاط مياه الصرف الصحي بالجوفية ودخولها إلى خزانات المنازل، ما تسبب في تلوث بيئي وصحي كبير يهدد سلامة الأهالي. وأشار إلى أنه تم تسجيل بلاغات عدة على الأرقام الموحدة لأمانة جدة، إضافة إلى الشركة الوطنية للمياه لمعالجة معضلة اختلاط المياه الآسنة بمياه خزانات المنازل إلا أن شيئاً من تعديل الوضع لم يحدث، ملمحاً إلى أن كوارث جدة الأخيرة كانت جرس إنذار لمسامع مسؤولي المشاريع لاتخاذ تدابير عاجلة لمنع حدوث أي كوارث مقبلة في غنى عنها.