لم يمتلك مواطن من الصبر على رؤية إنسان في حال صحية سيئة ما امتلكه موظفون في هيئة الهلال الأحمر السعودي في مركز البتراء غرب مدينة بريدة بمنطقة القصيم، لينطلق بسيارة إسعاف تخصهم لإنقاذ أحد المواطنين، بعد أن أخبروه أن السائق غير موجود، إلا أن المواطن توفي بعد أن تمكن من إيصاله إلى المستشفى. وذكر المواطن الذي قاد سيارة الإسعاف سعد الطريس، أنه شاهد على الطريق بين مركزي البتراء والقرين، امرأة تلوح بعباءتها طالبة الوقوف والمساعدة، وعند وصوله شاهد أخرى تضم رجلاً بين أحضانها على الطريق وهي تستنجد وتبكي، مضيفاً أنه ترك سيارته في وضع التشغيل، واستقل سيارة العائلة لإنقاذ الرجل، إلا أنه عند وصوله للمركز لم يجد سوى مديره الذي كان يستخدم عكازاً للتنقل وموظف آخر إداري، وعندما طلب مساعدتهما في إسعاف المواطن، أفاداه بأن المسعفين في الميدان. وقال الطريس ل«الحياة»: «أحد الموظفين سلمني المفتاح بيده وقال أنقذ قريبك أو ابن عمك، على رغم أنني لا أعرفه، وعندها وجدت نفسي مضطراً لإكمال مهمتي الإسعافية، قمت بتشغيل الإسعاف وتجهيزه بالصدفة، وسط رفض موظفي المركز نقل المريض معي أو مساعدتهما لي، لتساعدني بعض العمالة الوافدة، وأوصلت المريض إلى مستشفى النبهانية العام»، وأضاف أن منسوبي الهيئة حضروا إلى المستشفى وتسلموا الإسعاف، وتركوني أبحث عمن يعيدني إلى مكاني وسيارتي، «قضيت في الشرطة نحو نصف ساعة، حققوا خلالها معي وسجلوا أقوالي، ثم خرجت من عندهم من دون أن أدري إن كانوا سيطلبونني أم لا». وأوضح مدير الفرع الرئيس لهيئة الهلال الأحمر في المنطقة صالح التويجري ل«الحياة»، أن مركز الإسعاف كان فيه سيارات أساسية تنقل حالة إسعافية إلى المركز صحي البتراء، «وعندما قدم أحد المواطنين وبرفقته آخر يعاني من حال مرضية، وجد في المركز مديره الذي أعفي من العمل الإسعافي لظروفه الصحية وموظفاً إدارياً آخر»، مضيفاً أنه بعد التنسيق مع الفرقة الإسعافية عبر اللاسلكي، أفادوا بأنهم في طريق العودة إلى المركز، «فتم تحضير وتشغيل سيارة الإسعاف الاحتياطية، ووضع المريض بداخلها بانتظار وصول الفرقة، إلا أن المواطن غافل منسوبي المركز الإداريين، وانطلق بسيارة الإسعاف إلى مستشفى النبهانية، الأمر الذي دعا إدارة المركز إلى إبلاغ الشرطة عنه». من جهته، لفت مصدر مقرب من عائلة المتوفى إلى أن قريبه كان في طريق العودة إلى المنزل وبرفقته نساء من عائلته، إلا أن حالة مرضية مفاجئة دهمته استدعت توقفه على جانب الطريق، لتطلب بناته النجدة، فصادفه أحد المواطنين الذي لم يتردد في مساعدته، ونقله على وجه السرعة عبر سيارته الخاصة إلى مركز إسعاف البتراء وقال: «عندما وصل إلى هناك قابل بعض منسوبي المركز الذين بينوا أنه لا يوجد قائد لسيارة الإسعاف، فاضطر لقيادتها بنفسه، وتمكّن من إيصاله إلى المستشفى وإنجاز مهمته، فقام مركز الإسعاف بالإبلاغ عن المواطن». وأضاف: «استغرب من عدم وجود سائقين احتياطيين في المركز، كما أن تصرف المواطن وقيادته لسيارة الإسعاف هو تصرف إنساني من الدرجة الأولى ينبغي شكره وتقديره عليه، خصوصاً أن حيثياته واضحة، لا أن يتم توقيفه والتحقيق معه».