في اللحظات القاتمة التي تعصف فيها المدلهمات والكروب بعالمنا العربي، وتبدو الأوضاع في بعض العواصم العربية أشد ضراوةً واضطراباً وعنفواناً سياسياً، يطل رجل الإنسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز من داخل مقصورته التي أعدت لاستجمامه ونقاهته بعد عملياته الجراحية، التي أجراها وكللت بالنجاح، يمارس مسؤولياته الجسيمة وقلقه الصادق الحميم على عالمنا العربي، الذي يواجه في تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها، تقلبات عاتية وهو يتابع حثيثاً وينصح بالحلول التي تكفل للأمم وحكامها الاستقرار. ها هو الملك الإنسان، بعودته إلى أرض المملكة الحبيبة، على موعد مع أبنائه المتلهفين المشتاقين إليه، الذين طالما امتدت بهم ساعات وأيام الانتظار لعودته سالماً معافى لبلده، وهم يقاسون لوعة فراق مليكهم المحبوب وبتلهفٍ وتعلّقٍ نحو الموعد الذي تقترب فيه المسافات، وتتحد المشاعر، ويتجلى فيه الزمن مؤذناً بلقاء حميم تتعانق فيه مشاعر الوصال الصادق الذي يربط بين متناغمين شعبُ أضناه الحنين والشوق والولاء، ورجل يعتلي منصة الإنسانية في وهج رقيّها، إنه الرجل الذي نذر نفسه للهمة العلياء، فهو الرائد والمعلم والأب الطموح، وهو لباس الفخار الذي طالما تدثرنا «نحن مواطنيه» به، وجميع العرب نالها العز والنصر الدائم والثناء العاطر الذي يزهى به حاضر بلادنا العزيزة، وملكنا الذي يعتبر نسيجاً بمفرده مجسداً الإنسانية في أنصع صورها. عيونٌ كانت تترقب بسهد المحب الولهان، وقلوبُ تخفق مرفرفةً بطائر سعدها الميمون بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن، الذي تزين بأحلى الحلل لاستقبال «ملك الإنسانية»، الذي استطاع في حقبة زمنية قريبة أن يصنع الوئام والسلام مع الآخرين، مع شعب يحمل له كل الولاء، لقد كانت علاقته بشعبه مؤسسةً على وضوح الأهداف، وشفافية المقاصد، وصفاء التعامل والانسجام المتناهي في الداخل، ورسالته في الخارج التي أضحت تتسم بالعالمية، فهو الداعي إلى السلام في أصقاع الدنيا وعوالم الأرض، لقد شهدت بهذا أعين رأت عطاءاته ومبادراته، وأيدٍ لامست كرمه وفيض مبّراته، إنهم يعرفونه في كل صقع عاش منعطفاً كارثياً فتكون إغاثة سليل المجد حاضرةً هناك تداوي وتواسي وتضمد جراح المنكوبين. إنّ سيرته الضاربة في عمق التاريخ تؤهله لنيل الفرح الأكبر الذي يحويه مخزون أفئدة شعبه الوفي، إنّ كل أهزوجة انبعثت من أفواه الأطفال والكبار والنساء لهو جدير بها وأهلاً لها، إنه استقل طائرة الفرح الغامر لتقّله من أغادير المغربية ثم تهبط به على أكفّ محبيه وراحاتهم في مطار المملكة، التي شيدها آباؤه بكل أصالة، وجاء هو ليكون بمثابة الدرة الثمينة المهمة والمضيئة في ذلك العقيد الفريد. كم كنت أتمنى أن أكون ضمن الموكب الذي يستقبل هذا الرجل الكبير «ملك الإنسانية» حين وصوله إلى أرض المملكة، ولكن سيدي يكفيني أن أضم صوتي إلى صوت أبنائي الصغار في ترنيمة المحب، مرددين «أهلاً أبونا عبدالله في بلد الحرمين الشريفين وأدام الله عزك»... إنه يوم الفرح السعودي. [email protected]