عكست عناوين الصحف الإسرائيلية أمس قلق الدولة العبرية من الخطاب الذي سيلقيه الرئيس باراك اوباما في القاهرة اليوم، كما لم تنسَ الإشارة إلى حقيقة أن الرئيس الأميركي، وخلافاً لأسلافه، «تجرأ» على زيارة المنطقة من دون أن يعرج على الدولة العبرية. إلى ذلك، أبرزت الصحف اللقاء القصير بين اوباما ووزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك في البيت الأبيض أول من أمس خلال اجتماع الأخير مع مستشار الأمن القومي جيمس جونز، ورأت أن مبادرة اوباما إلى اللقاء حملت رسالتين: الأولى «مطمئنة» لجهة أنه معني بتهدئة التوتر الناشئ على خلفية رفض إسرائيل طلبه وقف نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والتأكيد بالتالي على أن الولاياتالمتحدة ما زالت ترى في إسرائيل حليفة قوية، والثانية «شديدة اللهجة» لجهة إصرار واشنطن على وجوب وقف إسرائيل أنشطتها الاستيطانية. وكتبت كبرى الصحف العبرية في عنوانها الرئيس: «مخاوف في إسرائيل: اوباما يفتح صفحة جديدة مع العرب على حسابنا». وأضافت بالبنط العريض: «حملة مصالحة مع العالم الإسلامي». وجاء في الصفحة الأولى من صحيفة «معاريف»: «اوباما يقول: الشرق الأوسط يسير في منحى سلبي للغاية». وأضافت: «عشية زيارته للمملكة العربية السعودية والخطاب التاريخي الذي سيلقيه في القاهرة، الرئيس الأميركي لا يعتزم التنازل ويصرح: كنت واضحا مع الإسرائيليين». من جهتها، اختارت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية وثاني أوسع الصحف انتشاراً، جملة من تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي مع مغادرته واشنطن، وكتبت: «اوباما: الولاياتالمتحدة إحدى الدول الإسلامية الكبرى في العالم». وتابعت في عنوان آخر: «في مقابلاته مع وسائل إعلام فرنسية: الرئيس يفاخر بعدد المسلمين في أميركا... التقى مع باراك وحذره: لن أتنازل في مسألة الاستيطان». وكتبت الصحيفة أن الرئيس الأميركي كرر على مسامع وزير الدفاع أن قضية البناء في المستوطنات «تشكل عائقاً كبيراً في العلاقات بين البلدين، وتعرقل أيضاً المحاولات لتشكيل جبهة عربية موحدة تساعد في المواجهة بين الغرب وكل من ايران وافغانستان». وتابعت أن المسؤولين الإسرائيليين «يتابعون بقلق وحرج» الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الأميركي في القاهرة اليوم، وأنه بناء لتصريحاته عشية مغادرته واشنطن، فإنه لا ينوي تخفيف الضغط عن إسرائيل في مسألة الاستيطان. وأضافت الصحيفة أنه في مقابل الضغوط الأميركية على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، ثمة ضغوط داخلية عليه من عدد من وزرائه بعدم الخنوع لمطلب الرئيس الأميركي وقف البناء في المستوطنات الكبرى وقبول حل الدولتين. ونقلت عن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قوله إن علاقات إسرائيل مع إدارة اوباما دخلت مساراً بناءً، مضيفاً أن إسرائيل مستعدة لتنفيذ كل التزاماتها «لكن هناك أمور حد أدنى لا يمكننا التنازل فيها، ولن نقبل بأي تسوية في قضية (البناء لسد احتياجات) النمو الطبيعي». وأعلن وزير الداخلية رئيس حركة «شاس» الدينية الشرقية ايلي يشاي هو أيضاً رفض حزبه «تجفيف المستوطنات»، وهدد بأزمة حكومية في حال توقف البناء في المستوطنات الكبرى. وهاجم الإدارة الأميركية على «ازدواجية معاييرها وأخلاقها»، وقال إنه ليس منطقياً أن تطالب الولاياتالمتحدة إسرائيل بتنفيذ التزاماتها (وقف الاستيطان) فيما تتنصل هي من «رسالة الضمانات» التي سلمها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لإسرائيل عام 2004 وشملت موافقة أميركية على ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل، ما أتاح لإسرائيل مواصلة البناء في المستوطنات. كما أعلن وزير النقل القريب من رئيس الحكومة يسرائيل كاتس انه «لن يكون هناك أي تجميد في أعمال البناء في المستوطنات». من جهتها، رأت أوساط سياسية أخرى أنه لا ينبغي تسخين الأمور مع واشنطن بل يجدر معالجة الموضوع على نار هادئة، معتبرة ان الخلافات «خلافات بين أصدقاء». ونقلت عن ناطق باسم نتانياهو قوله إن الحكومة الإسرائيلية تعلن مواقفها بكل صدق ووضوح تماماً كما تفعل الإدارة الأميركية. من جانبه، قال باراك، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن «إسرائيل والولاياتالمتحدة ليستا في مسار تصادم»، لكن الإذاعة العسكرية أفادت أمس أن لقاءات باراك مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن لم تحرز تقدماً. وأفادت صحيفة «هآرتس» أن الرئيس الأميركي سيمهل رئيس الحكومة الإسرائيلية من 4 الى 6 أسابيع ليبلور خلالها موقفاً «معدَّلاً» من موضوعي الخلاف: البناء في المستوطنات وحل الدولتين، على أن يصوغ بعد تلقيه الموقف الإسرائيلي خطة أولية للتقدم بعملية السلام في الشرق الأوسط. إلى ذلك، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن الاتحاد الاوروبي الذي يمارس في الأيام الأخيرة ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لتقديم تنازلات في الملف الفلسطيني والتجاوب مع مطالب واشنطن بوقف الاستيطان وقبول مبدأ الدولتين، لا يعتزم رفع مستوى العلاقات بينه وبين إسرائيل في اجتماعه السنوي منتصف الشهر الجاري في لوكسمبوغ بحضور وزراء الخارجية الاوروبيين. إسرائيل تخفف القيود في الضفة الى ذلك (رويترز)، ألغت اسرائيل عمليات تفتيش السيارات الفلسطينية عند حاجزين للجيش في الضفة الغربية امس، في خطوة تهدف الى الاستجابة للضغوط الاميركية بتخفيف معاناة الفلسطينيين في الاراضي المحتلة. ووصف المفاوض الفلسطيني صائب عريقات اجراءات اليوم بأنها غير كافية، وأضاف انه يجب رفع نظام الاغلاق، وان المسألة لا تتعلق بإزالة حاجز هنا وحاجز هناك.