وسط تغطية إعلامية واسعة لثورة 25 يناير المصرية، تميزت قناة «الحرة» بالسبق الصحافي لبعض الأخبار المهمة، ومنها خبر تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، فضلاً عن تغطيتها الحية والمتواصلة طيلة فترة الاحتجاجات عبر شبكة مراسليها التي غطت المناطق المصرية، وعبر مذيعي نشراتها في واشنطن. ولعل احد أبرز هذه الوجوه، المصري سيد يوسف الذي حاول ارتداء ثوب المعارضة والموالاة في آن عبر أسئلته التي تبنت وجهة نظر الطرفين. لا يخفي يوسف التزامه الموضوعية حيال تغطية الثورة إلا أن شعوره كإعلامي مصري في هذه الأثناء «كان مختلفاً أو بالأحرى كان مزيجاً من الاحترام والفخر والسعادة بالثوار الشباب، والقلق على استقرار الأوضاع ووضع الأهل والأصدقاء». بدأ يوسف عمله الإعلامي في الإذاعة المصرية، ثم انتقل إلى قناة «النيل للأخبار» كمذيع ومقدم نشرات وبرامج سياسية، قبل أن يحطّ الرحال في «الحرة» منذ نشأتها في 2004 كمذيع أخبار، ومقدم برنامج «تقرير خاص». ما الذي ميّز الحرة في تغطية الأزمة المصرية وسط زخم القنوات الإخبارية، يقول يوسف ل «الحياة»: «غطت «الحرة» الحدث المصري منذ اللحظة الأولى، حتى أنني ظللت يوم «جمعة الغضب» نحو تسع ساعات متواصلة على الهواء، حاورت خلالها كل ألوان الطيف السياسي في مصر من سياسيين ومحللين ومتظاهرين... كانت هناك حال استنفار في غرفة الأخبار نظراً إلى أهمية الحدث. وأعتقد أننا نجحنا في «الحرة» لأننا سلّطنا الضوء على الخبر أولاً، ثم أتى تحليل الأخبار ودرس مدى تأثيرها في مجريات الأحداث بعد ذلك». ويؤكد يوسف أن مراسلي القناة لعبوا دور البطولة في نقل الخبر وتحقيق السبق في المقابلات والأخبار مع المسؤولين والمتظاهرين على حد سواء. وعن مدى تأثر القناة بالموقف الأميركي من الانتفاضة المصرية، يقول: «أؤكد أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل في الولاياتالمتحدة، فهذا أولاً مخالف للقانون. وثانياً، لم يحدث مطلقاً طوال عملي في «الحرة» أن قال لي احد ما يجب قوله أو عدم قوله. أقول الحقيقة وأنقلها كما هي للمشاهد وله حرية الاختيار. طبعاً في «الحرة» نزود المشاهد بما يقال في واشنطن في دوائر صنع القرار ومراكز الأبحاث وفي الشارع الأميركي أيضاً، وهذا طبيعي لأن القناة تبث من واشنطن». ولا يخفي يوسف أنه يضع في اعتباره نوعية المشاهد المشكك أو الذي ينظر دائماً إلى القنوات الممولة من الخارج على أنها تعمل وفق أجندة خاصة. ويرى أن أداء الإعلام المصري في تغطيته للأزمة كان «مخيباً للآمال»، ويتساءل: «كيف يمكن فعل ذلك في ظل وجود هذا الكم من القنوات الإخبارية المنافسة، وكيف ظنوا أن بإمكانهم إخفاء ثوار، تقدر أعدادهم بالملايين خصوصاً في ميدان التحرير؟». في المقابل اتهمت قنوات إخبارية عربية وعالمية بتغليب صوت المعارضة والآراء المنتقدة للنظام المصري على الأصوات المحايدة خلال تغطية الاحتجاجات المصرية، وعن ذلك يقول: «يمكنني أن أتحدث فقط عن تغطية «الحرة» التي أفسحت المجال أمام الأصوات كافة، المعارضة منها والموالية بالمقدار ذاته. كما نقلت الحدث لحظة بلحظة من ميدان التحرير للعالم كله، وأثبتت أنها السباقة في نقل الخبر، وأنها قمة في الحياد والموضوعية، ولهذا السبب وصلت نسبة المشاهدة في مصر إلى 25 في المئة وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة «إنترميديا» أثناء الاحتجاجات». ويرى يوسف أن عصر المذيع التقليدي الذي كان يقرأ من «الاوتوكيو» ما يكتب له انتهى، «نحن في زمن الإنترنت حيث فضاء المعلومات الواسع، زمن ال «فايسبوك» الذي أضحى وقود الثورات، كما أن المنافسة على أشدها مع الزيادة الكبيرة في عدد القنوات والبرامج الإخبارية، لذا توجد مقاييس جديدة للعمل الإخباري، من يحققها يبقى في المنافسة وإلا كبسة زر واحدة من الريموت كونترول ستطيحه خارج المشهد الإعلامي برمته». إذاً، ما الفارق بين عمل يوسف كمقدم لنشرات الأخبار وبين تقديمه برنامج «تقرير خاص»؟ يجيب: «في نشرات الأخبار، الخبر هو الأهم. حتى المقابلات ضمن النشرة هدفها استيضاح الخبر وشرح أبعاده وتأثيراته. أما في «تقرير خاص» فمساحة الرأي والرأي الآخر أكبر حيث نحاول فتح حوار حول قضية معاصرة، يتيح فرصة للتعبير عن الآراء، وندعمها بأكبر مقدار من المعلومات ونترك للمشاهد الحرية ليحكم كما يشاء».