لا تزال بعض محال الفيديو في المنطقة الشرقية، تكافح «الإنقراض»، معتمدة على قلة من العمالة الأجنبية التي تهتم بالحصول على الأفلام الهندية، التي تنتجها سينما «بوليود»، والأجنبية الجديدة «نسبياً»، رغم أن عددها أصبح لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. وشهدت محال الفيديو، انخفاضاً كبيراً في عددها، حتى كاد البعض يعتقد أنه لا وجود لها في الوقت الجاري، مقارنة بالانتعاش الكبير الذي شهدته خلال الثمانينات، وحتى بداية التسعينات من القرن الماضي، حتى أن أجهزة العرض الخاصة بها لا تجدها معروضة في محالات الأجهزة، باستثناء بعض المحال في السوق المركزية، التي يرتادها في العادة العمالة الأجنبية. ويعيد مصطفى محمود (بائع في أحد المحال في الدمام) بداية ظهور هذه المحال في المنطقة إلى منتصف السبعينات مع بداية ظهور أجهزة الفيديو في المملكة وانتشارها بشكل واسع فيما بعد، بالإضافة إلى بدء التواجد الكثيف للجاليات العربية والأجنبية في المنطقة، ويقول: «بدأت هذه المحال في الظهور بشكل خجول، في مدينة الدمام، وبشكل أكثر جرأة في مدينة الخبر، وفي الدمام كانت البداية بمحل في سوق الحب، ثم بدأت تنتعش شيئاً فشيئاً، حتى بات عددها يتجاوز ال50 محلاً، واتجهت شركات كبرى لافتتاح فروع لها في أحياء مدن وقرى المنطقة». وفي السابق كان زبائن محال الفيديو في غالبهم من المقيمين العرب والأجانب (الجنوب شرق آسيويين بشكل خاص)، ثم بدأ المواطنون يقبلون على هذه المحال بكثافة، خصوصاً الشباب، الذين كانوا يبحثون عن الأفلام العربية، التي كانت تصل إلى الأسواق المحلية أولاً بأول، من خلال شركات التوزيع، التي كانت تتركز في مدينة جدة بشكل خاص. ولم يكن نصيب الأفلام الغربية أقل من العربية، بل كان لها جمهورها الواسع، خصوصاً من الشباب الجامعيين وموظفي شركة أرامكو السعودية، ومن الجنسين. ويشير مصطفى الذي أمضى قرابة 20 عاماً من العمل في هذا المجال، إلى ان الطلب ارتفع على الافلام الرومانسية وافلام المغامرات. ورغم ذلك، تؤكد تقديرات عاملين في سوق الفيديو ان تكون أفلام السينما الهندية (بوليود) هي الأكثر مبيعاً، ويدلل غلام شاه حسن (بائع في محل فيديو) على ذلك بحجم الجاليات القادمة من شبه القارة الهندية (الهندية والباكستانية والبنغلاديشية والسيلانية) في المنطقة، ويقول: «هذه الجالية هي الأكثر، وهم يميلون إلى مشاهدة هذه الأفلام، من أجل التسلية والتواصل مع البلدان التي قدموا منها»، مشيراً إلى ان أبناء جلدته لم يكونوا، في الغالب، يشترون الأفلام، بل كانوا يستأجرونها، فيشاهدونها، ثم يعيدونها إلى المحل، ويأخذون أفلاماً أخرى. ويعتبر نشاط التأجير هو الأكثر رواجاً في محال الفيديو خلال تلك الحقبة الماضية. ويتذكر مصطفى تلك الفترة بقوله: «المحل كان يبيع في اليوم الواحد قرابة 50 شريطاً، وفي أيام الأربعاء والخميس يتراوح العدد بين 70 إلى 80 شريطاً، أما تأجير الأفلام، فيتجاوز في بعض الأحيان ضعف عدد الأشرطة المباعة». ويضيف: «كان لدى كل محل قائمة مشتركين، يدفعون رسوماً شهرية ثابتة، مقابل الحصول على الأفلام الجديدة التي ترد إلى المحل، بالإضافة إلى من يقوم بالاستئجار بشكل متقطع، وهذا يدفع رسوماً أعلى من المشترك». ومع أواخر التسعينات وبداية الألفية الثالثة، تفجرت ثورة الإنترنت، لتقضي على ما تبقى من رصيد لهذه المحال، فمع ظهور مواقع تعرض أو تبيع أفلاماً حديثة جداً، وبأسعار مغرية، لم يعد كثير من الناس يقبلون على محلات الفيديو، بل باتوا يفضلون هذه المواقع للحصول على ما يريدون، خصوصاً أنها لا تخضع لأي رقابة، كما هو الحال في المحال، ومع انتهاء العقد الأول من الألفية الثالثة، أصبحت محال تأجير الفيديو تراثاً قديماً، ينتظر من يهيل عليه التراب، ليعلن عن وفاته.