أظهرت جماعة «الإخوان المسلمين» خلال الأيام الماضية مزيداً من «حسن النيات» الممكن أن يسمح باستيعابها ضمن مرحلة التغيير التي تشهدها البلاد حالياً من دون أن تثير الجماعة مخاوف في شأن تأثيرها في المسار الديموقراطي، بعكس ما كان يروّج له النظام السابق. فجماعة «الإخوان» أكدت أنها لا تسعى إلى منصب رئاسة الدولة، ولا ترغب في حصد غالبية نيابية، لكنها تريد إفساح المجال أمامها كي تكون شريكاً تلعب دوراً سياسياً في بناء المجتمع. كما أن من الواضح أن الجماعة تجاوزت مرحلة السعي إلى «الشرعية» بعد عقود «الحظر» بعدما اطمأنت إلى أن النظام السياسي الجديد في البلاد سيسمح لها بإنشاء حزب تنافس من خلاله على دخول مؤسسات الدولة. ويأتي ذلك بينما تتجه النية لدى اللجنة التي شكّلها الجيش لإجراء تعديلات في الدستور المصري إلى إلغاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان). كما أن هناك اتجاهاً آخر ينص على تضمين الدستور بنداً يُلزم اختيار نائب رئيس الجمهورية بالانتخاب وليس بالاختيار كما هو معمول به الآن. وعلمت «الحياة» أن هناك اتجاهاً قوياً داخل اللجنة الدستورية التي تضم 9 من القضاة وخبراء القانون - كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن أول من أمس تشكيلها برئاسة الإسلامي المعتدل طارق البشري - نحو تضمين التعديلات على المادة 76 من الدستور نصاً يلزم باختيار نائب الرئيس بالاقتراع المباشر (ستنص المادة الجديدة المقترحة على «أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه من طريق الاقتراع السري العام المباشر»)، مع وضع بعض الشروط لاختيار المرشحين لمنصب نائب الرئيس. وتحدثت مصادر قريبة من اللجنة عن اتجاه آخر لإلغاء مجلس الشورى مع إمكان زيادة عدد أعضاء مجلس الشعب (الغرفة العليا في البرلمان)، إذ إن غالبية أعضاء اللجنة ترى «عدم جدوى المجلس» في ظل التغييرات التي ستحصل. لكن هذا التعديل يصطدم بعدد من العوائق من بينها أن مجلس الشورى يسيطر على الصحف القومية في مصر، وأن رئيس المجلس يرأس لجنة شؤون الأحزاب التي يطالب غالبية القوى السياسية في مصر بإلغائها. ويُعد مجلس الشورى الذي يضم 528 عضواً «مجلساً استشارياً»، إذ إن مهمته درس القوانين وإجراء التعديلات عليها قبل تمريرها إلى مجلس الشعب، ولا يحق للمجلس إقرار القوانين، كما أن ليس من حق أعضائه طلب تعديل الدستور، على عكس مجلس الشعب. وفي موازاة ذلك، كثفت جماعة «الإخوان المسلمين» من نشاطها خلال الأيام الماضية، وعلى رغم إعلانها عدم ترشيح أحد من أعضائها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن من المؤكد أن دعم الجماعة مرشحاً بعينه يمكن أن يساهم بقوة في فوزه بهذا المنصب. وبحسب مصادر إخوانية متطابقة تحدثت إليها «الحياة»، فإن الإخوان لن يقفوا على الحياد تجاه المرشحين على رئاسة الجمهورية، مثلما حدث في انتخابات عام 2005، بل ستعلن الجماعة دعمها مرشحاً بعينه. وتابعت المصادر أن الجماعة ستدفع بعدد كبير من أعضائها للمنافسة على مقاعد البرلمان في الانتخابات التي من المنتظر أن تجرى خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. وكشفت أن عدد مرشحي «الإخوان» قد يتجاوز نصف مقاعد البرلمان البالغ عددها 508 مقاعد. وسيحصل الأمر نفسه في المنافسة على مقاعد مجلس الشورى. لكن المصادر أكدت في الوقت ذاته عدم سعي «الإخوان» إلى السيطرة على مقاليد صناعة القرار، وقالت إن «الجماعة ترغب في شراكة غير معطلة». وكان لافتاً أمس تقديم محامي «الإخوان» طلباً إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود لإطلاق نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر ورجل الأعمال الإخواني حسن مالك والمسجونين في القضية العسكرية الشهيرة ب «ميليشيات الأزهر».