أكدت التشكيلية السعودية منيرة موصلي أن الفن رسالة، وأن اللوحة الفنية تتحدث عن هم الإنسان وقضاياه. وقالت في تصريح صحافي إن أعمالها الفنية «تتخذ طابعاً ملحمياً يزاوج بين التوثيق العاطفي وجماليات متخيلة، تستلهم واقع مستعارة من أزمنة مختلفة من تاريخ العراق». وجسّدت موصلي في معرضها المقام حالياً في المنامة، وعنوانها «الصبية التي تضيء ليل العراق» عبير الجنابي، تلك الطفلة العراقية ذات الأربعة عشر ربيعاً، قضى عليها جنود الاحتلال الأميركي، وعلى أسرتها في أرض العراق إبان الاحتلال، وتناولتها وسائل الإعلام ونشرت صورها حينذاك. عبير كانت محرضة وملهمة لمنيرة موصلي في هذا المعرض، وجسّدت من خلال لوحاتها مشاهد نضال الإنسان الذي يكسر كل قيود تكبل روحه، وتسحق بآلتها أرضه وزرعه، ومن خلال ريشتها وألوانها. تحدثت مجموعتها الفنية بتشكيلات وتمازج بين الريشة والمواد المختلفة المستعارة من الفنون التقليدية المحلية. كانت كل لوحة حديثاً عن حضارة الرافدين، من سومر وبابل، وبغداد والموصل وكربلاء. وصاحبت المعرض فعاليات عدة، منها ندوة عن «الفن الآن»، وكان المتحدث فيها ضيف شرف المعرض الفنان العراقي فاروق يوسف، وتناول واقع تحولات الفن في العالم الذي أصبح اليوم تعبيراً مفتوحاً عن الثقافة المعاصرة، التي تستمد مظهرياً جزءاً من طابعها من حيوية «السوق» باعتباره مقياساً للاستهلاك نوعاً وطبيعة محتوى وتبادل معلومات. وتطرّق يوسف للفنون الجديدة، «التي لم تعتمد على مبدأ تثوير الصورة ولكنها اعتمدت على نزعة تأخذ في الاعتبار البعد الاستهلاكي، الذي أسهمت الصورة في ترسيخه»، داعياً إلى أهمية أن نثق بالفن «باعتباره معياراً لحقيقة نعيشها وهي واقعنا الذي لا نستطيع الهروب منه، وأن إعادة تعريف الفن أصبحت ضرورة ملحّة لتبقى هوية الفن هي الإنسانية التي ينبغي للفن ألا يفارقها». كما شاركت الروائية أميمة الخميس في هذه الندوة، وأرادت من خلال العرض الذي قدمته أن تجيب عن تساؤلات عدة وأهمها «هل ثقافة الصورة حلم بائت أو غزو مبيت؟ مستعرضة المراحل الحضارية التي مرت وتوقفت أمام الثورة الرقمية الحالية، والتي جعلت توثيق الأحداث والصور يمر عبر غوغل»، معلقة على أن الصور الإعلامية «تصلنا عبر مرور أميركي، وأن الكثير من أحداث الاحتلال في العراق كانت تصلنا عبر كاميرا معلقة على ظهر جندي أميركي». وتطرقت الخميس، في ورقتها، إلى هيمنة الصورة على الكلمة، «وأن هناك دوراً جديداً تصنعه الصورة والتي تبدو حالياً كسلطة جديدة، تؤثر في السياسة وفي إرادة الشعوب». واستشهدت بثورة الشباب في مصر «التي كان للصورة الأثر الكبير في تحقيق التغيير السياسي، حين ظهرت أسماء محفوظ وهي تدعو شباب مصر للتغيير». معرض الفنانة منيرة موصلي لا يمكن أن يخلو من فعاليات للطفولة، لذا خصصت ورشة عمل للأطفال من مؤسسة السنابل لرعاية الأيتام وجمعية رعاية الأمومة والطفولة، وشاركتها الفنانة المصرية جيهان صالح والفنانة السعودية شعاع الدوسري. ونظمت موصلي، في ما سبق، عدداً من الأعمال والورش التدريبية وشاركت في الإعداد لورش فنية وثقافية لمصلحة بعض المؤسسات الخيرية والاجتماعية في عدد من الدول التي مرّت بظروف الاحتلال. وكانت نظمت في العام الماضي مع وزارة الثقافة والإعلام، وبمشاركة عدد من فناني المملكة والخليج، معرضاً فنياً لمصلحة أطفال غزة وقت الحصار، وهي حاصلة على عدد من الجوائز الفنية الدولية والعربية. أقيمت الفعاليات المصاحبة والمعرض الفني في قاعة «البارح» للفنون التشكيلية بالمنامة، ويستمر المعرض إلى السابع والعشرين من شباط (فبراير) الجاري.