خسرت محافظة جدة ستة مباني تاريخية في المنطقة التاريخية، جراء حريق اندلع مساء أول من أمس في المنطقة التي تقع وسط مدينة جدة، وتسبب الحريق في تضرر ستة مبانٍ تاريخية أنهار منها ثلاثة بشكل كلي، كما تم إخلاء 60 شخصاً من تلك المباني والمباني المجاورة لمنطقة الحريق. وأوضح المتحدث باسم الدفاع المدني بمنطقة مكةالمكرمة العقيد سعيد سرحان، أن فرق الإنقاذ بمدني جدة تمكنت مساء أول أمس من إخلاء 60 شخصاً إلى مناطق آمنة، وعملت فرق الإطفاء على إخماد الحريق الذي اندلع في واجهة ست بنايات تأثرت نتيجة الحريق، كانت جميعها مأهولة بالسكان وتقع ضمن نطاق المنطقة التاريخية. وأضاف: «وفق المعلومات الأولية فإن الحريق اندلع في بناية مشيدة بالطوب المبني من الحجر المنقبي والطين البحري مسقوفة بالخشب مكونة من أربعة أدوار، وامتدت ألسنة اللهب إلى مبنيين من ضمن المباني التاريخية عن طريق الرواشين الخشبية المشيدة في واجهة البنايات وتعرضت البنايتين في وقت لاحق للانهيار، كما تضرر من جراء الحريق ثلاثة مبانٍ أخرى ليصل العدد إلى ستة مبانٍ وصلت إليها ألسنة اللهب عن طريق الرواشين». وأشار إلى أنه مع نهاية عمليات الإخماد عاودت فرق الإنقاذ تمشيط المباني المحترقة القائمة والمنهار منها والمجاور لها للتأكد من عدم وجود أشخاص، بعد أن أخليت جميعها من السكان من بداية الحريق. وأشار إلى الدور الفعال للشؤون الصحية والهلال الأحمر اللذين عملا على إنشاء منطقة فرز طبي تحسباً لأي إصابات قد تحدث، كما حضرت الدوريات الأمنية وشرطة محافظة جدة والمرور وعملت مع الدفاع المدني على تأمين المنطقة من المارة خشية الانهيارات التي تعرضت لها المباني. وأكد العقيد سرحان السيطرة على الحريق وعدم وجود إصابات أو خسائر بالأرواح. إلى ذلك، أوضح رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار، أن الحريق اندلع في ثلاثة مبانٍ بمنطقة جدة التاريخية، هي: بيت القمصاني وبيت العشماوي وبيت عبدالعال، مشيراً إلى أن المنازل التي تعرضت للحريق مأهولة بالسكان، لكنهم غادروها عند بدء الحريق. عدس: الاستخدام الجائر سبب حرائق المنطقة التاريخية فنّد مدير مشروع المنطقة التاريخية سابقاً أستاذ العمارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عدنان عدس بعض ما تم تداوله حول تعمد حرائق المنطقة التاريخية لتحويلها إلى منطقة تجارية، مؤكداً أن السبب الأول خلف حرائق جدة التاريخية هو الاستخدام الجائر لهذه الآثار. وأضاف عدس ل«الحياة»: «إن التمديدات الكهربائية واستخدام المطابخ ووضع الأثقال وتولية الأجانب على هذه الكنوز والسماح لهم بالحضور في هذه المناطق، واستخدامها لأغراض شخصية كسكن وغيره، وإدخال أعداد كبيرة من الزوار من دون التأكد من سلامة المكان وجاهزيته، كل هذه الأسباب تؤدي بشكل أو بآخر إلى إتلاف هذه الآثار من دون رحمة، وتسهم في عدم صمودها طويلاً أمام الكوارث البيئية من حرائق ورياح وحرارة». وذكر عدس أنه تم وضع خطة من مستشارين وأعضاء في جدة التاريخية بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وتمت الموافقة عليها وتشمل خطة حماية وإدارة وتطوير، وذلك في عام 2011، وبناءً عليها تم إنشاء بلدية جدة التاريخية كبلدية مستقلة عن بقية البلديات. وتابع: «للأسف لم يتم تطبيق أي من تلك الخطط بالكامل، وتعود أسباب الفشل إلى عوامل منها نقص الخبرة والكوادر العاملة لأنها تحتاج إلى تكاتف كبير من الجميع لإنجاحها، ويوجد في بلدية جدة التاريخية عدد كبير ممن تصرف لهم رواتب لأداء دورهم في متابعة هذه الآثار وإصدار تقارير عنها وعن حالتها، ولكنهم لا يقومون بدورهم على الوجه المطلوب». وبين عدس أنه إذا لم يتغير مسار إدارة هذه المنطقة وتغيير جميع الخطط لحمايتها وإضافة البنود التي نحتاج إليها، وإصدار رخص تشغيل بالتعاون بين الأمانة والدفاع المدني، فإن الحرائق ستستمر وستقضي على المنطقة بأكملها، فقد حدث حريق كبير قبل فترة في حارة المظلوم واحترق 12 مبنى، وقبل شهر حدث حريق في المنطقة التاريخية في «بيت مروان»، ولكن التفاعل كان موقتاً.