ألا تلاحظون أننا نعدّل لغتنا ولهجتنا، وحتى مبادئنا بمجرد أن تتغير الوجوه التي حولنا، أو بمجرد أن نتسلّم منصباً جديداً؟ وأننا نتبرأ من مواقفنا تبعاً لمصالحنا، وأن ما قلناه بالأمس لا بأس أن يتغير اليوم، سواء رضي المتلقي، أم لم يرضَ! تلك إحدى حالات وواقع بعض الناس، ولا أقول «كل» الناس، لكنها تبدو واضحة في ساحة الإعلام الرياضي، المقروء منه والمشاهد. من المفارقات العجيبة أنك تجد كاتباً رياضياً تخصص له مساحة يومية أو أسبوعية ليكتب فيها رأيه الحرّ والنزيه والمستقل، أو هكذا يجب أن يكون. وفي المقابل تجده يعمل ليلاً في أحد الأندية، يتبنى قضاياه، يدافع عنها، ويجادل من أجلها، يقول حقيقة واحدة، ويحاول أن يمرر عشر معلومات مغلوطة. مثل هذا النموذج، كيف يمكن للقارئ أن يحترمه، أو يحترم رأيه؟ وكيف يرى هو صورته عند الآخرين؟ من يقابله، من يحادثه، ومن يناقشه. وليس الإعلام الفضائي ببرامجه الرياضية بعيداً عن ذلك، إذ خصصت برامج رياضية لتتناول قضايا أندية بعينها، وهذه النوعية من البرامج باتت مكشوفة للمتابع العادي. قبل عامين تعالت الأصوات مطالبة بقنوات الأندية، فكان أن طبقت بعض الأندية هذه الفكرة، لكنها ألغيت في ما بعد، لأنها لم تنجح، ولو استمرت لتحقق لها الفشل. لكن المتابع للبرامج الرياضية والمقالات اليومية والأسبوعية تزلزله بعض الآراء التي يطلقها بعض الكتاب الرياضيين من خلال وجودهم في برامج رياضية، كونها تختلف اختلافاً كلياً عن آرائهم في مقالاتهم الصحافية. والغريب أن هؤلاء الذين يظهرون لنا بشكل ولون مختلف عبر شاشات القنوات الفضائية، هم الذين يكتبون نهاراً آراء ليست لها علاقة بما نسمعه منهم. وهؤلاء إما أنهم لا يحترمون عقول الناس، أو أنهم مصابون بمرض الزهايمر أعاذنا الله وإياكم منه، وفي كلتا الحالتين، فإنهم غير مؤهلين فكراً وعقلاً للحديث باسم الإعلام الرياضي. أذكر أن أحد الزملاء قال لي يوماً بعد أن اتصلت به معاتباً ومتسائلاً عن هذا التحوّل في أسلوبه والذي اتجه إلى الهجوم، وتصيّد أخطاء الناس، وبات يكتب وفق ميول لم تكن ظاهرة في كتاباته. فقال لي قولاً جريئاً لم أعهده منه: «لم نستفد شيئاً من أسلوبنا السابق في الكتابة، ولم تحقق لي المثل التي تعلمتها منك طوال أكثر من خمسة عشر عاماً، ما حققته من شهرة وحضور في قنوات تلفزيونية في عامين فقط». لم أستطع أن أستمر معه لأسمع المزيد عن تجربته الجديدة المعجب بها، فأنهيت المكالمة قبل أن أودعه، وبعد فترة قصيرة أصبح له منصب في الصحيفة التي يعمل بها، وأصبح أحد الضيوف الدائمين والمطلوبين في البرامج الرياضية. أما الآن فإنني في حيرة من أمري، فهل أبقى على موقفي، أم أتحول مع زميلي القديم وانضم إلى مدرسة الإعلام الرياضي الجديدة التي تقدّم لي جواز الدخول مباشرة إلى عالم الشهرة؟ أريدكم أن تساعدوني بآرائكم. [email protected]