أعلن الجيش الباكستاني أمس، أن جنوده نفذوا بنجاح مهمة الإفراج عن 71 تلميذاً و9 أساتذة خطفهم عناصر من حركة «طالبان» في منطقة بانو القبلية (شمال غرب)، في وقت يواجه الجيش مقاتلي الحركة وحلفائهم في تنظيم «القاعدة» في إقليم وادي سوات القبلي منذ نهاية نيسان (أبريل) الماضي. وأفاد بيان أصدره الجيش بأنه جرى تحرير المخطوفين جميعهم، اثر اندلاع «معارك شرسة» وإقامة العسكريين مراكز تفتيش على الطرقات لمنع الخاطفين من اقتياد الرهائن الى معاقلهم. وكانت معلومات أولية تحدثت عن احتجاز «طالبان» 400 طالب تتراوح أعمارهم بين 15 و25 وأفراد من الهيئة التعليمية في مدرسة رزماك التي يديرها الجيش بإقليم شمال وزيرستان، قبل ان تشير الى ان عددهم يقل عن مئة. وأشار مسؤولون أمنيون الى ان الرهائن استقلوا 30 حافلة أقلتهم من مدينة بانو الى الشرق حين خطفهم عناصر «طالبان»، فيما تحدث آخرون عن «اختفاء تلاميذ»، لكن بعدد اقل، ثم أكد مسؤولون محليون ان غالبية التلاميذ نجحوا في بلوغ منطقة آمنة، وتحدث بعضهم عن استمرار احتجاز 24 منهم فقط خلال الليل. وتوعدت «طالبان باكستان» بالثأر من العمليات العسكرية في سوات، وكثفوا الاعتداءات الانتحارية في الأيام الأخيرة، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 1900 شخص في أنحاء البلاد منذ اقل من سنتين. وتتمركز جماعات ذات صلات ب «طالبان» و «القاعدة» في شمال وزيرستان وجنوبها، وترتبط بتحالف وثيق مع متشددي حركة «تطبيق الشريعة» في سوات، علماً ان جنوب وزيرستان تشكل معقل زعيم حركة «طالبان باكستان» بيعة الله محسود. وعلى رغم أن الجيش لم يكشف حتى الآن أي خطط للهجوم بعد استعادته وادي سوات، يقول مسؤولون إن «تنفيذ عملية عسكرية في جنوب وزيرستان الجنوبية سيحصل لا محالة». ورفعت العمليات العسكرية للجيش في سوات عدد النازحين من مناطق القبائل الى حوالى 2.4 مليون شخص، ما دفع الأممالمتحدة إلى التحذير من أزمة إنسانية، واطلاق دعوة لجمع 543 مليون دولار لم يتوافر إلا جزء منها. وحض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدول على الاستجابة بسرعة للمطالب المالية، محذراً من أن المعاناة هائلة في باكستان. وقال: «إذا لم نحصل على باقي الأموال سنبدأ في قطع الخدمات»، محذراً من ان الكارثة الإنسانية يمكن ان تزعزع الاستقرار. وأعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستانوباكستان ريتشارد هولبروك إنه سيزور باكستان هذا الأسبوع، يرافقه وفد يضم مسؤولين من وزارة الدفاع ووكالة التنمية الدولية الأميركية، لتقويم جهود الإغاثة لمساعدة النازحين، الذين عرضت الولاياتالمتحدة 110 ملايين دولار لمساعدتهم. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية روبرت وود: «يريد هولبروك الاطلاع في شكل مباشر على سير الأمور، وسيبحث في السبل التي ستسمح لواشنطن بتحسين مساعدتها للنازحين». وأعلن مسؤول أميركي آخر رفض كشف اسمه ان من بين أهداف هولبروك الأساسية ضمان امتلاك باكستان استراتيجية أوسع لمكافحة التمرد من خلال استمالة السكان في المناطق التي ينتشر فيها نفوذ «طالبان». وقال: «ستناقش الزيارة العملية العسكرية كعنصر ضمن استراتيجية أوسع ترتكز على بسط سيطرة الحكومة الباكستانية على مناطق القبائل، والعناصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليس لضمان انتصارهم في المعركة ففقط، بل أيضاً لتحقيق تقدم نحو الفوز بالحرب الأوسع». الى ذلك، ربطت مصادر مقربة من وزارة الدفاع بين وجود مدير الاستخبارات القومية الأميركية الأميرال المتقاعد دينيس بلير في إسلام آباد وخطط الحكومة لاطلاق هجوم واسع في اقليمجنوب وزيرستان. والتقى بلير الرئيس آصف زرداري وقائد الجيش الجنرال كياني، فيما اشارت مصادر في وزارة الدفاع الباكستانية إلى عزم واشنطن مشاطرة إسلام آباد معلومات استخبارية وتزويدها صوراً عن أماكن وجود قادة «طالبان باكستان» مثل بيت الله محسود والملا نظير وغيرهم في الاقليم، ومراكز تدريب المتمردين. ورجحوا شن طائرات استطلاع أميركية تعمل من دون طيار وتدار من قبل فريق أميركي – باكستاني مشترك في جلال آباد الغارات، في اماكن يحددها الجانبان. ورأى وزير الإنتاج الحربي السابق الجنرال المتقاعد طلعت مسعود ل «الحياة» أن أي عملية عسكرية جديدة في جنوب وزيرستان ستختلف عن العملية في سوات، «نظراً الى اختلاف طبيعة المنطقتين وسكانهما»، مضيفاً أن رجال القبائل في وزيرستان يملكون تاريخاً حافلاً في مقاومة الجيوش التي تغزو مناطقهم بدليل ان أي جيش لم يستطع السيطرة على المنطقة حتى الآن. ووصف مسعود القبليين في وزيرستان بأنهم «مدربون في شكل ممتاز»، وأنهم «اكثر دراية بتضاريس منطقتهم»، مرجحاً استخدام الجيش أسلوباً مختلفاً من سوات عبر قصف معسكرات التدريب وأماكن وجود قادة الجماعات المسلحة في المنطقة، «فيما سيوفر الاميركيون متابعة دقيقة لتحركات المسلحين عبر استخدام تكنولوجيا حديثة في المواجهة، من اجل تسهيل سد ممرات هروب المسلحين». وأشار الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في إسلام آباد نجم رفيق، الى ان الاميركيين يسعون إلى توسيع رقعة القتال الى وزيرستان، وذلك عبر دفع الجيش الباكستاني لخوض المواجهة، و «هو ما سيزيد تعقيد الأمور وتدهور الاحوال السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد».