«لم يعد مجدياً بعد اليوم العمل في نقل الطالبات الذي لم يعد يوفر لقمة العيش الكريمة لأبنائنا، بعد أن أوقف مكتب الضمان الاجتماعي عنا المخصصات التي كنا نتقاضاها»، هكذا بدأ السائق في قطاع نقل الطالبات في منطقة الباحة دوخي جمعان حديثه إلى «الحياة» الذي قال ممازحاً في استنكار: «لن تجعلنا هذه الوظيفة أثرياء، وأن ما كنت أتقاضاه من الضمان الاجتماعي بالكاد يكفي لسد رمق أسرتي». ولوح جمعان بالتوقف وزملاؤه عن العمل في حال لم تجد مطالبهم آذاناً صاغية، وأضاف أنه لا جدوى من الاستمرار في العمل إذا لم يحسن وضعهم بمنحهم رواتب شهرية تزيد على ال2000 ريال، مع وجود الضمان الاجتماعي، وتساءل عن أسباب إسقاط حقهم في مخصصات الضمان، وقال: «ألم يوضع الضمان للمحتاجين؟ إذاً لماذا نحرم منه؟». وعلى الصعيد ذاته ، أوضح زميله أحمد عبدالرحمن أن ما يتقاضاه العامل في نقل الطالبات من أجر شهري «لا يسمن ولا يغني من جوع»، مفيداً أنه غالباً ما يتأخر، وتابع: «لسنا مجبرين على البقاء في هذه المهنة»، مشيراً إلى أنهم أصبحوا بين أصعب الأمرين إمَّا بترك نقل الطالبات أو ترك الضمان الاجتماعي، لافتاً إلى أن عدداً من السائقين يرغبون في إيجاد الحل المناسب لهذه المشكلة. وزاد: «إننا معتمدون على مستحقات الضمان كثيراً وليس لنا دخل آخر غير ذلك وفي النهاية نتفاجأ أن مكتب الضمان في منطقة الباحة يغلق حساباتنا، ولم نعد نستطيع سحب أموالنا السابقة»، متسائلاً: «كيف يجري هذا التصرف من أصله؟». ووافق سعيد الزهراني سابقيه، واسترسل: «ارتضينا هذا العمل (نقل الطالبات) من أجل تحسين الدخل وخدمة الطالبات اللائي يقطعن مسافات بعيدة ولكن للأسف نستغرب هذا التصرف من قبل شركة خاصة». وكشف الزهراني نيته وأعداد كبيرة من زملائه ترك نقل الطالبات من أجل الضمان الاجتماعي الذي خصصته الدولة لهم كمساعدة، إذ لم يعد للسائقين أي دخل آخر سوى نقل الطالبات الذي لا يفي بالغرض المطلوب، خصوصاً أنه لم يحسب لهم في الإجازات أي مبلغ، وكذلك إجازة نهاية الأسبوع. وعلى خط مواز، أعلن السائق سليم الغامدي عزم العاملين في القطاع (نقل الطالبات) تقديم شكوى إلى الجهات المعنية في حال رفض مكتب الضمان استقبالهم، خصوصاً أن المسؤولين في الضمان الاجتماعي أشاروا إليهم أنه ليس لديهم أي رواتب ولن تصرف للعاملين مبالغ طالما أنهم يعملون مع الشركة المنفذة لنقل الطالبات. أما السائق علي الرفاعي فاستنكر مطالبات شركة الضمان للسائقين، موضحاً أنها طلبت منهم التنازل عن النقل، وأردف: «قمنا بالتوقيع من دون علم منا بمخططها إذ طالبتنا بالتنازل عن نقل الطالبات، لذلك نطالب الجهة المعنية بحل هذه القضية التي باتت تؤرقنا وتؤرق أسرنا، فضلاً عما تقطعه الطالبات من مسافات بعيدة من وإلى المدرسة وهن في أمس الحاجة إلى النقل». وفي المقابل، أوضح مصدر مسؤول في مكتب الضمان الاجتماعي بمنطقة الباحة (رفض ذكر اسمه) أن إيقاف الضمان عن المستفيدين، جاء نتيجة اكتشاف المكتب عند تحديث بيانات أولئك العاملين في «قطاع نقل الطالبات» إخفاءهم معلومات عنه بانتسابهم وعملهم في إحدى شركات نقل الطالبات، مبيناً أن توجيهات وزارة الشؤون الاجتماعية تقضي بإيقاف الضمان عنهم. وشدد المصدر على أن من يعمل أو يكون مشتركاً في التأمينات أو يتقاضى مرتباً شهرياً، فإنه له الحق فقط في الحصول على مساعدات مقطوعة ودعم تكميلي من الشؤون الاجتماعية، مبيناً أنه يسقط حق هؤلاء في الحصول على الضمان لكونهم على رأس العمل. فيما، رفضت شركة نقل الطالبات في الباحة الحديث حول الاتهامات الموجهة لها من السائقين بقطع الضمان عنهم، وأشارت إلى أن ليس لها علاقة في ما حدث، وأنها لم ترفع أي أوراق لمكتب الضمان الاجتماعي تفيده بأن أولئك السائقين على رأس العمل لديها. وأكدت الشركة أنه ليس لديها أي دور في قطع مخصصات الضمان عن المتظلمين، لافتة إلى أن العقد الذي بينها وبينهم هو عقد إيجار سيارة خاصة بالأجر اليومي، ولا تشمل المؤجر تأمينات اجتماعية ولا يعتبر موظفاً لديها.