عندما أعلنت وزارة المياه والكهرباء أخيراً الفكاك من بحيرة الصرف الصحي المسماة جدلاً «بحيرة المسك»، بات أمام الوزارة تحدٍ حقيقي لم يكن هذه المرة تجفيفاً لمناطق جديدة في جدة أو إنشاء مشاريع لتصريف السيول والأمطار, بل العمل على تجفيف أحد أبرز محطاتها لتعبئة صهاريج المياه من منسوب مياه السيول الذي ما زال حتى الآن عالياً، على رغم مرور ما يقرب الأسبوعين على «طوفان الأربعاء الثاني». وبينما اضطر الكثير من سكان جدة إلى تفريغ خزانات المياه في منازلهم نظراً إلى اختلاطها بمياه الصرف الصحي، إضافة إلى ما جرفته السيول من أتربة ومخلفات، لم يجدوا عند ذهابهم إلى محطة بريمان لتحلية المياه ما يروي ظمأهم بل لم يتمكنوا من الوصول إليها أو الاقتراب منها, إذ إنها باتت وفق وصف أحد أهالي جدة «بحيرة صرف جديدة». وعانى سكان أحياء عدة (كالربيع والتوفيق والسامر والأجواد والمنار وبريمان وأحياء أخرى متفرقة) من العطش في ظل «تعطل تام» لمحطة بريمان لتعبئة صهاريج المياه على رغم هطول المطر. وكشف أحد سكان حي التوفيق سعد العمودي أن أمطار الأربعاء قبل الماضي أجبرته على تنظيف خزان المياه في منزله, لكنه أشار إلى أنه عند ذهابه إلى محطة بريمان لتعبئة صهاريج المياه فوجئ بأن المحطة غارقة وأن المياه المتجمعة بشكل كبير حولها حال دون وصوله إلى محيطها. ويروي أحد سكان حي بريمان فهد الخالدي، أنه عاش مع «طوفان الأربعاء 2» تفاصيل الخوف من الغرق مرة والقلق من غياب الماء مرات عدة، وقال: «أجبرت على التوجه إلى محطة الفيصلية لتعبئة صهاريج المياه, موضحاً أن المحطة فضلاً عن بعدها عن مقر سكنه شهدت ازدحاماً كثيفاً». وطالب الخالدي وزارة المياه بمحاسبة المتسببين في تأخر إعادة طبيعة العمل في محطة بريمان واصفاً ما يجري ب«الإهمال». وفي سياق ذي صلة، أوضح أحد سكان حي المنار فوزي فلاته أن السبل تقطعت به وبسكان الحي في اليومين الأول والثاني من الكارثة الأخيرة التي حالت دون وصولهم إلى محطة بريمان لتعبئة المياه، وأردف: «إن خزانات المياه لم تعد صالحة للاستخدام بعد أن خالطتها مياه السيول، ما دعاني إلى اللجوء إلى استخدام جوالين المياه ذات سعة 10 لترات لإنقاذ أسرته من العطش العطش وتسيير أمور حياتهم قدر الإمكان في حدود تلك الجوالين». وتقمصت «الحياة» دور مواطن راغب في شراء صهريج مياه من محطة بريمان فوجدت الجواب من أحد حراس الأمن الموجودين في الموقع (تحتفظ «الحياة» باسمه): «أرى أنه من الأفضل لأهالي حي بريمان الملاصق لمحطة بريمان لتعبئة صهاريج المياه التوجه إلى محطة «أشياب الفيصلية» معللاً ذلك بكون محطة بريمان متعطلة». واتصلت «الحياة» على هاتف الشركة المشغلة للاستفسار عن حال المحطة وإمكان عودة العمل فيها بعد مشاهدتها متعطلة جراء مياه السيول المحيطة بها من كل جانب، وعلى رغم ذلك جاءت إجابة من تولى عملية الرد على التساؤل بما نصه «عادت المحطة إلى العمل، وبإمكانكم تعبئة وشراء صهريج مياه منها الآن». ورصدت «الحياة» خلال جولة نفذتها يوم (الأحد) الماضي على المحطة عدداً من صهاريج المياه (صفراء اللون) أي تابعة للبلدية تعمل على سحب المياه المتجمعة من موقع المحطة, فيما كانت قلة من صهاريج المياه البيضاء بالكاد تتمكن من التعبئة لتبلل ريق ساكني جدة.