يحاول الفنان السوري مهند ديب إدانة الأجسام المعدنية التي تشوّه دمشق بصرياً، بخطوط من ذاكرة مجموعة من الفنانين، خطّوها سابقاً، وسيعملون عليها في ورشة تشكيل معدني جداري، حملت اسم: «من خطوط الذاكرة»، وينظمها محترف «شغل وفن». بدأت الورشة بجمع التصاميم الأولية للخطوط والقصاصات الموجودة لدى المشاركين، وسيُشتغل عليها في مراحل متتالية لتتحول الخطوط المرسومة على ورق إلى خطوط من الحديد. وستعرض خطوط الحديد في منطقة سكنية داخل دمشق، لم تحدد بعد، كما ستتيح الورشة للفنانين كل ما يلزمهم لتنفيذ أعمالهم. ويُكمّل مشروع «من خطوط الذاكرة» سلسلة المشاريع التي عمل عليها محترف «شغل وفن»، لإدانة القبح والتشوّه البصري الذي يكبر حجمه كل يوم في دمشق، فبعدما دان الإسمنت بالإسمنت سابقاً، يحاول اليوم إدانة الحديد بالحديد، إذ رمى مهند ديب الحصى في وجه الإسمنت، وعلّقهما داخل إطار خشبي على جدران مشغله، في أول ورشة للمحترف: «الإسمنت في التشكيل» التي شارك فيها أكثر من 130 فناناً سورياً وعربياً، وعُرضت أعمالهم في أماكن عديدة داخل سورية. يقول ديب عن الفكرة الأولى للمشروع: «بدأت الورش، للدفاع عن التراث الدمشقي من تفشي الإسمنت في جسم المدينة، لذلك عملنا على التشهير ببشاعته، وإدانة كل من يسعون الى إغراق تراثنا العمراني بالإسمنت». حملت بعض أعمال ورشة الإسمنت قضباناً صغيرة، لسجون إسمنتية، يسجن أحدها رجلاً يجلس بخوف، ومصبوغ باللون الأسود، بلون القضبان التي تتجاوز حدود الإطار الخشبي للوحة. وحمل عمل آخر، حذاء عسكرياً، وبعض المسامير، ربما لإدانة دور هذا الحذاء في بناء العشوائيات على أطراف دمشق، وعلى وجه جبل قاسيون خصوصاً. لوّن بعض الفنانين لوحاتهم ليبعدوها عن جوّ الإسمنت ولونه المتعب، ويمكن القول ان الألوان، ليست الدخيل الوحيد على الإسمنت، إنما أدخلت إليه مواد كثيرة، كالحصى، والزجاج، والقضبان، والخشب الذي استخدم في لوحات ظهر في إحداها كما يظهر أثناء أعمال البناء ببشاعة بصرية مقصودة. توزّعت الأعمال بين لوحات استفادت من مادة الإسمنت، وأعمال أخرى لم تكن سوى نسخ رديئة عن أعمال اشتغلها أصحابها سابقاً بألوان الزيت، أو بالأكريليك، أو... لم تتوقف ورشة الإسمنت إذ افتتحت أخيراً، أول معرض دائم لأطفال دمشق، أمام مدرسة معاوية في منطقة ساروجة، في حضور المشاركين بالأعمال التي نفذوها خلال ورشة عمل مخصصة لهم أثناء العطلة النصفية. نفذ الأعمال 15 طفلاً وطفلة، تتراوح أعمارهم بين 9 و 12 سنة، بتصميم وإشراف بيسان الشريف، المدربة في مشروع «المسرح التفاعلي في المدارس الحكومية». وحملت لوحات الأطفال أدوات من حقائبهم المدرسية، فرسم كل منهم ما يحبه، كالأسماك والألعاب... تطمح إدارة الورشة إلى نقلها الى عدد أكبر من مدارس دمشق. ويؤكد ديب ان تثبيت الأعمال التي أنجزها الأطفال هو خطوة أساسية في تلمّس أثر الفن في حياة الأطفال، كونها ستكون معرضاً دائماً على حائط مدرستهم التي تشكل جزءاً أساسياً من تكوينهم وتفاعلهم مع محيطهم ومجتمعهم، كما أنها تحقق لمسة جمالية في الفضاء المحيط تخفف من التلوث البصري المنتشر». يذكر أن محترف «شغل وفن» هو فضاء مستقل ومفتوح في قلب مدينة دمشق في سوق ساروجة. ويهدف إلى تفعيل دور النحاتين السوريين، من خلال تنشيط وتحفيز عمل النحت وتوسيع مجالاته، ومحاولة توظيفه لخلق علاقة أفضل مع المدينة المحيطة به.