لا تبدي مريم، اهتماماً ب «العنوسة»، التي دخلت في قائمتها قبل سنوات، كما أنها لا تبالي كثيراً بآلام الظهر، التي تثقل كاهلها. لكن هذه الفتاة (39 سنة) تنتحب وتذرف دموعاً ساخنة، وهي تحكي مأساتها، وعوزها، ولا سيما بعد رحيل والديها وتقول: «أعيش بين جدران أربعة، في شقة عتيقة خانقة في حي الثقبة، حياة بؤس، بعد أن توفيت والدتي، فبقيت رهينة العوز والوحدة مع أخوين مريضين عاجزين، تجاوزا العقد الخامس من العمر». وتلفت إلى أن أحد أشقائها «مريض نفسياً، والآخر يبصر الحياة بعين واحدة، ويعاني من إعاقة جسدية»، مستدركة: «على رغم ذلك؛ يتكبد عناء التنقل على دراجة هوائية، من أجل العمل، في محل لبيع الخضار، بأجر يومي لا يتجاوز 40 ريالاً». وتمضي مريم في حديثها إلى «الحياة»، ودموعها تسبق كلماتها، مشيرة إلى حياة الضنك التي تقاسيها وأخويها، الذي تزايد بعد رحيل الأب المُعيل، والأم الرؤوم، مؤكدة صعوبة وضعهم في الشقة التي يسكنونها، «نحن لا نملك دخلاً شهرياً، ومهددون بالطرد من الشقة، لتأخرنا عن دفع إيجارها البالغ 13500 ريال». وتشير الشابة المحبطة إلى عدم قدرتها على المشاركة في جمعيات، للحصول على مبلغ لسداد الإيجار، «فاشتراك أقل جمعية 200 ريال»، وتتابع بانكسار: «لم أتزوج حتى الآن، ولا أملك سوى شهادة الابتدائية، كما أن شقيقي لم يدرسا، على رغم أن عمر أكبرهما 54 سنة، والآخر 50 سنة كما أنهما غير متزوجين، وأحدهما مريض نفسي، تلقى العلاج لفترة، في مستشفى الأمل في الدمام، وهو مصاب أيضاً بمرض السكري». وتستطرد: «شقتنا على وشك الانهيار، وتحوي غرفتين فقط وصالة ومجلس، وقد توفيت والدتي قبل نحو سنتين». وغصت في البكاء قبل أن تكمل: «فقدنا برحيلها الحضن الدافئ، فيما توفي أبي قبل نحو عشر سنوات». وتشتكي مريم من بعض الآلام في الظهر، «الآلام تجعلني غير قادرة على العمل في وظيفة تتناسب مع إمكاناتي التعليمية البسيطة»، إضافة إلى حاجة أخويها إلى الرعاية، مشيرة إلى أن «إحدى المُحسنات حنت علي، وقامت بطلاء الصالة». وعلى استحياء تشير إلى «عدم توافر الطعام لدينا يومياً»، مؤكدة أنها تخجل من الحديث في هذا الشأن، «نأكل إذا ما تذكَّرنا أحد المحسنين، وإلا فإنني لن أستجدي أحداً، كما أن لدي شقيقاً ثالث غير متزوج أيضاً، لكنه مُستقل في حياته. ولا يسأل عنا، وليس بيننا وبينه أي نوع من التواصل».