على رغم مرور خمسة أيام على فاجعة الأربعاء الجديدة، لا تزال المياه متجمعة ومحيطة بعشرات المنازل في حي البغدادية الغربية. وفي الحي شاهدت «الحياة» عشرات المشمرين عن سيقانهم لاجتياز مياه الأمطار الصامدة في أماكنها، ولفت أنظارها حال أحد السكان وهو يحاول من أجل عبور الطريق لمعاينة سيارته التي غمرتها المياه. وقال المواطن وليد محمد إنه كان يمارس عمله في إحدى المدارس الابتدائية وغادر المدرسة للاطمئنان على والديه اللذين يقطنان حي «البغدادية», لكن المركبة لم تتجاوز بوابات المدرسة حتى توقفت الحركة بشكل نهائي. وأفاد أنه بدأ في السباحة داخل المياه بغية الوصول إلى والده ووالدته، خصوصاً أنهما يقطنان في الطابق الثاني وتم قطع الكهرباء عنهما، مشيراً إلى أن الدفاع المدني لم ينقلهما إلى مركز الإيواء سوى يوم أمس (الأحد). فيما أوضح المقيم المهندس سامي أحمد أن المطر بدد لحظات لقاء أسرته خلال هذه الإجازة الفصلية إذ أخبرهم بصعوبة القدوم إليه بسبب المطر في جدة وتأجيل عودتها إلى حين انقشاع الأمر. وأضاف أنه عاش في مقر عمله أثناء هطول الأمطار الأربعاء الماضي لحظات من الرعب حول كيفية الوصول إلى منزله، إذ استغرقت عودته أكثر من ست ساعات. ولم تتوقف معاناة سامي عند هذا الحد بل تجاوزت إلى أبعد، وقال: «بقيت من دون طعام منذ الأربعاء حتى مساء الجمعة الماضي بسبب ظروف الأمطار التي تسببت في إخلائه من مكان سكنه إجبارياً»، ملمحاً إلى لجوء الكثير من الأهالي إلى قوارب مطاطية كانت بحوزتهم من كارثة جدة قبل أكثر من عام كانوا يتنقلون على متنها لكنه أكد أنها قليلة. وكشف سامي عدم شموله بإسكان المتضررين لكونه يعيش في السعودية من دون أسرته التي تركها في سوريا وأن الشقق المخصصة للإيواء للعائلات فقط، ما استدعى سكنه موقتاً في منطقة البلد وسط جدة على حسابه الخاص إلى حين زوال المياه وعودة الأوضاع إلى طبيعتها. بدوره، يروي حارس إحدى العمائر السكنية في الحي لحظات الخوف والترقب التي عاشتها الكثير من العائلات، خصوصاً أن كميات المياه زادت بعد انتهاء هطول الأمطار بنصف ساعة. وتابع: «غمرت المياه شقق سكان الطابق الأرضي، الأمر الذي أثار الهلع لدى السكان ليتفقوا على فتح سطح العمارة كملجأ لهم من منسوب المياه العالي الذي تسبب في قطع التيار الكهربائي». وأشار إلى أن السكان ظلوا على سطح العمارة حتى مساء يوم الخميس، وقدم لهم الكثير من المتطوعين والدفاع المدني الطعام والماء، مشيراً إلى أن تلك الإغاثة كانت تمثل أهمية بالغة لحين إخلاء الدفاع المدني الأهالي من العمائر. وأكد أحد سكان الحي، أبو سامر أن مياه الأمطار بدأت في ساعاتها الأولى تزداد أكثر من المعتاد، وظلت في ارتفاع حتى وصل ارتفاعها حد المكاتب ما تتطلب مني مغادرة المؤسسة التي يعمل فيها متجهاً نحو منزلي الكائن في «الفيحاء»، موضحاً أنه قطع الطريق صوب منزله بعد تعطل سيارته مشياً وسباحة في الماء مسافة تتجاوز الأربعة كيلو مترات التي تفصل منزله عن مقر عمله، مبيناً أن ملفات العملاء تعرضت إلى التلف وكذلك الحال بالنسبة للحواسيب الموجودة وآلات الطباعة التي تفوق قيمتها ال250 ألف ريال.